Skip to main content
رشيد صوان يكتب عن "الإصلاحات الاقتصادية .. فوائدها وسلبياتها"
|

رشيد صوان يكتب عن “الإصلاحات الاقتصادية .. فوائدها وسلبياتها”

كتب : رشيد صوان

كلنا نعلم أن أي إصلاح يحتاج إلى وقت، حتي السيارة التي هي الذراع الإيمن للمواطن في ظل غياب النقل العام عند إصلاحها يحتاج لرفعها لمحل التصليح وإلى أيام تبقي في الورشة وتتوقف حال الأسرة .. فكلمة إصلاح لا تعني عصا موسي كن فيكون.

فبرنامج الإصلاح الاقتصادي أخد وقتا طويلا و خرج علينا ببعض الغموض ولكن لا يعني هذا أنه خطوة غير جيدة في الانطلاق إلى اقتصاد مستقر وقطع الطريق على من يريد دمار ليبيا.

وهنا سنتحدث عن موضوع مهم، ألا وهو مكافحة الربح غير الشرعي والثراء الفاحش على حساب قوت المواطن وما مدى استفادة المواطن من القرار .. فعندما تفرض الدولة رسوما على الدولار هذا يعني أننا دخلنا في دائرة تكافؤ الفرص وسقوط العباءة على مغتنمي الاعتمادات ..

فوائد رفع سعر الدولار

من فوائد رفع سعر الدولار التوزيع العادل للثروة، وأن كل مواطن سيأخذ حقة من الدولارات المتواجدة في البنوك حتى وإن كان هذا المواطن لا يعرف ما هو الدولار، والعيش الكريم للمواطن يضمن فارق السعر لأرباب الأسر حتى وإن كان بدون وظيفة في الدولة أن يستفيد بفارق السعر بين 1.4 والسعر المفروض بالرسوم.

ومن فوائد رفع سعر الدولار ازدهار الإنتاج المحلي حيث سيضمن زيادة الرسوم لجوء المواطن إلى استهلاك الإنتاج المحلى بدل المورد من الخارج الذي سيكون أغلى سعرا، وكذلك توطين فرص عمل للمواطن في القطاع الخاص وعدم اللجوء إلى القطاع العام عن طريق ازدهار الصناعة وفتح مشاريع جديدة وسترتفع الأجور في القطاع الخاص مما يجعل المواطن يبحث عن فرص عمل في القطاع الخاص بدل العام.

كما سيزيد ذلك من ترشيد الاستهلاك والتقليل من الاستيراد حيث أن التاجر لن يستورد إلا البضاعة التي يستطيع بيعها ولن تجد بضائع صلاحيتها ستنتهي بسبب كثرة العرض وذلك بسبب فتح الاعتمادات بطريقة لا تهم التاجر إذا فقدها لأن فارق السعر في كسب تهريب العملة في الاعتمادات كبير.

وسيتم توفير فائض في الميزانية تستطيع الدولة أن تضخ منه في الباب الثالث وهو التنمية واستكمال المشاريع المتوقفة بأيدي ليبية، وسداد الدين العام وهو يتجاوز 108 مليار دينار ويزيد كل سنة بفارق 25 إلى 35 مليار سنويا وذلك عن طريق الفارق في السعر تحول النقود إلى تسديد التزامات الدولة المحلية ، وتقليل الكتلة النقدية في البلد وسحب وإعدام عدة طبعات وتصبح لا حاجة لها في السوق لأن النقد الموجود يتجاوز 30 مليار دينار ونحن لا نحتاج إلا إلى 10 مليار.

وسيسهم ذلك في كبح التضخم الذي وصل إلى 500% ورجوعة بالسالب وهذا جيد في النمو الاقتصادى ومساعدة المواطن على التماشي مع الأوضاع الجديدة وعدم اللجوء للسلاح والتقاتل فيما بيننا بسبب فرق السعر، وقطع الطريق على من يتحجج بأن هنالك من يأخد الدولار ب 1,4 وهم يأخدونه ب 7 دينار لأنه مسيطر على العاصمة، كما ستتقلص الوظائف تلقائيا في السفارات بسبب السعر الجديد لأن التحويل سيكون على السعر الجديد وهذا لن يغطي احتياجاته في الخارج لأن تحويل الأجور يتم احتسابه على معاشك الأصلي بالدينار الليبي.

