“إن سياسة الاتحاد الأوروبي للهجرة تتجه إلى الأنحلال ويرجع ذلك جزئياً إلى الأساليب الغير فعالة من داخل الاتحاد”
هذا ماذكره تقرير الأتحاد الأوروبي اليوم 13 أغسطس والذي نشر على موقع الأتحاد الأوروبي للشوؤن الخارجية ، حيث أكد أنه يجب أن يكون هذا العام بمثابة تحول في المواقف الأوروبية تجاه الهجرة.
وأضاف
أنه وبعد فترة بين عام 2015-2016 عندما عبر ما يقرب من 220،000 لاجئ ومهاجرون آخرون البحر المتوسط إلى أوروبا كمعدل شهريً ، قام حوالي 18،500 ألف لاجيء برحلة في الفترة ما بين يناير وأوائل أغسطس 2018 ، وقد أتاح هذا الانخفاض الحاد فرصة للاتحاد الأوروبي للتخطيط حول سياسة الهجرة في وقت الأزمات.
ويبدو أن الهستيريا حول الهجرة التي لا تزال تجتاح السياسة الأوروبية منفصلة تماماً عن الحقائق التى تدور على الأرض ، و إن إيطاليا الوجهة الأساسية بالنسبة لأولئك الذين يعبرون طريق وسط البحر الأبيض المتوسط ، تقف كرمز لهذا التناقض ، ووفقاً لرئيس بلدية لامبيدوزا ، وهي جزيرة تمثل الطريق الرئيسي للهجرة في إيطاليا ، فإن هذا العام كان الأهدأ منذ عام 2011.
ومع ذلك فإن معظم الإيطاليين سيتذكرون عام 2018 باعتباره العام الذي طغى فيه خطاب الإثارة على الهجرة على الحملات الانتخابية وأن وزير الداخلية الجديد ماتيو سالفيني قد قدم سياسات مذهلة هيمنت على عناوين الصحف لأشهر .
ومما لا شك فيه أنه بسبب انشغاله بالهجرة ، اختار سالفيني ليبيا كمقصد أول رحلة رسمية له في الخارج ، فمنذ ثورة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي أصبحت ليبيا أرضاً خصبة لمهربي البشر.
وقد جعلت هياكل الدولة الضعيفة في ليبيا وبسبب قربها من إيطاليا نقطة تحول رئيسية للاجئين وغيرهم من المهاجرين من شرق وغرب أفريقيا وأن العديد من هؤلاء الناس يتجمعون في ليبيا قبل محاولة عبور البحر المتوسط على متن قوارب غير صالحة للإبحار حيث يلجؤون بعدها لسفن الأنقاذ والتى أصبحت جسر الأمل للذين يحاولون عبور الحدود من إفريقيا إلى أوروبا ، فأصبحت ليبيا الآن نقطة محورية لتخطيط سياسة الهجرة في أوروبا.
وقد سافر سالفي إلى طرابلس على أمل أستكمال البناء خلف سلفه ، ماركو مينيتي ، بحجة أن النمو السريع وتزايد حجم ثروة المهربين في المنطقة الغربية قد أثر على أقتصاد البلد ، حيث يبدو أن سياسة إيطاليا الأخيرة المناهضة للهجرة ركزت على دفع المبالغ إلى الميليشيات المتورطة في تهريب الأشخاص عبر شمال غرب ليبيا ” وهي مدفوعات تهدف إلى إقناعهم بأن المتورطين في الهجرة وشؤون الشرطة كانوا يعملون في التجارة الأكثر ربحاً مع تزامن هذا النهج مع سياسة الاتحاد الأوروبي المشكوك فيها المتمثلة في تدريب خفر السواحل الليبي على القيام بمهام البحث والإنقاذ ، وهي سياسة أصبحت مصدر إحراج لأوروبا ، بعد أن أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات على قائد خفر السواحل لعلاقته بتهريب البشر”
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع أحمد معيتيق ، عضو المجلس الرئاسي في 25 يونيو 2018 ، طرح سالفيني رؤيته لتطوير هذه السياسة ، كما أنه قال في بروكسل في اجتماع المجلس الأوروبي في 28-29 يونيو ، أنه سيقوم بدعم مشترك مع السلطات الليبية لإنشاء مراكز الاستقبال وتحديد الهوية جنوب ليبيا ، على الحدود الخارجية لليبيا لمساعدة ليبيا وايطاليا ومنع الهجرة الغير شرعية ”
ويبدو أن رفض معتوق للخطة رفضا قاطعا وقوله بأن ليبيا لن تسمح لقوى أجنبية بتشغيل مخيمات على أراضيها ، أدى إلى أن يطرح سالفيني اقتراحا مفزعا برفع حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن على ليبيا ، والذي وصفه بأنه يضعف قدرة السلطات ولا سيما خفر السواحل الليبي على أداء عملها.
وأضافت الأتحاد الأوروبي اليوم
أن لدى سلفيني خطط أوسع لليبيا ، ففي اجتماع المجلس الأوروبي هددت إيطاليا بإعاقة كل التقدم حتى يتم حل قضية الهجرة بما يرضيها هى فقط ، وعلى الرغم من التزام سالفيني بسياسة الهجرة “بما يتماشى مع مبادئنا وقيمنا” ، قال الاتحاد أنه سالفيني سيقدم المزيد من الدعم لخفر السواحل الليبية ويستكشف إمكانية تنفيذ فكرة “منصات الإنزال الإقليمية” ، والتي من شأنها أن تعالج أوضاع اللاجئين والمهاجرين الآخرين.
