Skip to main content
"أبوسنينة": قراءة في تقرير النتائج الأولية لمسح الدخل والإنفاق الأسري 2022- 2023
|

“أبوسنينة”: قراءة في تقرير النتائج الأولية لمسح الدخل والإنفاق الأسري 2022- 2023

كتب الخبير الاقتصادي “محمد أبوسنينة” مقالاً حول تقرير النتائج الأولية لمسح الدخل والإنفاق الأسري 2022- 2023
الصادر عن مصلحة الإحصاء والتعداد بوزارة التخطيط (مقارنة بمؤشرات بعض البلدان العربية)، حيث قال:

بدايةً، إن صدور مثل هذه التقارير يعتبر مفيداً لأغراض رسم السياسات وإعداد البرامج ذات العلاقة بالشأن الاجتماعي والاقتصادي وإن تنفيد سياسات أو إجراءات تمسّ فئات معينة من المجتمع، أو إقرار سياسات جديدة لتوزيع الدخل وتحديد مستويات الأجور والمرتبات في غياب مثل هذه التقارير وما تحتويه من بيانات حول ميزانية الأسرة، أو غير مؤسسة على المؤشرات المستنبطة من مسوحات الدخل والإنفاق الأسري، يعرض هذه السياسات للإنحراف عن أهدافها ويفقدها الوجاهة والفاعلية، كما أن دراسة ميزانية الأسرة، على مستوى الأسرة في حد ذاتها، تعتبر مفيدة في تحديد أولويات إنفاق الدخل، وتساعد أفراد الأسرة على استثمار أموالهم بأفضل طريقة ممكنة .

يتضح من نتائج مسح الدخل والإنفاق الأسري في ليبيا أن جل الإنفاق الأسري يوجه للإنفاق على الغداء (40.41 % من دخل الأسرة الشهري ينفق على المواد الغذائية) نتيجة لتدني مستويات الدخل وإرتفاع الميل المتوسط للإستهلاك ويأتي في الأهمية، بعد الغذاء على الغذاء، الإنفاق على السكن(23.89%)، ثم الملابس والأحذية.

ولأغراض المقارنة فقد بينت دراسة أجرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا (الإسكوا) أن معدل النمو السنوي لمتوسط دخل الفرد في الوطن العربي خلال الفترة (2015- 2020) كان سالباً مقارنة بمعدل نمو دخل الفرد على المستوى العالمي، وربما كان ذلك نتيجة لجائحة كوفيد 19 غير أن مستويات الدخول في الدول العربية تتفاوت من دولة إلى أخرى، حيث تعد مستويات دخول الأفراد في دول مجلس التعاون الخليجي مرتفعة نسبياً، والأعلى على مستوى الدول العربية، وبمتوسط دخل شهري يقدر بحوالي 1959 دولار شهرياً، ويتراوح حجم الإنفاق على الغذاء في الدول العربية مابين 491 دولار في الجزائر و 125 دولار في اليمن وتتأثر أنماط الإستهلاك ومتوسط الإنفاق الشهري للأسرة، حسب مجموعات الإنفاق الاستهلاكي الرئسية، بمجموعة من العوامل التي يأتي في مقدمتها متوسط الدخل الشهري بالإضافة لمستويات الأسعار والعادات والتقاليد الإستهلاكية ومتوسط عدد أفراد الأسرة وتشير الدراسات إلى أن الجزائر تأتي على رأس دول شمال أفريقيا والمغرب العربي في حجم الإنفاق على الغذاء مقارنةً بأوجه الإنفاق الأسري الأخرى، حيث يقدر الإنفاق الأسري على الغذاء بمبلغ 491 دولار شهرياً، وترجعه الدراسات إلى ثقافة الإستهلاك غير العقلاني، وانخفاض مستوى دخل الفرد، وتأتي الجزائر في الترتيب الثالث عشر عربياً من حيث مستوى دخل الفرد شهرياً، حيث تقدر نسبة إنفاق الأسرة الشهري على الغذاء بحوالي 44% من إجمالى الإنفاق الشهري، وتأتي ليبيا في الترتيب الثاني بعد الجزائر في نسبة ماتخصصه الأسرة من دخلها للإنفاق على الغذاء ( 40.41% ) ، بينما تقدر نسبة الإنفاق على الغذاء في الأردن بحوالي 32.6%, وفي السعودية بنسبة 17.2% ، على سبيل المثال والتوضيح أي أن هناك تناسب عكسي بين إجمالي الدخل الشهري للأسرة ومتوسط ما ينفق على الغذاء من إجمالى الدخل (بإستثناء دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها السعودية وقطر) .

ولهذا نلاحظ إنخفاض نسبة ما ينفق على الغذاء في الدول المتقدمة التي يتمتع فيها الأفراد بمستويات دخل عالية حيث توجه نسبة مهمة من الدخل للإدخار بغية استثمارها في نشاطات تدر عائد لأصحابها .

ويستفاد من هذه المؤشرات بالنسبة للحالة الليبية، إن مستويات الدخول للأسر الليبية تعتبر متدنية ولا تتناسب مع مستويات الأسعار، وأن أنماط الإستهلاك وهيكل الإنفاق الأسري يتأثر إلى حد كبير بالعادات والتقاليد، وأن الطبقة الوسطى التي تآكلت مدخراتها بسبب التضخم لازالت تسعى إلى المحافظة على مستويات المعيشة التي تعودت عليها بتوجيه كل زيادة نظراً على دخلها للإنفاق على الغذاء في المقام الأولى بحكم إرتفاع الميل المتوسط للإستهلاك، تم السكن ولوازمه في المرتبة التانية، وهذا يعني أن معدلات الإدخار الأسري قد تدنت، وأن مساهمة الإدخار العائلي في تكوين رأس المال الثابت تكاد تكون معدومة أي أن هناك خلل في سياسة توزيع الدخل ( التفاوت الكبير بين مستويات الدخل للفئات المختلفة من العاملين ممن يتقاضون مرتباتهم من الخزانة العامة) وتدني مستويات المعاشات التي يتقاضاها قداما المتقاعدين وأصحاب المعاشات الأساسية، مما يهدد الطبقة الوسطى بالإنقراض، ويكرس حالة المجتمع الإستهلاكي وثقافة الإستهلاك غير الرشيد، ويعرض الفئات الهشة للانحدار تحت خط الفقر، مدفوعاً بالإرتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار لذلك ننصح بإيلاء سياسة توزيع الدخل إهتماماً خاصاً ومراجعة كافة القوانين والقرارت المنظمة لتوزيع الدخل، ومراجعة جداول المرتبات الخاصة ببعض القطاعات، ذلك أن الإنتاجية تتأثر إلى حد كبير بمستويات الدخل وعدالة توزيع الدخل كما أن العمل على تجويد نوعية الخدمات التعلمية والصحية العامة سيوفر على مختلف طبقات المجتمع مغبة وتكلفة البحث عن التعليم الخاص والعلاج بالخارج على النفقة الخاصة الذي لاتتناسب نفقاته مع مستويات دخول الأفراد، والإسراع في تطوير وتنفيذ استراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية التزاماً بأهداف التنمية التي أقرتها الأمم المتحدة أو مايعرف بأهداف الألفية الثالتة ( 2030 ) للتنمية المستدامة .

مشاركة الخبر