قال مراقب الصناعة طرابلس ميلاد النفاتي إن هناك تحديات تواجه عملهم من خلال عدم وجود مناطق صناعية نتج عنها انهيار مؤسسات صناعية قامت الدولة بإنشائها في السابق. بالإضافة إلى ذلك، ساهم غياب بيئة المنافسة المتكافئة في تراجع القدرة على حماية المصنع المحلي لتأسيس نشاط ناجح مع الشعور بالآمان.
وفي مقابلة مع صدى الاقتصادية، اليوم الأحد، يعتقد النفاتي بأنه في حال قررت الحكومة اختيار طريق رفع الدعم عن المحروقات، فإن ذلك سينعكس على قطاع الصناعة بشكل سلبي وسيؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية ويعطي فرصة للمنتجات المستوردة التي يتوقعون أن تكون بسعر مغري للغاية.
“المصنع المحلي سيواجه مشكلة في نقل المواد الخام وفي العملية الصناعية نفسها ونقل المنتج النهائي في بلد مساحتها شاسعة”، يقول مراقب اقتصاد طرابلس.
وفي ما يلي نص المقابلة:
في البداية، ما هي مراقبة الصناعة؟
مراقبة اقتصاد طرابلس تمثل إحدى الجهات التي تُعنى بتقديم الخدمات في المجال الصناعي وفق القرار رقم 22 لسنة 1989 والقرار 35 لسنة 2012 الخاص بإنشاء المؤسسة الصناعة.
يتمحور عملنا من خلال قبول طلبات إنشاء مؤسسات صناعية، حيث تُقدم المستندات إلى لجنة مختصة بشأن آلية القيد بالسجل الصناعي وهو المعيار الأساسي والقانوني الذي نعمل من خلاله. بعد دراسة طلبات الراغبين في إنشاء المؤسسات الصناعية يمكننا إصدار الرخص الصناعية للورش والمصانع وتقييدها في سجل خاص لا يتكرر، إضافة إلى الكثير من الأعمال الأخرى في هذا المجال.
هل هناك خدمات خاصة تقدمها مراقب صناعة طرابلس؟
نحن نقدم خدمة القرار الصناعي وقيد المؤسسات بالسجل الصناعي من خلال الزيارات الميدانية ومع التواصل المباشر بالأجهزة الرقابية للتدقيق في المعلومات بحيث تكون البيانات صحيحة، إضافة إلى الاطلاع المباشر على الإنشطة الصناعية كنوع من الدعم وتقديم التوجيهات اللازمة من حيث الرفع من مستوى الجودة والرقي بالصناعة، مع إقامة ورش عمل في حالة وجود تحديات تواجه المصنع المحلي بشكل مباشر.
بنجاح الأنشطة الصناعة واستمرارها، نحن نعتقد بأن المواطن سيشعر بنوع من الآمان داخل القطاع الخاص، مما يساعد في توجه المواطنين للعمل على إنشاء مؤسسات صناعية أو اقتصادية أخرى.
أبرز المشاكل التي تواجه قطاع الصناعة في البلاد؟
تنحصر أغلب التحديات التي تواجهنا في عدم وجود مناطق صناعية نتج عنها انهيار مؤسسات صناعية قامت الدولة بإنشائها في السابق. بالإضافة إلى ذلك غياب بيئة المنافسة المتكافئة والتي تقدم حماية للمصنع المحلي لتأسيس نشاط ناجح مع الشعور بالحماية.
مع عدم وجود سوق مستقر، تمثل هذه القضية أمرًا مهمًا بالنسبة لنا، إضافة إلى عدم توفر قاعدة بينات حقيقية وفاعلة؛ والتي تمكن صناع القرار من اتخاد خطوات فاصلة في عدة مجالات تحق العدالة. إن الإرتباك الكبير في السوق المحلي وتفاوت الأسعار بانخفاض وارتفاع مفاجئ يضر بأي مؤسسة ناشئة.
في فترة الاعتمادات المالية اضطررنا للخروج في زيارات ميدانية لنتفاجئ بوجود شركات هي عبارة عن مجموعة من المستندات داخل حقيبة فقط، بينما يحاول أصحابها الحصول على دعم مالي لشراء المواد الخام وبيعها.
التفاوت في سعر الصرف نتيجة حصول بعض الشركات غير الحقيقية على اعتمادات من المصرف المركزي بينما أصبح العديد من المصنعين يشترون المواد الخام من الخارج بسعر مرتفع، أدى إلى إنهيار مؤسسات صناعية كان يعول عليها في الحقيقة. نحن نحتاج إلى بيئة منافسة حقيقية مضبوطة من قبل الدولة.