ومن فوائد رفع سعر الدولار رخص البضائع في السوق إلى 50% حيث كان التاجر ولو حصل على اعتماد فإنه يحسب الدولار على 6 دينار خوفا من عدم حصوله على اعتمادات أخرى، إضافة إلى الاستغناء عن الحاويات الفارغة بسبب تهريب العملة لأن السعر الجديد سيجعل الدولار متوفر في البنوك لذلك لن يختلق الحيل لتهريب العملة أو جلب حاويات فارغة.

وسيتوقف تهريب السلع الموردة بالسعر الرسمي إلى الخارج وسيصبح إعادة تصديرها فيه قيمة مضافة للدولة، وإلغاء التمويل المشبوه من بعض الجهات غير الشرعية والتي كانت تستفيد من الاعتمادات لتمويل أيدولوجية معينة، ورجوع العملة من الخارج سواء كانت مهربة عن طريق الاعتمادات أو السوق الموازى وذلك لخوف أصحابها من تناقص قيمتها بانخفاض قيمة الدولار.

وسيخلق ذلك توافق الفرص بين التجار فالكل له الحق في فتح اعتمادات سواء أكان تاجرا كبيرا أو شركة حديثة الإنشاء، كما سيزيد ازدهار تجارة العبور، وبالرسوم الجديدة سيسمح بإعادة تصدير أي سلعة موردة وخاصة أن بعض السلع حتى بالرسوم الجديدة ستكون منافسة لأسعار البضائع في الدول المجاورة.

وسيتم إلغاء الفارق بين الكاش والشيك عن طريق توفر السيولة من فارق الرسوم ويصبح التداول بالشيكات وضمان تداول البيع والشراء بدون تخوف، وإلغاء الرشاوى لفتح الاعتمادات التي وصلت إلى 20% مما أدى إلى الكسب غير المشروع لبعض الأشخاص وتكدس المال عندهم بدون إنتاج.

كما سيؤدي ذلك لعدم سيطرة جهة واحدة على الدولار ويصبح متداولا في كل المصارف التجارية وهذا يسهل طريقة الحصول على الاعتمادات أو الحوالات الشخصية، وإلغاء السوق السوداء وعودة احتكار المصرف المركزي لتحديد سعر العملة بدل أن كان تجار العملة هم من يتحكم ويفرض السعر والمضاربة عليه بأسعار وهمية.

وسيسهم ذلك في عدم احتكار الدولار على التجار فقط ويصبح من حق أي مواطن تحويل 10 آلاف دولار للدراسة أو العلاج، وأرباب الأسر لهم الحق في ألف دولار لكل فرد من أسرته.

ومن شأن رفع سعر الدولار الحفاظ على ما تبقي لنا من احتياطي أجنبي نستطيع العيش به لسنوات طويلة بدل أن نصرفه في بضع سنوات، كذلك فإن رفع الدعم السلعي تدريجيا وتحويله إلى دعم نقدي يستفيد منها المواطن مباشرة وتصبح له خيارات بين صرفها على البنزين في الشوارع أو الاستفادة من المبلغ في شراء أي سلعة أخرى، وليس الموضوع أكل وشرب فقط بل أحيانا وجود سلع وخدمات لها أولوية أيضا.

ومن أهم ميزات فرض رسوم على بيع الدولار إلغاء الطوابير في المصارف لأن الدينار سيعود في المصرف سواء كان من التاجر أو المواطن أو من من يكنزونه حتى من مؤظفي الدولة لأن إغراء بيع الدولار بسعر أقل من سعر السوق السوداء سيفتح شهية أي شخص في شراءه وبهذا سيدفع مقابله دينار سيعود إلى البنك.

