تعاني ليبيا منذ فترة ليست بالقصيرة انقطاعاً متكرراً للتيار الكهربائي صارت ساعاته تتزايد عام بعد آخر، حتى صارت هذه الساعات كابوساً لدى عموم المواطنين في شرق البلاد وغربها، وتتزايد خطوط هذه المأساة بجنوب البلاد.
ومع السرقات المتزايدة للأسلاك الكهربائية وعمليات التخريب المتعمدة لمعدات المحطات تفاقمت هذه الانقطاعات وباتت عبئاً وكاهلاً للحكومات الليبية المتعددة و نظراً لعدم وجود الدعم التمويلي اللازم لدعم القدرة الانتاجية لمحطات التوليد الكهربائية والقيام بعمليات الصيانة اللازمة والضرورية فقد اتجهت الشركة العامة للكهرباء للبحث عن ممول ذو ملاءة مالية للقيام بذلك، وبرعاية من حكومة الوفاق الوطني تم منح الاذن لتمويل مشاريع لإضافة 2000 ميغاوات لغرب وشرق طرابلس ومصراتة وطبرق من قبل الصندوق الليبي للاستثمار الداخلي وهو أحد الصناديق التابعه للمؤسسة الليبية للاستثمار، وذلك وفقا لبرنامج الصكوك الإسلامية الصادرة بموجب قانون رقم 4 لسنة 2016 الصادر عن المؤتمر الوطني العام.
وحيث أن الشركة العامة للكهرباء قد انتهت من مراجعة العروض الفنية ووجدت أن قيمة التمويل اللازم تبلغ ملياراً وخمسمائة مليون دينارا ليبيا ،و استكمالاً لمتطلبات استكمال مشروع التمويل
فقد أوعزت حكومة الوفاق الى وزارة التخطيط خلال شهر نوفمبر الماضي لتقديم خطاب ضمان بقيمة التمويل المقدم من الصندوق والمقدر سداده على مدار 5 سنوات عن طريق إصدار صكوك اسلامية بطريقة المرابحة من خلال سوق المال الليبي.
ولعل من المفيد التأكيد على وجود عوائق قد تقف في وجه قيام المشروع يتمثل العامل الرئيسي فيها بالحالة الامنية التي قد لاتستطيع معها كثير من الشركات الدولية القيام بعملها داخل الاراضي الليبية، وما حادثة خطف المهندسين الاتراك بمحطة اوبارى الكهربائية عنا ببعيد ، كما وان وجود مشترين محتملين لهذه الصكوك بسوق الاوراق المالية الليبي ليس وارداً الى حد كبير الا اذا استثينا قيام بعض الشركات النفطية خصوصاً بذلك اذا ما كانت انظمتها الاساسية تنص على امكانية الاستثمار في ذلك ، كما وان العائد الاستثماري من هذه الصكوك لن يكون مغرياً الى حد كبير بالنظر لحجم المخاطر التي يتعرض لها هذا المشروع في هذه الظروف الاستثنائية .
لكن يظل تمسك حكومة الوفاق الوطني بهذا المشروع خياراً استراتيجيا لدرجة سفر السيد رئيس حكومة الوفاق الى المانيا خلال الاسبوع الاول من ديسمبر الجاري لحضور حفل توقيع انشاء محطتين كهربائتين الاولى بطرابلس بقوة 690 ميجاوات والاخرى بمصراته بقوة 640 ميجاوات وذلك مع شركة سيمنس الالمانية
عموماً ماعلينا سوى الانتظار لرؤية هذا المشروع الاستثماري متبلوراً على ارض الواقع ، تماماً كما ينتظر الليبيون طويلاً لرؤية التيار الكهربائي يعيد تلألأه.