مقارنة بالسابق، ما الذي تغير في قطاع الصناعة؟
حاليًا ومن خلال التعديلات الأخيرة على القانون التجاري، لا يوجد تمييز بين القطاع الخاص والعام المجال مفتوح بينهم بالتساوي ولاتوجد ميزات تعطى للقطاع الخاص عن العام. وفق اللائحة المالية والتنفيذية للقوانين توجد قيم ورسوم تدفع وهي تعتبر شكلية حيث تصل قيمة القيد الجديد إلى 30 دينارًا بينما رسوم التجديد لا تتجاوز الـ15 دينارًا، وهي تمثل تشجيعًا لممارسة النشاط الصناعي، وهي خطوة جيدة للأمام.
في السابق، الدولة قامت بمجهودات لإنشاء مناطق صناعية ولكن كانت السياسة المتبعة عبر شراء الأراضي وتعويض الملاك الأصليين وخروجهم نهائيًا من المشروع الاستثماري ولد مشاكل، حيث أن البعض لا يرغب في البيع والبعض الأخر لديه نمو اجتماعي الأمر الذي سبب نوع من المقاومة وبالتالي فشلت أغلب المناطق الصناعية.
نحن عرضنا على بعض الملاك إنشاء مناطق صناعية عبر مبدأ المشاركة، من خلال إشراك أصحاب الأراضي في المشاريع الصناعية. نحن نمضي قدما بهذا الاتجاه لإنشاء تلك المناطق.
ما هي نظرتكم للشركات الصناعية المتعثرة؟
نحن ننظر إلى الشركات الصناعية المتعثرة والمتوقفة عن الانتاج من خلال تشكيل خارطة استثمارية متكاملة وفتح الباب أمام الشراكة والتكامل الصناعي مع الاتجاه نحو التكتل الاقتصادي ودمج تلك الشركات لتصبح لديها إمكانيات أقوى للنجاح.
بعض المؤسسات الصناعية التي أنشاتها الدولة إنهارت نتيجة اعتماد تلك الشركات على الدعم النقدي عبر الاعتمادات المستندية التي تفتح وفق سعر الصرف الرسمي وعبر تغطية بأجل وفترة زمنية غير محددة. إن عدم توجه الشركات المساهمة لاستثمار رأس المال والدخول في شراكات محلية ودولية واعتمادها على الدولة إضافة الى التكدس الوظيفي المبالغ فيه داخلها ساهم في فشلها.
في ظل التكتلات الاقتصادية العالمية يجب علينا الانتقال إلى الانفتاح والشراكة الدولية وأن نصبح امتدادًا لمؤسسات عملاقة، وهذا يجعل النمو الصناعي أسرع.
ماذا عن المعرض الصناعي؟
نحن نعمل على تجهيز معرض صناعي يعتبر قناة تواصل حقيقية وفعالة بين جميع الشركات الصناعية من خلال زيادة فرص التعاون مع المؤسسات الدولية وإعطاء صورة واضحة للمستثمر الأجنبي.
هل لديكم محاولات مع بعض المؤسسات للنهوض بالصناعة؟
لدينا تعاون مهم مع المؤسسة الوطنية للنفط، نحن نعمل على عقد ورشة عمل مشتركة من أجل تبني المشروعات البتروكيماوية والذي يعتبر قطاع مهم وحساس، نحن نحاول التوجه نحو الصناعات التي نملك المواد الخام الخاصة بها، ولدينا مساحة جيدة للاستثمار في هذا المجال.
ما رأيكم في قرار رفع الدعم عن المحروقات؟
هناك من يتحدث عن محاولات الدولة رفع الدعم عن المحروقات، في حال قررت الحكومة إختيار هذا الطريق، فأنه سينعكس على قطاع الصناعة بشكل سلبي وسيؤدي إلى إرتفاع أسعار المنتجات المحلية ويعطي فرصة للمنتجات المستوردة التي نتوقع أن تكون بسعر مغري للغاية. المصنع المحلي سيواجه مشكلة في نقل المواد الخام وفي العملية الصناعية نفسها ونقل المنتج النهائي في بلد مساحتها شاسعة.
لماذا لا نشاهد محاولات إنشاء مصانع لإعادة تدوير النفايات؟
بالنسبة لإعادة تدوير النفايات المختلفة، نحن نرى بأنها مشكلة يتحملها المواطن مناصفة مع مؤسسات الدولة؛ حيث أن التقافة المجتمعية تساهم في تصنيف المخلفات للمساعدة في التخلص منها ولكن نحن نفتقذ ذلك. النظام السابق كان في جدال مستمر حول إيجاد طريقة لإنشاء تلك المصانع بدون فائدة.
الآن هناك محاولات لإنشاء مصانع إعادة تدوير المخلفات عبر مشاريع تقوم بها شركات دولية للتخلص من الخردة، لكنها تبقى محاولات محتشمة ولا ترتقي للمستوى المطلوب.