من نعم الله علينا أن منّ على المسلمين بعيدين اثنين أولهما عيد الفطر والآخر عيد الأضحى، ففيهما من المعاني الكثير والكثير لعل من أهمها اشتراك المسلمين كافة في تأدية مناسكهما وإرساء ثقافة التسامح ونشر المحبة وادخال البهجة والسرور على الجميع بمختلف مستوياتهم العمرية..
إلا أن فئة منا رأت هاتين المناسبتين فرصة ذهبية للإرتزاق خاصة وأننا جٌبلنا كمسلمين عموماً وليبيين خصوصا على التفرد بعادات وتقاليد تستلزم من رب الأسرة والأفراد ذوى الدخول مصاريف عادة لايستقيم الاحتفال بالعيد من دونها.
وحيث أننا على مشارف عيد الأضحى المبارك فإن الأمر استدعى منا وقفة على أسعار الأضاحى المحلي منها والمستورد، بداية تجولنا على عديد نقاط البيع العشوائية التي انتصبت في كل مفترقات الطرق تقريباً لاحظنا وجود أعداد من الأضاحي محلية كانت ومستوردة بدت لنا كافية لسد حاجات الأسر لإتباع سنة المصطفى في النحر، الا أن السؤال كان دوماً عن الأسعار ؟ وهل للمواطن القدرة على دفع الثمن؟ خاصة مع شح السيولة وتأخر المرتبات والأسعار الملتهبة للملابس ونقصد هنا ملابس وأحذية الأطفال اذ تكاد معظم العائلات في عيد الأضحى تقصر الملابس على اطفالها دون شبابها بالنظر لجحيم الاسعار وتدني الدخول الشهرية للأفراد.
من خلال جولاتنا على نقاط البيع وأسواق بيع الأغنام الدائمة لاحظنا تفاوتاً كبيراً في أسعار البيع، فالأضحية المحلية الوطنية تبدأ أسعارها من 700 دينار وتستمر ارتفاعاً لنشهد على سعر (خرافي) طلبه احد الباعة ثمناً لأحد خرفانه وهو مبلغ 2600 دينار، وعموماً فإن مبلغ 1000 دينار بدا لنا هو متوسط سعر بيع الأضحية المحلية ذات المواصفات التى يحبذها المضحي في أضحيته.
أما عن الأغنام المستوردة فقد تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً مفادها أن المصرف المركزي قد أذن لعدد 54 شركة بإستيراد الأغنام الحية وبقيمة إجمالية فاقت 100 مليون دولار أمريكي بمتوسط سعر 4 دولار للكيلو الواحد وتوزعت دول الإستيراد بحسب هؤلاء النشطاء على اسبانيا وبلغاريا ورومانيا، الا أننا لم نستطع التأكد من صحة هذه المعلومات من مصادر حقيقية، إلا أننا هنا استطعنا التأكد من أحد الموردين الغير محليين بأن سعر بيع الكيلو الواحد للأغنام الأسبانية هو 1.15 دولار للكيلو الواحد دون أسعار النقل.
وعودة الى أسعار بيع الأغنام المستوردة فقد تراوحت أسعارها مابين 400دينار الى 800 دينار ويحتل الخروف الأسباني صدارة طلبات المستهلك الليبي فيما يخص الأضاحي المستوردة ثم الروماني وأخيراً ذلك الوارد من بلغاريا..
ومن خلال بعض اللقاءات الخاطفة التي جرت بيننا وبين المتسوقين فقد لاحظنا اجماعاً على التأكيد بوجود ارتفاع صاروخي في الأسعار سيما المحلية منها وقد يكون ارتفاع الطلب عليها سبباً رئيسياً في ذلك خاصة اذا ماعرفنا بأن العرف والعادة قد اتجه الى تفضيل الأضاحى المحلية على المستوردة مهما كانت مواصفات واحجام الموردة.
الا أن الباعة كان لهم رأي مغاير فبعضهم اتجه الى إلقاء اللائمة على المستوردين لها بموجب اعتمادات او مستندات برسم التحصيل ، فهم قد بالغوا في أسعارهم فقد بلغت متوسطات أسعار الأضاحى الموردة مابين 250 – 275 دينار يتم اضافة لها مقابل اعلاف وهامش ربح لتصبح أسعارها حسبما سبقت الإشارة.
اما عن أسباب ارتفاع تكلفة الأغنام المحلية فقد عزا بعض الباعة ذلك الى ارتفاع اسعار الأعلاف وارتفاع تكلفة النقل مابين المدن الليبية هذا مع تناقص في اعداد المربين والمشتغلين بهذه الحرفة أصلاً ، وتزايد اعداد الاغنام المهربة لدول الجوار لغرض الحصول على مكسب فروقات اسعار الصرف ، كل هذه العوامل مجتمعة برأيهم جعلت الأسعار تقفز لمستويات قياسية نسبة الى السنوات السابقة.
ختاماً في وقت عزّ فيه الدرهم والدينار، وتفشت موجة غلاء الأسعار ، وغابت الكهرباء دون سابق انذار، في الليل وحتى في النهار، وزاد جشع الباعة والتجار، بدعوى ارتفاع أسعار الدولار، فهل عدمت الدولة ايجاد وسائل الإستقرار؟ أم على المواطن أن ينحنى لهذا الإنكسار؟.