تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية الأسبوع الماضي صوراً تحمل شعارات لموظفى قطاع النفط والغاز تدعو إلى تنفيذ قرار الزيادة بنسبة 67% لموظفى القطاع.
وقد امتد الحراك من الموانئ النفطية في الشرق حتى الجنوب والغرب وكانت الصور من عدة مواقع مثل ميناء السدرة وحقل الشرارة وشركة الخليج العربي
وفي هذا الصدد كتب الخبير الاقتصادي ” محمد أحمد ” مقالا عن المطالبات بالزيادة في مرتبات قطاع النفط ، حيث قال إنه و في خلال السنوات الثلاثة الأخيرة شهد قطاع النفط الليبي أحداثا جسيمة بسبب التوتر السياسي الذي تمر به البلد.
وأشار إلى عدة كتابات ماضية وإلى الإنجازات الكبيرة التى كانت على يد ما أسماه “الجيل الاستثنائي ” الذي قاد عمليات نمو القطاع خلال الـ 60 سنة الماضية وفي ظل ظروف بالغة الصعوبة من عدة نواحي.
وأكد أنه شخصياً قد عاصر قطاعات نفطية داخل وخارج ليبيا في قارات ودول متعددة ويشهد بأن القوى العاملة الوطنية الليبية في قطاع النفط من أكثر الكفاءات تأهيلاً سواء من الناحية العلمية أو الفنية للقيام بأصعب المهام في الصناعة النفطية العالمية حيث أن المهندسين و الجيولوجيين و المحاسبين والتقنيين من ليبيا ينتشرون حول العالم في كل شريحة من شرائح النشاط النفطي.
وأضاف :
لا أظنني أكون مخطئا إذ أقول إن شركات عالمية كثيرة ترحب بالمزيد من الكفاءات الليبية في قطاعات النفط والغاز والطاقة ، في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات خرجت مجموعة من الشركات الأمريكية من ليبيا على ظن أن الصناعة الليبية ستنهار بعد فرض حصار محكم عليها فيما يتعلق بالتقنية والمعدات والأسواق.
كما أن تقارير نشرتها وكالة الاستخبارات الأمريكية سي آي أيه (رفعت عنها السرية) تخيلت أن مستقبل ليبيا النفطي سينتهي بخروج الشركات الأمريكية من البلد وأن التفاف العاملين في القطاع لم يهزم هذه الفكرة فقط بل قاد إلى توسع كبير في الصناعة على مستوى الاحتياطات والإنتاج.
وقد وصلت الصناعة الليبية إلى مأزق آخر بمجرد أن بدأت تتعافى من سنوات الحصار الدولي والأمريكي وفي هذه المرة يأتي التهديد من الداخل بعد أن تحكمت ميلشيات غير نظامية وعصابات إجرامية في المواقع والمنشآت النفطية المتناثرة عبر الصحراء الليبية حيث واجه أبناء القطاع هذه الهجمة الشرسة بصدور عارية وبأيدي غير مرتعشة للدفاع عن المصدر الرئيسي للدخل الوطني.
وقال :
أن القصة هنا لا علاقة لها بمصدر رزق أولئك الأبطال الذين واجهوا الصعاب والتهديد بل هو امتداد للتضحية بالنفس في سبيل الوطن حيث أن استهتار الميليشيات لا يوصف فقد قامت باستهداف الخزانات وخطوط الأنابيب ومقرات الإقامة وتم خطف بعض العمال من مواقعهم وقطع خطوط الاتصال والتموين.
ولا يمكن هنا أن ننسى تضحية فئة أخرى وهم جنود القوات المسلحة الذين قاموا بمهمة الشرف في تأمين المواقع والمنشآت النفطية وسمحوا بإعادة تدفق النفط في الأنابيب من جديد لتخفيف المعاناة عن أهلنا.
وقال :
طالبوا أن يتم رفع مرتبات الجنود بنفس القوة التي تطالبون بها برفع مرتباتكم ، ركزوا على عمال الحقول وليس المكاتب ويجب أن تكون المطالبات الحالية تتركز على قرار تم تجميده من قبل مجلس الوزراء في 2013 وينص على رفع مرتبات موظفي القطاع بنسبة 67%
إن المرتبات في قطاع النفط وصلت تقريبا 1.6 مليار دينار ليبي للشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط (باستثناء شركات البريقة وتموين الحقول النفطية، والجوف) في 2017 رفع هذا الرقم بقيمة 67% يعني أن يصل إلى 2.6 مليار دينار سنوياً ، وبسبب عدم وجود أرقام منشورة للموازنة فإننا يمكن أن نفترض أن نصيب المؤسسة في الموازنة الحكومية 5 مليار دينار في 2019 وأن رقم المرتبات بعد الرفع سيعني أنه سيأكل 53% من الموازنة المخصصة للقطاع النفطي بعد أن كان نصيبه 32% ولتلبية الرفع بهذا المعدل فإن المخصص للمؤسسة يجب أن يرتفع إلى 6 مليار دينار تقريباً حتى لا تتعرض المصروفات التشغيلية والرأسمالية التي تحافظ على مستوى الإنتاج إلى التأثر .
ولا بد من ملاحظة أن مستوى التوظيف مرتفع جداً في الشركات مقارنة بالمستويات العالمية وأن إحدى الشركات النفطية الوطنية الكبرى تصرف على المرتبات تقريبا 300 مليون دينار سنويا وهذا يصل إلى ما يقرب إلى 3 دينار للبرميل وبفرض سعر تصريف 1.4 دينار أو دولار فأن كل برميل يكلف 1.96 دولار من بند المرتبات فقط.
وهذا الرقم مقارنة بالمستوى العالمي كبير جداً حيث لا يتجاوز بند المرتبات 0.40 دولار أي 40 سنت فقط وهناك تباين على مستوى الشركات بشكل ملحوظ جدا فإحدى الشركات المشتركة يبلغ فيها بند المرتبات 0.80 دولارا للبرميل وهي بنفس القدرة الإنتاجية للشركة الوطنية والسبب يرجع إلى ارتفاع عدد الموظفين نسبة إلى الإنتاج لذا ينبغي ألا يبالغ المطالبون ” بتنفيذ هذه النسبة الكبيرة من الزيادة ” حتى لا يكون الرد مقترن بتخفيض أعداد العمالة من القطاعات الأخرى في المجتمع.