نشرت صدى في وقت سابق قضية الثلوت النفطي بين الوهم والحقيقة ، اليوم تظهر الحقيقة ويختفى القناع وتبدأ رحلة البحث عن صدق تلك الصور التي أظهرها جوجل أيرث عن بقع الثلوت في منطقة الواحات.
الواحات مدن الجنوب الشرقي الثلاثه ” جخرة – أوجله – جالو ” يصعب الوصول إليها براً ، فهناك طريق طويل وأحيانا غير معبد للرحلة ، أو أنتظار رحلة طيران الشركات النفطية و التى لها حقول بالمنطقة . وتعتبر مدينة بنغازى على مسافة 3 ساعات ونصف منها .
وهذه الواحات صغيرة وذات كثافة سكانية قليلة وتعتبر من أقدم الواحات في ليبيا وتتميز بتوفر المياه العذبة على مسافات طويلة وكذلك زراعة التمور ، وأيضا بها أكبر مخزون نفطي في ليبيا .
على مدى السنوات الطويلة منذ بداية أكتشاف النفط ، تعتبر هذه المناطق ذات الحظ الأوفر في عمليات التنقيب والاستكشاف وحفر الآبار النفطية .
وبعدد الحقول التي أحاطت بهذه القرى الصغيره بدأ شبح المرض والموت يقترب أكثر فأكثر وبدأت التساؤلات لماذا هذا التكالب على حفر الابار النفطية ووجود العدد الكبير من الشركات المنافسة بالمنطقة منها المحلية ومنها العالمية والتى يزداد خطرها يوما بعد يوم على كل ماهو حي في المنطقة من بشر أو نبات أو حيوان ؟
بدأت المشكلة عندما أصبحت قيمة المواطن الليبي أقل من سعر برميل النفط . ولا يصل إليه منه إلا الفتات والقليل .
دولة منتجه للنفط لايتحصل مواطنيها على المعاش الاساسي الذي يسد لقمة العيش ، وزد على ذلك يتجرعون ويلات الاهمال والثلوث الذي قد يسبب في إنقراضهم على مر السنين.
في هذه القضية كانت لنا لقاء مع م . عوض بترون من منظمة الركب الليبية للسلامة وحماية البيئة ( أوجلة ) ، حيث تقوم الجمعية بتقديم البرامج التوعوية وتقوم بتقديم التقارير للمؤسسة الوطنية للنفط عن تحاليل المياه والاشعاعات .
حيث ذكر لنا أن سبب المشكلة التى تتعرض لها الواحات بدأت نتيجة الأهمال في تصريف المخلفات النفطية ، حيث تقوم الحقول المجاورة للمناطق بطرح هذه المخلفات يوميا .
وأيضا هناك ثلوت ناتج عن المبيدات المستعملة في المزارع ومشاكل تظهرعن استخدام المبيدات والتى قد تكون غير معتمدة او محرمة دوليا لعدم وجود رقابة دوائية .
وفي تقريرنا اليوم نتحدث عن الثلوث الناتج عن المخلفات النفطية حيث تعتبر الواحات محاطة بعدد من الحقول التى تقوم بطرح هذه المخلفات على هيئة أبخره أو اشعاعات .
- المحطة رقم 4 التابعة لحقل النافورة لشركة الخليج العربي
- المحطة 102 مشتركة بين الزويتينة والخليج العربي وموقعها خلف جالو
- المحطة رقم 9 التابعة لشركة حقل الأمان بجانب أوجلة تتبع شركة أوجلة .
- حقول أخرى تتبع شركة ونترشال داخل جخرة وهى قريبة جدا من المنطقة السكنية .
وهناك أمراض عديدة ظهرت في مدن الواحات منها :
- أمراض التوحد
- السرطان
- الجيوب الانفية
- العقم
الاسباب لهذه الأمراض مختلفة أهمها :
- الاشعاعات
- استخدام الانابيب والادوات المهملة والتى بها نسبة ثلوث من قبل المواطنين
- شعلة النار التى تنقل الابخرة السامة
وأشار السيد / عوض إلى أن المحطة رقم 4 خاصة سببت العديد من المشاكل بالمنطقة .
ويعتبر الحرق الناتج للمخلفات والغازات مسبب رئيسي للعتمة التى تظهر في المنطقة وبها مواد إشعاعية خطيرة أثرت في الحيوانات والمحاصيل الزراعية وسببت مشاكل في التنفس والعيون وأيضا ظهور الامراض الجلدية .
ومن ناحية أخري حدث ثلوث سابق بالمنطقة نتيجة لتفجير خط الانابيب 108 التابع لشركة الزويتينة من قبل المخربين وسبب في ثلوث وعتمة كبيرة بتاريخ 1 فبراير 2016 .
وأيضا يشتم المواطنون أحيانا في الصباح الباكر غازله رائحة البيض الفاسد يسبب الموت اذا تعرض له لمدة طويلة ، و قد ذكر سكان المنطقة في حادثة مشابهة قيام المحطة 4 بحقل النافورة التابع لشركة الخليج العربي ، والتى تنتج يوميا من 20 إلى 30 ألف برميل ، يوم 20 اغسطس 2015 بتصريف هذه المخلفات بشكل غير قانوني ، حيث استيقظ أهل مدينة أوجلة على كمية هائلة من الدخان الاسود .
بالنسبة للأمراض التى ظهرت في المنطقة تعتبر في تزايد خطير ، فنسبة الامراض السرطانية لمدينة يبلغ عدد سكانها 10 ألاف نسمة تصل إلى 37 % .وبالنسبة لأطفال التوحد والذين أنشأ لهم في مدينة جالو مستشفى متخصص توجد به 100 حالة طفل مصاب.
ناهيك عن أمراض العقم والاجهاض المتكرر المنتشرة في الواحات بأكملها .
وفي عمل تطوعي للجمعية قامت برفع تقاريرها إلى الجهات المختصة ، من بينها المؤسسة الوطنية للنفط وجمعيات المجتمع المدني وايضا القيام بالتواصل مع الاذاعات والجهات الاعلامية لنشر هذه القضية نظرا لأهميتها .
ورغم ذلك تعانى الواحات من النقص الشديد لأدوية مهمة يجب توفيرها كأدوية السرطان والعقم والجيوب الانفية رغم توفر مستشفى جديد وحديث ولكن لم يتم تجهيزه بأى من المعدات أو الطاقم الفني أو الطبي.
تحاول المؤسسة الوطنية للنفط حل هذه المشاكل بعد زيارة السيد مصطفى صنع الله لمناطق الواحات مع بداية هذه السنة وحسب التصريحات والوعود التى تحصل عليها أهل المنطقة فإن المؤسسة ستحاول حل هذه المشكلة في أقرب وقت ممكن .
ولايزال السؤال قائما هل هو قتل متعمد أم أهمال ممنهج … أم أن حياة المواطن الليبي لاتساوي سعر برميل النفط .
تقرير صدى حصرى