نشرت صحيفة ” مالطا اليوم ” الجمعة 23 فبراير أن مالطا تواجه الصعوبات للحد من الهجرة .
فبعد إعلان رئيس الوزراء الإيطالي السابق “سيلفيو برلسكوني” أن مالطا يجب أن تأخذ نصيبها العادل من إنقاذ المهاجرين ، يثير ذكريات المواجهات السابقة مع إيطاليا، فهل ستعاني حكومة جوزيف موسكات رئيس وزراء مالطا من المصير نفسه؟
وأشارت الصحيفة أنه و قبل عام 2012، أجرت إدارة غونزي دبلوماسيتها بشأن الهجرة في ظل حكومة برلسكوني التي يقودها الصقور في إيطاليا، والتي ضمت الجناح اليميني المناهض للمهاجرين ” ليجا نورد” . والتى دعمت كل من الحكومة القومية ، وأن معارضة بقاء المهاجرين سياسة إيطالية مثيرة للجدل تتمثل في إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى ليبيا .
وقد تبين لاحقا أن هذه السياسة تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، غير أن الحكومتين الايطالية والمالطية ادعتا أنهما يفعلان ذلك من أجل حماية المصلحة الوطنية، وكان النزاع القائم بين مالطا وإيطاليا هو إصرار الأخيرة على أن تأخذ مالطا جميع المهاجرين الذين أنقذتهم في منطقة البحث والإنقاذ الضخمة التي تبلغ مساحتها حوالي 250 ألف كيلومتر مربع، أي ما يقرب من حجم بريطانيا العظمى، التي تمتد من تونس إلى اليونان.
وأصرت مالطا على أن المهاجرين الذين تم إنقاذهم ينبغي أن يؤخذوا إلى أول ميناء آمن للدعوة، يكون في كثير من الحالات لامبيدوزا، حتى لو كان قد تم إنقاذ المهاجرين في منطقة سار المالطية، ولم يعطِ وزير العدل الإيطالي روبيرتو ماروني القبول لـ 140 مهاجرا على متن سفينة البضائع التركية بينار E في لامبيدوزا في شهر أبريل إلا بعد توقف دام أربعة أيام ، وبعد إجراء محادثة هاتفية بين غونزي وسيلفيو برلوسكوني في 2009.
وأضافت الصحيفة أنه قد حدثت أزمة رئيسية ثانية في أبريل 2011 عندما أنقذت سفينة مالطية 171 مهاجرا بالقرب من لامبيدوزا. ورفضت السلطات الإيطالية الدخول، مما أجبر السفينة المالطية على جلب المهاجرين إلى مالطا. وأشار جوزيف موسكات إلى أن إيطاليا تقوم بالدفاع عن مصالحها الوطنية من خلال منع دخول القارب.
الحل الليبي بعيد المنال
ومع نمو تدفق الناس من القوارب بعد عام 2004، ووصلت إيطاليا إلى ذروتها في مالطا من 2775 طالب لجوء تم إنقاذهم في عام 2008، وقد سعت إيطاليا إلى منع التدفق من خلال اتفاق مثير للجدل مع ليبيا في عهد معمر القذافي. وفي عام 2009، بدأت إيطاليا سياسة الدفع إلى ليبيا، والتي أعلنت في وقت لاحق عن عدم قانونيتها في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2012.
وعلى الرغم من أن مالطا لم تتبنى أبدا سياسة مماثلة، إلا أن وزير الداخلية المالطي “كارميلو ميفسود بونيشي” جاء بعد يوم من إعادة إيطاليا إلى المجموعة الأولى من المهاجرين، مؤيدا اتفاق إيطاليا مع ليبيا. وخلال حديثه في البرلمان الأوروبي في عام 2010 حول الحوادث في منطقة البحر الأبيض المتوسط، قال رئيس البرلمان الأوروبي “سيمون بوسوتيل” : “إن السياسة الإيطالية تعطي نتائج”.
وعلى الرغم من أنه كان من المفهوم طرح أسئلة حول سياسة عودة المهاجرين إلى ليبيا، إلا أنه لا جدال في أنه نتيجة لهذه العائدات، انخفض عدد القادمين هذا العام عن العام الماضي، وكذلك عدد الوفيات المأساوية”، وقد أسفر الاتفاق عن نقص في أعداد المهاجرين الوافدين في عام 2010. لكن القذافي بدأ باستخدام الاتفاق لابتزاز المزيد من التنازلات من إيطاليا والاتحاد الأوروبي، مهددا “بتحويل أوروبا السوداء” إذا لم تقبل مطالبته بالمال.
وذكرت الصحيفة أن هناك أعدادا من المهاجرين التقطت على الفور بعد انهيار النظام الليبي في الربيع العربي. ومن المفارقات أن إيطاليا والاتحاد الأوروبي لا يزالان يبحثان عن اتفاق دائم مع ليبيا لوقف تدفق الهجرة.
وقد اقترب موسكات من الوفاء بتعهده السابق للانتخابات من خلال وضع الاستعدادات لترحيل عدد من المهاجرين إلى ليبيا بعد انتخابه مباشرة، ولكن تم إيقاف خطته بإصدار أمر قضائي من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وقد برر موسكات تصرفاته بالإصرار على أن هذه هي الطريقة لجعل أوروبا “تستيقظ وتشم القهوة”.
وفي أغسطس 2013 تم إنقاذ 102 مهاجرا معظمهم من شمال أفريقيا، من قارب على بعد 39 كيلومترا قبالة الساحل الليبي من قبل الناقلة المسجلة في ليبريا سالاميس ، حيث قبلت إيطاليا أخيرا المهاجرين الذين تركوا السبل على الناقلة، مما يسمح لهم بالنزول على الساحل الصقلي بعد أن رفضت مالطا دخولهم لمدة ثلاثة أيام.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولا حكوميا كبيرا في مالطا قال في أغسطس 2014:
“لقد أمرت الحكومة الإيطالية حرس السواحل الإيطالي بالتدخل وجمع المهاجرين من القوارب حتى أن السلطات المالطية ملزمة فنيا بالتدخل وفعل المثل”.
وقد شملت عملية مار نوستروم التي أطلقت بعد مأساة لامبيدوزا في عام 2013 استخدام السفن البرمائية والطائرات بدون طيار وطائرات الهليكوبتر بعيدة المدى مزودة بمعدات الأشعة تحت الحمراء، مع ست سفن بحرية، تضم كل منها طواقم تتراوح بين 80 و 250 رجلا. وقد شهدت عمليات الإنقاذ الناجحة للغاية وصول نحو 80 ألف مهاجر إلى إيطاليا في عام 2014، ولا توجد عمليا أي قوارب في مالطا.
وفي مارس 2015 اعترف جوزيف موسكات ” بأن التهديد بالعودة للمهاجرين غير النظاميين كان خطأ”.
وقد نفت الحكومتان المالطية والإيطالية مرارا الاتهامات الموجهة من المعارضة اليمينية الإيطالية إلى أن هذا كان نتيجة لاتفاق يربط بين الهجرة وحقوق التنقيب عن البترول، وإصرار على أن هذا جاء نتيجة تعاون وثيق بين البلدين.
وفي مواجهة الحكومة اليمينية الإيطالية، قد يسعى موسكات إلى إيجاد أرضية مشتركة لموقف أكثر صرامة يربط بين الحكومتين ضد سياسات الهجرة الأوروبية، في الوقت الذي يسعى فيه إلى التوصل إلى اتفاقات جديدة مع ليبيا لإبعاد المهاجرين عن العبور إلى أوروبا.
Dunia Ali