| أخبار
“خبراء وأساتذة الاقتصاد بجامعة بنغازي” يردون على مذكرة الكبير بشأن فرض رسم على مبيعات العملة الأجنبية
قام مجموعة من الخبراء وأساتذة الاقتصاد بجامعة بنغازي بالرد على المقترح الذي قدمه محافظ مصرف ليبيا المركزي بشأن فرض رسم على مبيعات العملة الأجنبية، وهذا الرد بناء على اجتماع مع رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح الذي طلب الرأي الاقتصادي .
في معرض الرد على مذكرة “الكبير” يرى الاقتصاديون بأن التبريرات التي ذكرها محافظ مصرف ليبيا المركزي غير واقعية وبعضها متضارب وغير متسق، فاللجوء إلى تخفيض قيمة الدينار قد لا تكون هي السياسة الناجعة، فقد سبق وأن فرض رسم على العملة الأجنبية عام 2018 وتم تحصيل 52 مليار دينار من جيوب المستهلكين، ثم تم إستبدال الرسم بتخفيض قيمة الدينار بأكثر من الرسم، حيث كان سعر الدولار بالرسم 3.65 دينار، ومن ثم تم تخفيض قيمة الدينار بنسبة 70% ليصبح سعر الصرف الجديد 4.48 دينار للدولار، أي رفع قيمة الدولار مقابل الدينار بمعدل 220%، وذلك في عام 2021. وقد ذكر المصرف المركزي في ذلك الوقت أن مشكلة السيولة سوف تحل وفقا لهذا الإجراء، وأن سعر الدينار الليبي سوف يستقر وسيعمل المصرف المركزي على رفع قيمة الدينار تدريجيا، ولكن لم يحدث شيء من ذلك .
جاء في مذكرة الرد كذلك: المحافظ الآن يحاول تخفيض قيمة الدينار مرة أخرى لنفس الأسباب والأهداف ويعد بنفس الوعود التي ذكرها في التخفيض الأول، والتي لم تتحقق، إن إستخدام سعر الصرف من قبل السلطات النقدية، خاصة خلال بداية عام 2021، كأداة لتمويل الميزانية العامة وتسديد الدين العام وتوفير السيولة ومحاربة الفساد، خاصة تهريب السلع والمحروقات المدعومة كان ولا يزال له آثار اقتصادية سلبية على الاقتصاد الليبي تمثلت فيما يلي:
ارتفاع أسعار الواردات من السلع والخدمات ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المحلية في ليبيا، وهذا يرجع إلى اعتماد الاقتصاد الليبي على الواردات لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية والرأسمالية أو لتوفير مدخلات الإنتاج المحلي. عدم حدوث تحسن في الميزان التجاري غير النفطي لأن سياسة التخفيض أدت إلى ارتفاع أسعار الواردات بشكل كبير، ومع ذلك لم يحدث الواردات لأنها تعتبر سلعاً ضرورية وليس لها بدائل في السوق المحلي، وعليه فإن تأثيرها السلبي على الميزان التجاري غير انخفاض يذكر في حـ حجم النفطي كان كبيراً.
_جامعة بنغازي النفقات العامة تأثرت سلباً بسياسة التخفيض من خلال تأثيرها على أسعار الواردات وعلى مستوى الأسعار المحلية كما يلي:
أ- انخفاض القيمة الحقيقية للمرتبات والأجور وما في حكمها الدخل الحقيقي)، الأمر الذي دفع بأصحاب المرتبات في مختلف القطاعات إلى المطالبة بزيادتها، ما أدى إلى تضخم الباب الأول من الميزانية، حيث ارتفع إلى حوالي 65 مليار دينار خلال عام 2023.
ب – ارتفاع النفقات التسييرية للدولة على السلع والخدمات المستوردة بنسبة تعادل نسبة التخفيض بسبب أن الإنفاق العام ينطوي على مكون استيرادي مهم، علاوة على ذلك إزدادت النفقات الحكومية على المنتجات المحلية نتيجة لارتفاع نسبة المكون الأجنبي في هذه المنتجات.
ج- تأثر بند دعم الأدوية والمحروقات بشكل مباشر بتخفيض قيمة الدينار الليبي، ومن ثم إثقال كاهل الميزانية العامة بنفقات إضافية لغرض الدعم.
د- بالرغم من أن سياسة تخفيض الدينار الليبي أدت إلى زيادة قدرة المصرف المركزي على توفير الأموال للميزانية العامة، فإن تأثيرها على النفقات العامة كان أكبر، خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان تأثير سياسة التخفيض على النفقات التنموية والتي يتكون أغلبها من إنفاق على سلع مستوردة من الخارج.
