كتب ماثيو إم ريد نائب رئيس شركـــة ” Foreign Reports” ، وهي شركة إستشارية مقرها واشنطن ، ترتكز دراساتها على النفط والسياسة في منطقة الشرق الأوسط.
” أن الأضظرابات السياسية مستمرة في ليبيا ، مع تصاعد وتيرة الضغظ الناتج من حصار موانيء النفط وتقلبات الإنتاج ”
وقال :
لقد أرتفع الإنتاج إلى ما يقرب من مليون برميل في اليوم في الصيف الماضي ، وظل هكذا لمدة عام تقريبًا و أصبحت الانقطاعات أكثر ندرة وأقصر ، وربما أستغرقت بضعة أيام أو أسابيع فقط ، مع زيادة تحسن النظرة الاقتصادية لليبيا بشكل كبير و ارتفاع الإنتاج وأسعار النفط بنسبة 50٪ عن العام الماضي.
أما هذا الصيف ، تغير كل شيء (مرة أخرى)، لقد تم أخذ النفط كرهينة ، ليس من قبل العصابات أو المحتالين ولكن من قبل مرشح رئاسي كان قد حرر الموانئ النفطية منذ عامين.
وأضاف المحلل السياسي :
أن بدأ التعافي الليبي كان كالمعجزة في عام 2016 ، وحدث ذلك بفضل شخصين :
رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله ، الذي وصفته بأنه “أصعب رجل عامل في النفط” ، والرجل القوي الشرقي خليفة حفتر الذي استحوذت قواته على حوالي 75٪ من البلاد في عام 2016.
وأشار بأن (ليبيا لديها سبعة محطات تصدير ، سيطر حفتر على خمسة منها ؛ وحتى وقت قريب صدرت تلك الخمسة نحو 650 ألف برميل يومياً).
وفي عام 2013 وحتى عام 2016 ، أغلقت معظم المحطات بسبب الحصار الذي فرضه إبراهيم الجضران وأخرون ، وكان الإنتاج ضعيفا وانخفض إلى 200 ألف برميل يوميا ، والتى فشلت الحكومة المعترف بها في الغرب ، ومقرها في طرابلس في أزالته أو التصالح معه ولكن وفي الوقت نفسه ، ركزت السلطات المتنافسة في الشرق على تعزيز قوتها بعد اندلاع الحرب الأهلية في عام 2014.
وفي سبتمبر 2016 أجتاح الجيش الليبي تحت قيادة حفتر الموانيء النفطية في الشرق وأطاح بالجضران ، ودعا المؤسسة الوطنية للنفط إلى استئناف عمليات التصدير ، وارتفع الإنتاج بعد ذلك تدريجيا ً و تجاوز المليون برميل يوميا في وجود الأستقرار السياسي والأمني .
وأضاف الكاتب أنه لم يكن على حفتر تسليم المحطات النفطية إلى المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس ، لأنه وفي الواقع تم تشكيل مؤسسة منافسة في عام 2014 على وجه التحديد لأن السلطات الشرقية لم تكن تثق في المؤسسة الوطنية للنفط أو البنك المركزي بطرابلس.
حيث أرادوا تصدير النفط وجمع العائدات بأنفسهم ، فشهادة عدم الممانعة الخاصة بهم فشلت فقط لأن المجتمع الدولي تدخل مراراً وتكراراً و في السابق ، عندما حاول الجضران بيع النفط عام 2013 ، تبنى مجلس الأمن بالإجماع قرارات سمحت للقوى الأجنبية بوقف مبيعات النفط غير المشروعة ، وقد قاموا بذلك في مناسبات متعددة من خلال الاستيلاء على الشحنات ، وأطقم الإنذار ، وتجريد الأعلام ، وإعادة توجيه السفن المحملة بالنفط الليبي.
وبالنظر إلى علاقات حفتر الوطيدة مع السلطات في الشرق – وتأييدها للمؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي – كان من المتوقع على نطاق واسع أن يقوم حفتر بتسليم محطات النفط إليها عام 2016.
