Skip to main content
||||
|

التسول وظيفة إختيارية أم ظروف إجبارية؟

ظاهرة غريبة على كل المجتمعات رغم ان نشأتها كانت منذ الالاف السنين منذ ان كان الفقر والفقراء ولكنها مع مرور الزمن صارت حرفة خاصة وانها في بعض المجتمعات تدر دخلا وفيراً مما جعل عدد ممارسيها يرتفع يوما بعد اخر معتمدة على النساء والاطفال الصغار كمفاتيح للعمل ومصدرا لاستدرار عطف الجميع وخاصة في المجتمعات الاسلامية بإعتبار انهم ليسوا من القوى العاملة في تلك المجتمعات ، مايلاحظ كثرة هذه الظاهرة في هذه الفترة ، هل لأن شهر رمضان موسم لها، ام لأن الفقر قد بدأ يستشرى، ام ان غياب السيولة وراء تلك الظاهرة؟ ام ان موجات النزوح من مناطق التوتر هي من فاقم هذه الظاهرة ؟وهل بات التسول حرفة لمن اراد المال بدون كثير عناء او مشقة؟

التسول وظيفة إختيارية أم ظروف إجبارية؟

للاجابة على هذه التساؤلات كان لابد من شد الرحال الى هذه الفئة التى هي عبارة عن مجتمع مغلق فحتماً لن تجد منهم ترحيباً كما ان التخاطب معهم في أماكن عملهم لن يكون ممكنا كما ان تنوعهم وتعدد اماكن وجودهم شكل عاملا اخر في صعوبة المهمة ،

قبل ان اقترب من عالمهم لبثت بعض الوقت اراقبهم من بعيد الملفت كان قدوم سيدتين معا بسيارة مؤجرة توزعا الادوار وقفت احداهن امام المول والاخرى علي الطريق .

التسول وظيفة إختيارية أم ظروف إجبارية؟

لم يكن معهن اطفال على غير عادتهن المهم لمحت بعضهم يمد المال اليهن لم تكن المبالغ واضحة فلا زال الليبيون حريصون على عدم تمكن اي مار من معرفة القيمة قلت او كثرت تلك القيمة، لم يكن عدد المتصدقين بالكبير كانت النساء هن الفئة الغالبة في التكرم بالتصدق ثم الشباب اما كبار السن من الرجال فكانوا يعزفون عن مد النقود بل ان بعضهم يتمتم بكلام لم اتبينه لخفض اصواتهم قضيت وقتاً في المراقبة ثم انصرفت ولم يفتني طبعا ان اسأل بعض المارة هل هاتان المرأتان في حالة عسر مالي ؟

كانت الاجابة لانعرفهن فهن غريبات على المنطقة في اليوم التالي قصدت بعض التجار حيث يتكرر ان يمر عليهم المتسولون وعن سؤالي لاحدهم هل تعرف ذلك الذي تمد اليه المال؟

معظمهم اعرفهم فهم من ذوى الدخل المحدود جدا ان لم يكونوا عديمى الدخل ولديهم اسر واطفال تتعاظم حاجاتهم المعيشية هكذا كانت اجابة احدهم.. هذه المرة قصدت محلات بيع الذهب وعن طريق صديق قدمنى بصفتى لاحد التجار الذي سالته عن هذه الظاهرة وهل يلاحظ ارتفاعها وهل يشكل الليبيون معظم محترفيها؟

اجابني بقوله ؛ انه وبعد استفحال ازمة السيولة وتنامى تأخر المرتبات وارتفاع الاسعار الغير المسبوق وتصادف كل هذا مع الشهر الفضيل وموسم العيد زاد عدد المحتاجين من الاسر الليبية بالرغم من علمه اليقين حسب قوله بوجود اسر محتاجة تمنعها عزة النفس من ذل السؤال.

وتدخل تاجر اخر بالقول ان شهر رمضان هو شهر الصدقات والجميع يعي ذلك وعليه فان عدد المتسولين رجالا ونساء في ازدياد خلاله نظرا لرغبتهم في استغلاله كموسم لايجاريه في ذلك اي شهر اخر ، وتصادف وجود تاجر مواد غذائية بالقرب منا والذي تدخل بالقول ان هناك تسولاً من نوع اخر وهو شراء سلع ودفع فقط جزء من ثمنها ثم لاحقا شراء سلع اخرى من نفس الزبون ودفع ايضا جزء من المستحق عليه مما يجعل هذا المشترى دوما في حالة مديونية ولكننا كتجار نؤمن بان علينا تحمل جزء من المسئولية تجاه مواطنينا واخواننا وليس كل المسئولية مثلما هو الوضع حاليا الامر الذي يجعلنا نتوقف تقريبا عن البيع بالاجل او منح سقفا ماليا للدين لايمكن للمشتري تجاوزه ..

وللإقتراب اكثر واكثر قامت الصدى بمقابله احدى المتسولات عن الاسباب التى الجأتها لهذا المسلك فأجابتنا بالقول :

أنا اتسول بدون علم اطفالي لانهم بحاجة للمال ويظنون انني اعمل في مكان آخر .. وليس لي معاشاً في الدوله غير صندوق الضمان الاجتماعي الذي لا يوفر لنا دائما المال في ظل آزمة السيوله .. فأنا هنا اضطر إلى التسول ..

التسول وظيفة إختيارية أم ظروف إجبارية؟

وفي لقاء مع أخرى وقد سألناها عن دور الجمعيات الخيرية في معالجة مشاكلهن ؟

فكان ردها بالقول أن اغلب الجمعيات الخيريه ليست هادفه للخير لذلك نصمت ولا نعلن اننا بالحاجة الى من يمد يد العون الينا لانهم ربما سيعرضون خصوصياتنا على التلفاز كما يفعلون مع المواطنين دون حاجة لذلك، انا اُفضل ان أتسول ويقيدني تعبي وما ألاقيه من أن يقوموا بنشر صدقاتهم وعطفهم المقيد علينا في وسائل الاعلام هكذا ختمت حديثها..

لكن ماكشفت عنه هذه الايام خالف التوقعات فبعد عملية امنية بمدينة مصراته خلال اليومين الماضيين ،قامت جهات امنية بإلقاء القبض على متسولات وبعد التحقيق معهن تم الكشف على ان وراء هؤلاء النسوة مواطن مصرى يقيم بمدينة زليطن يقوم بتوزيعهن صحبة بعض الاطفال على مواقع معينه بغية جمع اكبر مبالغ ممكنة ومن ثم يقوم بجمعها واعطاءهن اجرة مقابل ذلك وقد تم القاء القبض على هذا المواطن وأقر بذلك في التحقيقات التى أجريت معه ،

التسول وظيفة إختيارية أم ظروف إجبارية؟

 

هذا يجعلنا نتجه الى تأكيد قول القائلين بأن التسول باتت مهنة وليست فعلاً عن حاجة لمن فقد معيله ، ورغم ان الجميع يكاد يلقى باللوم على الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها هذا و انها السبب الحقيقي في هذه الظاهرة ولا يلقي بالا على ان معظهم قد استغلها في تكوين مصدر دخل له .فهل لو تحسنت تلك الظروف ستختفي ظاهرة التسول؟ لندع الاجابة الى قادم الايام..

مشاركة الخبر