كتب : الخبير الاقتصادي إبراهيم والي مقالا
هناك عدد من الشروط أو الخصائص التي يجب أن تتوافر قبل أن تحكم بحدوث التنمية.
أولا: – ينبغي أن يكون النمو حصيلة انجازات المجتمع نفسه ومن جميع أفراد الشعب رجال ونساء، لا أن تتم التنمية بفضل رؤوس الأموال الأجنبية والتقنية الأجنبية أو على رواد اقتصاديين أجانب أو حتى نشاط آخر أجنبي مثل التعدين أو حتى قطاع البترول التي تديره شركات أجنبية صاحبة امتياز فإنه لا شك سينتج عنه دخل عال لكل فرد من السكان، إلا أن تصنيف هذا النوع من التنمية أو هذا الاقتصاد في هذه الحالة يوصف بالاقتصاد المتخلف،
لأن الانجاز الاقتصادي للسكان على وجه الإجمال ضعيفا وينتج دخلا ضئيلا في القطاعات الغير نفطية وخارج قطاعات الزراعة والقطاع المنجمى، فلا يجوز تصنيف هذا الاقتصاد بأنه في حالة تنمية.
ثانيا: – البيئة الاجتماعية والسياسية يجب أن تكون قادرة على أن تمد الاقتصاد بكثير من الأفكار والمعرفة والقرارات الصائبة من خلال المؤسسات اللازمة والعمل الكفء والفعال، حيث أن البيئة السياسية المتشضية نتيجة عدم الولاء للوطن والصراعات والانقسام والكراهية، إضافة الى بيئة اجتماعية تعاني الظلم والقهر والاستبداد الاجتماعي فى مناطق ومدن مفعمة بالأمراض والفقر والبؤس.
ثالثا:- يجب أن توجه التنمية طبقا لحاجات الشعب وهذا أمرا ضروريا يتطلب أهداف كلية لاستراتيجيات التنمية وخططها وسياساتها ليتم الرجوع إليها لقياس الانجازات , إلا أنه فى كثير من الأحيان تأتى هذه النتائج متناقضة , بحيث تدل البيانات والمعلومات على معدلات جيدة ومرموقة , فى حين لا يشعر عامة الشعب بنعمة التنمية إلا بشكل هامشي , ومن أهم هذا التناقض ترى أبنية ضخمة وشاهقة ومصانع يُقال عنها أنها أكبر مصانع فى شمال أفريقيا , ومطارات أنيقة وواسعة وملاعب رائعة , مقابل هذه جميعها نرى الأرياف وضواحي العاصمة بنية تحتية مهدمة ومساكن غير لائقة حتى للاستعمال الغير بشرى ونرى الفلاحين والعمال يتضورن جوعا وفقرا , كما أننا نرى سكان المدن المعوزين الذين يفتقرون الى أبسط مقومات الحياة ونجد مقابل ذلك أيضا تناقض آخر غير مقبول ومقيت وهو أفراد شديدي الثراء الى جانب جماعة أخرى شديدة الفقر تحت التراب , وهذه نتيجة أو حصيلة القبول بالتنمية التي تعتمد أو تقتصر على الإحصاءات المبسطة , فى حين يتم التغاضي على الموارد البشرية الحقيقية التى تسكن فى الأكواخ الريفية الحقيرة المحرومة وكذلك الأحياء البائسة فى المدن الكبيرة.
وعليه أن الاهتمام بالتوزيع العادل للثروة لا ينبثق عن دوافع إنسانية فحسب وإنما يرتكز أيضا على واقعية لا علاقة لها بالعاطفة، وإذا لم يحصل سواد الشعب الذي ساهم مساهمة رئيسية فى عمليات الإنتاج على نصيبه العادل من ثمار الإنتاج فإن الإنتاج نفسه سيصاب بالضرر عاجلا أو آجلا.
وأخيرا أن دولة التنمية الحقيقية يجب أن تكون مواردها مختلفة ومتنوعة , ويجب أن تكون منفتحة أكثر بكثير على العالم الخارجي اجتماعيا وثقافيا , وأن يعتمد قادتها السياسيين الى مدى أوسع على قاعدة انتخابية تمثل الشعب وليس كهولا السارقين والمارقين عن الشعب والقانون, يتخابرون مع السفارات، ويتعامل مع السفارات الاجنبية، ويتلقون تعليمات الاستخبارات الخارجية، وينفدون الأجندات الأجنبية ووكالاتها العميلة المحلية، معظم الأسماء المطروحة للوظائف الممنوحة من خلال صفقات الحوار المصلحية الغير شرعية , هم من أوصلونا الى ما نحن فيه من بؤس وشقاء وفساد, فكيف يسمح شعبىً الكريم بعودتهم مرة أخرى حيث أن مكان هؤلاء السجون بعد رفع الحصانة عنهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة , نحن نحتاج شبابا من كل ربوع ليبيا الحبيبة ذات الكفاءات العالية المثقفة الوطنية التي تزخر بها ليبيا وأن تكون حصيلة قاعدة انتخابية تمثيلية تخرج من صلب الشعب الليبي لتخرجنا من ظلم هؤلاء الظلمة والفاسدين لكي يتم التوزيع العادل لموارد الدولة بدون أخطاء , مع العلم أنه لا يوجد شيء أسمه بلد فقير, يوجد فقط نظام فاشل في إدارة موارد البلد , كما يجب أن يساند هؤلاء الشباب بعض المؤسسات الفعًالة من خلال مجلس نواب جديد ورئيس دولة جديد ومصرف مركزي رشيد ومؤسسات رقابية وقضائية قوية, كما لا ننسى رجال الأعمال الموجهين إنمائيا الوطنيين وليس الفاسدين مصاصي دماء الشعب الليبي.