لكن ذلك لم يحدث وبدلا منه أعطى حفتر مباركته إلى المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس والكتف البارد لمنافستها في بنغازي. وعلى الرغم من غضبه على الكيفية التى تتم بها توزيع عائدات النفط ، إلا أنه ألقى باللوم على مصرف ليبيا المركزي ، الذي يتعامل مع الإيصالات ، بدلاً من شهادة عدم الممانعة ، التي تركز بشكل صارم على العمليات ، و كان تحرير حفتر للمحطات إنجازاً مهماً أبعده عن الكثير من السياسيين العاجزين ، حتى لو لم تؤد عملية إعادة التصدير إلى تحقيق مكاسب شخصية له ، فإن ذلك الأنجاز سيكون له هدف سياسي عندما يحين وقت الإنتخابات.
لقد تغيرت حسابات حفتر بشكل كبير هذا العام عندما عاد عدوه القديم الجضران إلى مكان الحادث في 14 يونيو ، بعد غياب طويل وشائعات لا حصر لها عن مصيره ، وشن هو ورجاله هجومًا مفاجئًا على اثنين من أكبر محطات إنتاج النفط ( رأس لانوف والسدرة ) ، على طول خليج سرت و أشعلت الاشتباكات حرائق دمرت صهريجين كبيرين في رأس لانوف ، كما تم إغلاق ميناء السدرة كإجراء وقائي ؛ واستولى رجال الجضران لفترة وجيزة على المحطات.
وبعد ذلك استعاد رجال حفتر المحطات في 21 يونيو ، ولم يتم سماع أى أخبار على الجضران منذ ذلك الحين ولكن وبعد أربعة أيام ، أعلن المتحدث باسم حفتر ” أنه لن يتم السماح للمؤسسة الوطنية للنفط بــ طرابلس بالعودة إلى تشغيل المحطات” وبدلاً من ذلك ، سيتم تكليف المؤسسة الوطنية للنفط ببنغازي والغير معترف بها بإعادة تشغيل الصادرات.
وبسبب الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على مبيعات النفط ، بمنع التصرف أو التصدير ألا من خلال المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس ، والذي يعني بشكل فعال أن حفتر كان يحاصر النفط الليبي ، أنخفض الأنتاج في الأسابيع التي تلت ذلك على الرغم من أن الخسارة لم تكن واضحة ، حيث تتراوح تقديرات الإنتاج الحالية من 300-500 ألف برميل في اليوم ، مما يعني أن الإنتاج قد انخفض إلى النصف على الأقل.
أما بالنسبة لحفتر فقد كان هجوم يونيو هو القشة الأخيرة ، وهذا هو الهجوم الثالث للجضران و حلفاؤه ضد المحطات ، حيث أتهم المصرف المركزي بطرابلس بتمويل هذه المليشيات وأن عائدات النفط تذهب إلى أمراء الحرب .
وأضاف :
أن حفتر يلعب دورًا قاسًيا في الوقت الحالي ، لكن لا يوجد سبب كبير للاعتقاد بأنه قادر على تصدير النفط من خلال المؤسسة الوطنية للنفط ببنغازي ، والتي قد تكون أو لا تكون أكثر كفاءة ، وبغض النظر عن ذلك ، فأن المجتمع الدولي مستعد لوقفها ومنعها من البدء في التصدير .
ورغم النفوذ الهائل الذي تحصل عليه حفتر من حصار الموانيء النفطية ، قدم المتحدث بإسمه قائمة بالطلبات في الرابع من يوليو وكان في أعلى تلك القائمة أقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير ، والذي يأمل حفتر بهذا القرار أن يتم قطع الطريق على ممولي المليشيات .
أنه من الأسهل حل الخلاف حول المال و النزاع على السلطة ، وإذا كان حفتر راضياً بالتغييرات التي أدخلت على المركزي في طرابلس ، فأنه بذلك لايزال يملك الخيار بالتخلى عن المؤسسة الوطنية للنفط ببنغازي ، وأعادة الأمور إلى عهدها السابق .