كتب الخبير الاقتصادي “سليمان الشحومي” مقالا بعنوان:
“اقتصاد بدون مؤسسات .. اقتصاد بدون تنمية”
العوامل الأساسية لتحقيق النمو أو التنمية الرئيسيّة في أي اقتصاد سواء كان نامي أو متقدم هي: الاستثمار، القوى العاملة ومهاراتها الإنتاجية، الموارد الطبيعية، التكنولوجيا ومدى استخدامها في الإنتاج والخدمات، ولكن الدراسات الحديثة فحصت معدلات النمو في عدد من الدول ووجدت أن هذه العناصر لا تشكل سوى نسبة ضئيلة مجتمعة من مكون النمو المستدام أو معدل النمو المحقق بالاقتصاد المحلي.
النمو الاقتصادي يعني تحقيق تنمية مستدامة مبنية على نمو مستدام لفترة طويلة من الزمن يحدث فيها زيادة الدخل الحقيقي ولابد أن تكون هذه الزيادة أكبر من معدل زيادة السكان لخلق الثروة، والتي يتم تدويرها في شكل دخول للأفراد بالمجتمع ، العناصر المكونة للنمو الاقتصادي والذي يوسع حجم الاقتصاد ويحقق التنمية المستدامة ويقلص الفقر ويخلق فرص العمل لا تشكل الجزء الأهم من مكون النمو ولكن العامل الأبرز والمسبب الرئيسي في تحقيق التنمية هو وجود المؤسسات الاقتصادية الفاعلة والذي يرتكز على وجود مؤسسات مالية ومؤسسات تجارية و صناعية و خدمية وتكنولوجية، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى مصاحبة مثل المؤسسات الحكومية للرقابة والإشراف، ومؤسسات قضائية وغيرها.
فلا يعني وجود ثروة طبيعية مثل النفط و يباع بالأسواق العالمية إننا في ليبيا لدينا نمو اقتصادي ينعكس علي الشعب، في تقديري إن فقدان الاقتصاد المؤسسي هو معضلة الاقتصاد الليبي، فاستمر انهيار المؤسسات النقدية والمالية بسبب الانقسام والحرب وجل القطاع الخاص يعمل في الظل ويغيب سوق المال كمنظم للاقتصاد ومراقب للشفافية والإفصاح المالي، كل ذلك وغيره يحد من قدرة الاقتصاد الليبي على رفع من مستويات الدخول الحقيقية للناس ويقلص الفقر ويمنح الشباب فرص عمل حقيقية بالقطاعات المنظمة في مؤسسات اقتصادية مختلفة .
ما يحدث الآن هو بالضبط محاولة تحسين الدخول الحقيقية للمواطنين دون خلق ثروة وذلك عبر فقط توزيع جزء من عائد النفط مباشرة في شكل منحة أرباب الأسر بالدولار وعبر سداد مرتبات مباشرة من أموال النفط بعد تحويلها إلى دينارات ودون تحقيق أي إنتاجية تذكر لذلك لابد لنا من خلق وإعادة تنظيم المؤسسات الاقتصادية سواء العامة أو الخاصة حتى يمكن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.