لاتزال مرحلة الشد والجذب مستمرة بين وزارة النفط ومؤسسة النفط، وربما وصلت لحد مرحلة كسر العظم، ففي خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء المنعقد بمدينة غريان الأسبوع الماضي برئاسة الدبيبة، صرح وزير النفط وبدون مواربة بأن مؤسسة النفط تبدو غامضة فيما يخص سياسة توريد المحروقات التي تتم بمعرفتها، فيما بدا أن كل طرف يلقي باللوم على الطرف الآخر ، كما أشار كلا من وزير النفط ونائب رئيس الوزراء إلى تضاعف استيراد كميات الوقود دون أن تكون هناك أسباب ظاهرة لمضاعفة الكميات.
اللافت تدخل الدبيبة مبرراً تصرف المؤسسة بزيادة كميات الاستيراد بأنها بناء على احتياجات شركتي البريقة والكهرباء واللافت أن هذا التبرير لم يصاحبه لا تقارير ولا احصائيات فنية بالخصوص.
من جديد يثور عون وزير النفط على مؤسسة النفط مسترشداً ومستشهدًا بأنه وفقا لصحيح القانون فإن تبعية المؤسسة لوزارة النفط وليس إلى رئيس الوزراء او مجلس الوزراء.
الاجتماع شابه مناكفات بين الحويج وزير الاقتصاد والدييبة بخصوص الايرادات، الآمر الذي جعل الدبيبة يوقف البث عن الحويج.
لم يخلو الاجتماع من تشكيك أيضاً بوجود نقص في الايرادات النفطية من قبل مؤسسة النفطة بقيمة بلغت 3 مليار، من جانب آخر شدد الدبيبة على وجهة نظره بشأن رفع الدعم عن الوقود لاستهلاكه جزءاً كبيراً من موازنة الدولة واستمرار عمليات تهريبه شرقاً وغرباً وجنوبًا..
وعلق رجل الأعمال الليبي “حسني بي” في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: تابعت الجدل القائم على الإيرادات ونفقات الحكومة ، منها مقايضة النفط الخام بالمحروقات ، وذلك منذ صدور تقرير ديوان المحاسبة الصادم للعام 2022 الشهر الماضي ومستمر حتى الآن وكان موضوع حوار ساخن بمجلس الوزراء .
وتابع: الشعب الليبي لم يستوعب ماورد بتقرير ديوان المحاسبة ولم يستوعب أزمة الدعم والمقايضة حتى نشأت أزمة مستحدثة جديدة من أوائل اهتمام الشعب الليبي “ارتفاع سعر الدولار أو انخفاض سعر الدينار بالسوق ،تعدى الفارق قرابة 25% بين الرسمي والموازي (بعد استقرار فارق لم يتعدى 7% لمدة سنة ) ، تعدى لساعات سعر 6.280 دل/$ الأسبوع الأخير من أكتوبر ( فاجعة ).
وأضاف: خلال الأزمة والتراشق بالاتهامات و في أول أسبوع من نوفمبر الجاري صدر تقرير مصرف ليبيا المركزي، جاء بتقرير مصرف ليبيا المركزي أن إيرادات النفط الموردة لمصرف ليبيا المركزي كانت 19.7 مليار دولار حينما الانفاق بميزان المدفوعات وصل إلى 30.6 مليار دولار.
وأضاف: تبين عجز 10.9 مليار دولار مما آثار ذعر لدى الجميع ولم يوضح المركزي سبب هذا العجز منها ما يتعدى 2 مليار دولار تمثل شراء المركزي 15 طن ذهب لتعزيز رصيد المركزي من الذهب و 8 مليار دولار مصروفات الحكومة لم تتوفر بياناته .
وأضاف: السعر والتخوف اضطر مصرف ليبيا اتخاذ إجراءات تقشفية غير معلنة ، إلا أن تمكن السوق من قرائتها ومنها ارتفع سعر الدولار خلال أيام 25% .( شبح التضخم خام على الجميع ) وبعد ذلك الارتفاع الغير مبرر آخر اكتوبر ، عاد وانخفض سعر الدولار ( بعد جني المضاربين الأرباح واستغلال جهل العامة بامور السياسات النقدية ) ، استقر الدولار في مستوى 5.600 وهو معدل مرتفع حيث يمثل 14% أعلى من السعر المعلن والرسمي وأعلى 7% من السعر المنطقي الذي لا نعتقد يمكن تجاوزه “5.200 دل/$ ” .
وتابع؛ نظريات كثيرة نشرت وأشعلت الحديث على صفحات التواصل الاجتماعي منها أن المؤسسة الوطنية للنفط توقفت عن تحويل ايرادات النفط لمصرف ليبيا ( كذبة ) فجميع صافي إيرادات النفط والذي تمثل 58% من قيمة النفط المستخرج ( 1.2 مليون برميل يوميا + 1.4 مليار قدم مكعب غاز يوميا ) تم تحويلها لحساب الحكومة بالمركزي ونكرر ونؤكد أن هذه الاشاعة عارية عن الصحة .
