Skip to main content
الخدمات الصحية في ليبيا : داء أم دواء؟
|

الخدمات الصحية في ليبيا : داء أم دواء؟

خلال عقد التسعينات والعقد الأول من هذه الألفية وفي أتون هذه المدة انحدرت الخدمات الطبية بليبيا انحداراً مخيفاً مما ألزم المواطنين للجوء للجارتين مصر وتونس بحثاً عن خدمات صحية أفضل وساعد على ذلك قرب المسافات وإمكانية التنقل إليهما بمختلف وسائط المواصلات ناهيك عن عدم ارتفاع تكلفة العلاج مقارنة بسعر صرف الدولار أو بأسعار الخدمات الطبية بدول أخرى هذا عدا عن عدم الحاجة لمترجم بين المريض والطبيب.

الخدمات الصحية في ليبيا : داء أم دواء؟

ورغم ذلك كانت تتوفر إلى حد كبير بعض الخدمات الطبية بالبلاد كالتطعيمات وعلاجات السكري وغسيل الكلى وبعض من جرعات الكيماوي، ومع قيام ثورة فبراير استبشر المواطن خيراً من ناحية الرقي بالخدمات الصحية إلا أن ذلك لم يحدث، وخلال السنتين اللتين أعقبتا الثورة كان للمواطن الليبي خياراً ثالثاً للعلاج إذ لاحت للبعض فرصة العلاج في تركيا كمركز علاج بديل باعتبار عدم وجود تأشيرة وتوفر الدولار بأسعار قد تبدو مقبولة للكثيرين.

ولكن مع منتصف سنة 2014 وتغير المشهد السياسي بالبلاد انعكس ذلك الأمر سلباً حتى على الخدمات الصحية بليبيا الأمر الذي فاقم من مشاكل المواطنين وباتت التطعيمات نادرة وغابت المراكز الصحية الحكومية نظراً لعجزها وعدم استلامها لمستلزمات تشغيلية مما أربك المواطنين هذا علاوة على توقف خدمات التأمين الصحى لعدد كبير من موظفي الشركات نظرا لعدم وجود مخصصات مالية كافية بميزانياتها تغطى أسعار تلك الخدمات.

الخدمات الصحية في ليبيا : داء أم دواء؟

واليوم رأينا أن نفتح هذا الملف فقصدنا أولاً بعض المراكز الصحية العامة والتي أوصدت أبوابها في وجوهنا قائلة أن المشكلة ليست بحاجة لكشف الغطاء عنها فجميع الليبيين يعرفون أنه لا توجد مخصصات ولا ميزانيات وحتى الكوادر الصحية باتت لا تنتظم بأعمالها فطوابير المصارف ومحطات الوقود ومراكز توزيع الغاز تتطلب وقتاً وجهداً أيضاً.

وكان لنا أن نتجه إلى المتضرر الأول من هذه الأزمة وهو المواطن والذي أجاب عن استفساراتنا من خلال عينة استوقفناها وسبرنا رأيها عن الأزمة فأجابوا :

مواطن أكد قائلاً إنه يجلب معداته الصحية من حقن وكحول بنفسه وأنه يحصل على خدمات التمريض فقط من المستشفى، أي حتى وإن توفرت الإبر في المستشفى فإنهم وحفاظا على مخزونهم الضئيل فإن الممرضات لا يستخدمن إلا الأدوية والمعدات التي نقوم نحن بجلبها.

الخدمات الصحية في ليبيا : داء أم دواء؟

دكتور بالمركز الطبي بطرابلس طلب عدم ذكر اسمه :

أكد أن سبب انعدام المعدات والأجهزة هو بسبب عدم توفر الميزانية وسبب تقصير الدولة حتى أنه منذ ما يقارب سنتين لم يزر أي مسؤول المستشفى،، وإن الكادر المتواجد بالمستشفى لا يتحصل على معاشه بشكل شهري منتظم ورغم ذلك فإن عدد الكوادر يزداد كل سنة أي توجد كوادر التمريض مع بعض نقص في كوادر المتخصصين ببعض المجالات .

واستطرد قائلاً : إن السبب الأساسي لتراجع الخدمات الصحية في ليبيا هو الحكومات والتي تظل فقط تعد بدون تنفيذ أي قرار حقيقي يزيل هذه المشاكل.

د. محمد من ذات المركز رأى بأن حالة الانفلات الأمني وتهديد العناصر الطبية هي أيضاً فاقمت من رداءة الخدمات بل وعزوف كثير من العناصر الطبية عن الالتحاق بأعمالهم في المراكز الطبية الحكومية.

ويبقى بين هذا وذاك المواطن هو دوماً الضحية وإن كان في هذه الحالة ربما ينال الطبيب المعالج بعضاً من مشاكل هذا القطاع فهو بتعرضه لمضايقات من قبل أفراد وجماعات مسلحة تكاد تنهي مسيرته الطبية إن لم تكن حياته أحيانا ثمناً لهذا العبث.

ورغم يقين الجميع أن قطاع الصحة يجب أن يحظى بأولوية مطلقة فلا مجتمع بدون خدمات صحية ولا حياة لائقة بدون رعاية طبية ، إلا أن واقع الحال لم يرقَ إلى هذه الرؤية، فهل من مخرج قريب؟

مشاركة الخبر