سلبيات رفع سعر الدولار

أما بخصوص السلبيات في الموضوع أو تخوف بعض الاقتصاديين من القرار يمكن تداركها وإيجاد حلول لها وتشمل عدم صدور القرار من الجهة الشرعية المخولة بذلك وهي المصرف المركزي، ولكن تم تدارك الأمر بطريقة فرض الرسوم، وكذلك الطعن في القرار، والذي لن يحدث لأن القرار كان بفرض رسوم وليس بضريبة لأن الضريبة محتاجة لقانون من البرلمان أما الرسوم فمحتاجة فقط قرار من وزارة الاقتصاد أو من رئيس الوزراء.

ومن السلبيات إذا انفقت الحكومة باليسار ما تحصلت عليه من رسوم بيع عملة باليمين وسندخل في دوامة متتالية من ارتفاع الاسعار، فلا اعتقد أن هذا التخوف في محله، لأن الإسهال في الصرف لن يكون خصوصا في الباب الثالث، لأنه لن يتم إلا من خلال خطة، ونعلم جميعا أن مخصصات ذلك الباب تتحكم بها وزارة التخطيط ومن خلال التجربة تبين أن مخصصات ذلك الباب في أغلب الميزانيات يتم ترجيعها للقصور الذي تعاني منه المؤسسات في وضع خطط مدروسة لتطوير وأحداث مشاريع جديدة.

ومن الأمور التي ممكن أن تحدث غلاء بعض السلع منها الزيت والطماطم بالتحديد، ولكن المواطن لا تعتمد حياته على هذة السلع فقط مقارنة بالضروريات الأخرى ومن يقول أننا نستهلك زيت وطماطم يوميا ففارق السعر في المواد الاخرى يغطى تكاليف الزيت والطماطم لسنوات.

ومن السلبيات عدم تفعيل دور شركات الصرافة لتقليل العبء على المصارف التجارية وسهولة وصول المواطنين إلى تحويل مبالغهم المالية بسرعة لتعطي مردودا سريعا في البلد وتطمينات للمواطنين أن الإصلاحات بدأت، وهذا ممكن تداركه في المدة القادمة خاصة وأن قرار إنشاء شركات الصرافة موافق عليه من فترة طويلة ويحتاج إلى تفعيل الشركات فقط.

إن إضافة الرسوم تساهم في تجفيف منابع المال من بعض الجهات مما يجعلها تتجه إلى القطاع الخاص وابتزازه أو الرجوع إلى دائرة الخطف والمساومة لذلك يجب تقوية فرض الأمن.

ومن ضمن السلبيات كذلك استخدام الفائض من الرسوم في سداد الدين العام وليس في تمويل الميزانية العامة مما سيؤدي إلى رجوع التضخم في البلد، وهذا يمكن التحكم فيه من خلال اللجنة المقرة بين المركزي والرئاسي في عدم اللجوء إلى هذه الطريقة.

ومن بين الأخطاء التي يجب أن لا تكون في القرار والتي ستدخل الشك في قلوب الكثير من الناس ومن بينهم أنا شخصيا فرض سعرين للدولار، ولكن مع ذلك يمكن القول أن القرار في طياته ممتاز ولو كان القصور في هذا البند الذي لايتعدى 20% ولكننا نكون قد خرجنا بنجاح 80% فلنفرض أنه سيكون هنالك تلاعب في هذة الفقرة فلن يكون بالنسبة التي كان عليها قبل صدور القرار بالكامل.

كما أن عدم تتبع الإجراءات المنصوص عليها في القرار بسرعة ستعطي عدم مصداقية للمواطن وأنها ستبقي حبرا على ورق فيجب الجد في إقناع المواطن أن القرار سيدخل حيز التنفيذ لكي يكون داعما له.

وفي النهاية ما أنا إلا مجتهد ولعلي أصيب أو أخطئ، ولكن من المنظور الاقتصادي حتى وإن قال بعض الاقتصاديين أنه يوجد قصور وغموض فيه، فإنه من الممكن تدارك ذلك، والأهم من هذا كله أننا تحركنا بعد كل هذا السكون القاتل .. والموضوع مازال يطول الحديث عنه .. والله الموفق.

مشاركة الخبر