ذُكر كذلك بأن زيادة قيمة الأصول الأجنبية في حسابات المصرف المركزي نتيجة لعملية التخفيض، ما مكن المصرف المركزي من إصدار كمية أكبر من العملة الليبية والتي ساهمت في زيادة الأسعار وانخفاض الدخل الحقيقي. إن القيام بفرض رسم على مبيعات الصرف الأجنبي (تخفيض) ضمني لقيمة الدينار الليبي مرة أخرى، سينتج عنه نفس الآثار السابقة، خاصة الارتفاع المباشر في الأسعار وما سينتج عنه من مطالبات مرة أخرى من قبل العاملين برفع مرتباتهم للحفاظ على دخولهم الحقيقية، وهكذا سيتم الدخول في سلسلة من التخفيضات المتتالية لقيمة الدينار على غرار ما حدث في بلدان أخرى مشابهة لطبيعة الاقتصاد الليبي.
وبحسب اقتصاديين جامعة بنغازي فإن حل مشاكل الاقتصاد الليبي عامة ومشكلة سعر الصرف خاصة لا يكون عن طريق تخفيض قيمة الدينار، وما نلاحظه الآن من زيادة في الطلب على العملة الأجنبية هو ناتج عن التضخم غير المبرر في كثير من الأحيان في بنود الميزانية العامة، والسياسة الخاطئة التي يتبعها المصرف المركزي وردود أفعاله تجاه سعر الدولار في السوق الموازية، فمن المعروف في سوق الصرف الأجنبي عندما لا يثق أصحاب الأموال في إستقرار سعر صرف العملة الوطنية فإنهم يبادرون بالتخلص منها وشراء العملة الأجنبية الأكثر استقراراً حتى لا يتعرضون لخسائر في أموالهم وهذا هو حال سوق الصرف الأجنبي في ليبيا، نتيجة لقفل الاعتمادات المستندية، وكذلك التلويح بتخفيض قيمة الدينار منذ شهرين ما أدى إلى زيادة الطلب على العملة ليس بسبب ما يحتاجه الاقتصاد من واردات حقيقية وإنما بسبب رغبتهم في التخلص من العملة غير المستقرة .
وفي لُب المذكرة قيل أيضاً: من المعروف أن قوة أي عملة لا تقاس بكم تساوي من العملات الأخرى، وإنما تقاس بثبات قيمتها واستقرارها، فالعملة القوية هي العملة المستقرة، والعملة الضعيفة هي العملة التي تتعرض للتخفيض من حين لآخر بناء على ما تقدم، وبهدف تحقيق الاستقرار في قيمة الدينار وبالتالي استقرار مستوى الأسعار في السوق والمحافظة على مستوى معيشة المواطن وربما حتى زيادة رفاهيته، خصوصا وأن هناك بيانات تشير بأن معدل الفقر في ليبيا وصل إلى مستوى 40%، وهذا يعني أن 40% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، فإننا نوصي بإتخاذ الإجراءات التالية: –
1- ضرورة ضخ المزيد من العملة الأجنبية في السوق الرسمي للمحافظة على استقرار الأسعار واستقرار قيمة الدينار وخفض السعر في السوق الموازية.
2- استمرار المصرف المركزي في توفير العملة الأجنبية حتى إذا عجزت الإيرادات الجارية عن توفيرها، وتأكيده بأنه سيحافظ على ثبات سعر الصرف الرسمي، وبالتالي فإن ذلك سيدفع أصحاب الأموال ويحفزهم على الاحتفاظ بأرصدتهم في شكل دينارات ليبية لعدم وجود أي دافع أو خوف من تغيير سعر الصرف في المستقبل، وهو ما من شأنه استقرار سعر صرف العملة المحلية.
3- قيام المصرف بالتدخل المركزي بشكل مباشر وسريع إذا ما انحرف سعر الصرف في السوق الموازية عن السعر الرسمي في حدود 5% مثلا، وذلك للمحافظة على استقرار سعر الصرف وليس الحفاظ على مستوى مرتفع من الاحتياطيات أو زيادتها كما يفعل المصرف الآن .
4- ضبط الإنفاق العام من خلال ميزانية معتمدة من قبل السلطة التشريعية، وأن لا يتم تجاوزها بالصرف من خارج الميزانية، مع تنشيط وتنمية مصادر التمويل الأخرى للميزانية العامة.
5- ضبط الاعتمادات المستندية والتأكد من أسعار وكميات الواردات.
6- ضبط ومعاقبة المخالفين من التجار الذين يتحصلون على العملة الأجنبية بالسعر الرسمي ويبيعون السلع حسب أسعار السوق الموازية، كما جاء في المذكرة.
7- العمل على زيادة معدلات الإنتاج والتصدير من النفط والغاز مما يزيد من إيرادات الدولة من العملة الأجنبية.
8-تشكيل لجنة سياسات للتنسيق فيما بين السياسات الاقتصادية وضمان عدم حدوث أي تعارض أو تناقض فيما بينها.