وفي محاولة لقمع الاستياء الليبي من السياسة المطروحة ، أوضحت السلطات الإيطالية أن المراكز الجديدة ستكون في النيجر وليست في ليبيا. ومع ذلك فإن الاقتراح الخاص بمراكز احتجاز المهاجرين التي ترعاها الدول الأوروبية في ليبيا وإلى جانب دعوات من المستشار النمساوي سيباستيان كورتز لنشر حراس الحدود الأوروبيين في شمال أفريقيا ، يعتبر مصدر قلق للعديد من الليبيين ، وبما أن قطاع الأمن في ليبيا هو مجرد مجموعة من الميليشيات ، فإن هذه الجماعات ستسيطر حتما على أي مركز احتجاز في البلاد وبالنظر إلى أن الميليشيات تهدف في المقام الأول إلى تحقيق أقصى قدر من الأرباح ، فإن الظروف المهينة التي يتحملها المهاجرون في رحلتهم إلى الشمال يمكن أن تتفاقم بعد وصولهم إلى المراكز.
ولقد ساهمت تعليقات سالفيني في ليبيا والمواقف التي أعاد المجلس الأوروبي التأكيد عليها في تدهور سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي ، وإن التزامهم المتجدد بالتكتيكات غير المنتجة يأتي في فترة قد نسميها عاصفة الهجرة ، و حتى الآن قامت سياسات إيطاليا فقط بمنع الطريق عبر ليبيا بطريقة غير مستقرة للغاية والتى تشجع المهاجرين على استخدام المغرب كجسر يربطهم بأوروبا ، على الرغم من مخاطر المسار الصحراوي حيث تحتفظ أوروبا بجاذبيتها للشبان الأفارقة ، لا سيما اللاجئين الذين ينظرون إلى القارة باعتبارها أقرب مكان حيث يشعرون بالأمان.
إن سياسة أوروبا المتمثلة في مساعدة الميليشيات التي تمر “بإنقاذ” السلطات الليبية والمهاجرين هي في حد ذاتها معيبة ، فمن غير المستدام تطوير وكالات حكومية مثل خفر السواحل في بلد تفتقر فيه الحكومة إلى كل من الشرعية المحلية والوجود الوطني ، حيث تهيمن الجماعات المسلحة التي تعمل خارج نطاق سيادة القانون على البيئة الأمنية.
ويمكن القول إن رعاية أوروبا لخفر السواحل الليبي ومراكز احتجازها لا تقل سخونة عن الخطابات التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب حول بناء الجدار على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة ، إنها تسخر من المبادئ والقيم التي يُزعَم أنها تشكل سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك ، يمكن للاتحاد الأوروبي صياغة سياسة هجرة دائمة تقلل من عدد الأشخاص الذين يسافرون إلى أوروبا ويكونون إنسانياً في معاملتهم لأولئك الذين يقومون بالرحلة وعند القيام بذلك ، يجب على الاتحاد توسيع نتائج اجتماع المجلس الأوروبي الأخير نحو نهاية بنّاءة بشكل أكبر.
ليبيا هي واحدة من عدة دول في شمال أفريقيا ترفض مقترحات الاتحاد الأوروبي الخاصة بمنصات الإنزال التي تم أقرارها في استنتاجات المجلس، وتكافح معظم بلدان المنطقة التي تعاني بالفعل من مجموعة من المشاكل المحلية التي تفتقر إلى الموارد اللازمة لمعالجتها ، لاستضافة المهاجرين نيابة عن أوروبا. ومع ذلك ، هذا لا يعني أنها منفصلة تمامًا عن هذه القضية ، فقد أصبحت الحكومات الأفريقية ومنظمات المجتمع المدني على وعي متزايد بالحاجة إلى معالجة الأزمة.
كما أن الاتحاد الأفريقي وافق مؤخراً على اقتراح مغربي بشأن إنشاء المرصد الإفريقي للهجرة والتنمية في الرباط ، بهدف تنسيق سياسة متعددة الأطراف “تفهم وتستبق وتتصرف” بشأن الهجرة.
كما أشار الأتحاد الأوروبي في تقريره بأنه يعترف بوضوح بأن الظروف المعيشية في أجزاء من أفريقيا ، وليس أقلها تلك التي يشيع فيها العنف والقمع السياسي قد تدفع الكثير من الناس إلى المخاطرة بالرحلة إلى أوروبا.
أن مخاوف الهجرة للدول الأعضاء هي أنها قد لا تستطيع السيطرة على نوع المهاجرين الوافدين إلى أوروبا وأن قضية الهجرة تقلل من قدرتهم على التعاون مع الدول الأخرى في مجالات مثل الأمن.
وأنه من شأن مجموعة شاملة من القواعد على نطاق الاتحاد الأوروبي أن تعالج مشاكل طالبي اللجوء كما أنها قد تساعد بلدان جنوب أوروبا مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان ، والتي قد يؤدي نضالها في بعض الأحيان إلى تقويض الوحدة الأوروبية وتعريض اللاجئين للخطر.
وكما قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مؤخرًا ” إن الهجرة وما أدت أليه من فرقة قد تهدد وجود أوروبا ، ومع ذلك فأن هناك فرصة في كل أزمة حيث يمكن وضع إعلان رسمي وجدي لسياسة الترحيل”