وتابع بالقول: للعلم أن ال 58% من مقابل الانتاج المحول للمركزي بالدولار لا يمكن أن يتعدى 19 مليار $ خلال 10 أشهر بسعر متوسط 90$ البرميل ( للعلم والتوضيح أن الفاقد من قيمة الانتاج و الذي تمثل إجمالي 42% والغير موردة للمركزي تمثل “12% معدل عام حصة الشركاء الأجانب” و ” 30% قيمة ما يكرر ويستورد مكرر ويمول ميزانية الدعم تحت بند المحروقات بالسوق الليبي )، إذا يبقى السؤال القائم “لماذا ارتفع سعر الدولار “، الجواب أن الطلب على الدولار تعدى معدل العرض ، حيث كان العرض/الطلب التوازني في حدود 1.4 مليار دولار شهرياً حتى ديسمبر عام 2022 , إلا أن خلال عام 2023 ارتفع العرض/الطلب إلى 1.7 مليار شهري بسبب 3 :1- الانفاق بالعجز على حكومتان “شرق و غرب ” 2- التمويل بالعجز ينتج ارتفاع عرض النقود ومنها الطلب على ال$ 3- ارتفع الدين العام ليصل إلى 200 مليار ( حسب اقرار السيد محمد الحويج وكان صادقاً) .
وتابع؛ المركزي من خلال محاولته تخفيض العجز حاول أن يحصر العرض/الطلب في معدلات عام 2022 أو معدل 1.4 مليار دولار شهرياً (انخفاض 22% أقل من طلب 2023 ) ، إجراء نتج عنه ردة فعل السوق 25% و منها ارتفاع الدولار إلى 6.300دل/ دولار، فبعد الرسائل المطمنة والعدول على السياسات ، إنخفض سعر الدولار إلى 5.600 دل/$ وفي خلال أيام معدودة ويمكن للمركزي وضع مزيد من المعالجات حتى الرجوع إلى أقل من 5.200 دل/$ .
وأضاف بأن مصرف ليبيا المركزي أدرك و على علم كامل، بالمسببات ولدى المركزي قدرة جبارة لاحتواء السوق وكبح جماح التضخم والسيطرة عليه وللمركزي القدرة والدراية لمعالجة وتفادي تكرار الأخطاء الذي حصلت خلال الأعوام 2015 إلى 2018 وخلال الثلاث الأرباع الأخيرة من عام 2020 .
ومن جهته علق الخبير الاقتصادي “علي الصلح” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية بأنه لا يوجد غموض في توريد المحروقات وأن هذا الملف مهم ، “كميات تستورد وكميات تهرب”.
وتابع: ومؤسسة النفط توفر كميات بالمقايضة ، لعدم قدرتنا على اعتماد مقترح لحل مشكلة استبدال الدعم.
كما قال الخبير النفطي “عثمان الحضيري” حصرياً لصدى الاقتصادية بأن وزير النفط أوضح الموقف القانونى للوزارة وتبعية المؤسسة ألى وزارة النفط بحكم القانون ،، وأن الجلسة جعلت رئيس الحكومة في موقف حرج جداً ولم يتمكن من الدفاع عن موقفه وتطفله على القطاع.
وتابع بالقول أن الآمر يحتاج إلى تفعيل صحيح القانون لوقف العبث الحاصل وإن احترام تراتبيات والتبعيه يعد احتراماً للدوله وقوانينها واحتراماً للأباء المؤسسين الذين سطروا هذه القوانين التى جعلت من قطاع النفط محترماً من طرف الشركاء الأجانب والقضاء الدولي وأن أي إجراءات قد يتخذها البعض أو يفكر في اتخاذها ضد القطاع تسيء إليه وتسيء إلى مستقبل الاقتصاد الوطني، وأن جلسة مجلس الوزراء فضحت المستور.
في أتون هذه المرحلة الحرجة تتقاذف تيارات اقتصاد البلاد فلم تعد الايرادات تلبي حجم الموازنات المطلوبة وليست هناك موافقات تشريعية ، مع انفاق موازي بلا رقابة، ومركزي تستهدفه الصراعات! فيما يبدو أن العلاقة بين الكبير والدبيبة ليست في مراحلها السابقة، ولم يتفق الليبيون بعد على شكل الحكومة القادمة ولازالت حمى معارك غزة تستعر بما لها من ارتدادات عربية ودولية سياسية واقتصادية ، فهل سيكون ماتبقى من الربع الأخير للسنة المالية الحالية هو المسمار الأخير في نعش اقتصاد لايختلف اثنان على هشاشته وتأثره بأدنى العوامل؟