علق أستاذ الاقتصاد “أ.د. عمر زرموح” حصرياً لصدى الاقتصادية حيال مراسلة رئيس مؤسسة النفط لرئيس مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة” بمطالبة تخصيص ميزانية للمحروقات وإلا سيتم توقيف توريدها بشكل تدريجي ، حيث قال ينبغي ألا يكون هذا الموضوع محل جدل ولا مساومات كما يفهم من الأسلوب الذي كتبت به الرسالة حيث تبدو كما لو أنها تحمل صيغة أو معنى التهديد (تخصيص ميزانية أو سيتم تخفيض التوريدات من الوقود) بينما الآمر لا ينبغي أن يكون كذلك.
وأضاف أن أسلوب شراء الوقود من الخارج في الوقت الحالي، سواء وصف بمقايضة النفط أم وصف باستخدام جزء من إيرادات النفط من قبل المؤسسة هو أسلوب في التصرف في المال العام بالمخالفة لقانون النظام المالي للدولة وبطرق تنفذ خارج الميزانية ولا تخضع للرقابة المنصوص عليها في القوانينواللوائح التنفيذية، وبالتالي، حتى دون أي ملاحظات تثار في التقارير الرسمية، فإن هذا الأسلوب يعد أسلوباً خاطئاً وتجاوزاً لا مبرر له وما كان ينبغي أن يحصل أصلاً ولكن حيث أن الإدارة السابقة للمؤسسة قامت به متجاهلة التشريعات النافذة، فإن الإدارة الجديدة ما كان ينبغي لها الاستمرار فيه بأي حال من الأحوال. لذلك أؤكد أن موضوع التوقف عن هذه التجاوزات لا ينبغي ولا يجوز أن تكون محل جدل أو نقاش أو مساومات.
وتساءل “زرموح” عن نفقات المؤسسة الوطنية للنفط بالقول: قبل أن نسأل عن تخصيص ميزانية للإنفاق على شراء الوقود، دعنا نتساءل عن نفقات المؤسسة نفسها في شتى أغراضها؛ هل تنفقها بمقايضة النفط أم باستخدامها لإيرادات النفط التي تصل إليها وقبل إحالتها للمصرف المركزي أم تنفقها من خلال ما يحال إليها من وزارة المالية طبقاً للمخصصات المعتمدة لها؟ الإجابة هي أن المؤسسة لا تنفق إلا وفقاً وفي حدود المخصصات المعتمدة لها في الميزانية العامة للدولة، والأمر ليس متروكاً للمؤسسة بشكل مفتوح، فلماذا يستثنى شراء الوقود؟!!! لا يوجد أي مبرر فالمؤسسة لها مخصصاتها المعتمدة سنوياً (بصرف النظر عن طريقة الاعتماد سواء كانت في شكل قانون للميزانية أم في شكل ترتيبات مالية أم غير ذلك) وبالإضافة إلى ذلك هناك بالنسبة للوقود بند الدعم الذي يتركز معظمه في دعم المحروقات فما المشكلة في ذلك؟!!!
وتابع أن المشكلة لدينا تتمثل في غياب السلطة التشريعية التي من أهم واجباتها اعتماد قانون الميزانية للدولة، إن ما لدينا هي سلطة مماحكات سياسية وتعنت لا يستند إلى أي أساس من العلم أو المنطق، سلطة لم نرى منها إلا الحروب والتشرد وضياع الأمن وإغلاقات النفط والتضخم والأزمات الاقتصادية، ولو ترك الأمر لهم لمات الناس جوعاً وعطشاً.
مضيفاً بالقول: لذلك رأينا حكومة الوفاق قد لجأت إلى ما يعرف بالترتيبات المالية لحل المشكلة وإيجاد طريقة لاعتماد مخصصات للميزانية العامة للدولة، كما رأينا حكومة الوحدة الوطنية قد لجأت إلى فتوى قانونية تجيز لها تخصيص مبالغ مالية عندما تتأخر الميزانية رغم أن الميزانية لم تتأخر بضعة أشهر فقط بل تأخرت بضع سنوات بل غابت بغياب السلطة التي يجب أن تعتمدها، وعلى سبيل المثال لم يعتمد ما يسمى “مجلس النواب” أي ميزانية للسنوات من 2016 إلى 2021 وكأن ذلك ليس من وظيفته، عليه فإن ما فعلته حكومة الوفاق ثم حكومة الوحدة الوطنية كانت كلها حلولاً مؤقتة واضطراربة لا مفر منها في ظل هذا الوضع.
وقال: من المستغرب أن يطلب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط تخصيص ميزانية لشراء الوقود ويضع لذلك شرطاً إما أن تلتزم به الحكومة وإما أن يتجاوز القوانين واللوائح ويتصرف في إيرادات النفط دون تخصيص ودون حسيب أو رقيب، فهذا فعلاً مستغرب وغير متوقع، وخاصة أنه يعلم أن للمؤسسة الوطنية بنداً دائماً تدرج به المخصصات السنوية للمؤسسة لمختلف أغراضها وبنداً أو بالأحرى باباً تدرج به مخصصات الدعم، لذلك لا مجال لأن يشترط أي شيء.
وختم قوله أنه يعتقد أن الرسالة المشار إليها ليس لها أي محل من الإعراب، وأن عدم كتابتها كان أفضل من كتابتها لأن الصحيح هو أن الإنسان المهني يتصرف وفق القانون اللوائح وليس اتباعاً لمن كان قبله حتى وإن كان خاطئاً.