| مقالات اقتصادية
بعرة يكتب مقالاً بعنوان “مصرف ليبيا المركزي وحق التاجر الفرد في إجراء الحوالات الخارجية اللازمة لنشاطه”
كتب الخبير القانوني “طه بعرة” مقال بعنوان “مصرف ليبيا المركزي وحق التاجر الفرد في إجراء الحوالات الخارجية اللازمة لنشاطه”
في إطار اختصاصات مصرف ليبيا المركزي المستمدة من المادة (5) من القانون رقم (1) لسنة 2005م بشأن المصارف وتعديلاته، المتعلقة بإشرافه على السياسة النقدية والإشراف على عمليات تحويل النقد الأجنبي خارج ليبيا، وتنظيم سوق الصرف، المتناغم مع حق كل شخص طبيعي أو معنوي تحويل ما يملكه من نقد أجنبي خارج ليبيا وفق المواد (41 ، 44) من ذات القانون.
وفي ظل توقف العديد من المنتجات أو الخدمات المصرفية الأساسية بالمصارف التجارية، المدرجة بالفقرة (2) من المادة (65) من قانون المصارف، وعلى رأسها خدمة الحوالات الخارجية المباشرة، والتحويل بمستندات رسم التحصيل، وخطابات الضمان.
وباعتبار أن مصرف ليبيا المركزي تنفيذاً لإتفاق الإصلاحات الاقتصادية المبرم مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بتاريخ 12 سبتمبر 2018م، قد حدد نوعياً أغراض الحوالات الخارجية للعملة الأجنبية، في أغراض العلاج والدراسة والأغراض الشخصية بقيمة لا تتجاوز العشرة الآف دولار أمريكي سنوياً، وقصر التحويل التجاري على الاعتمادات المستندية فقط، وسكت عن الحوالات الصغيرة والمتكررة لصغار التجار.
وفي ذات السياق وتنفيذاً للإتفاق المشار إليه بشأن الإصلاح الإقتصادي، أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني قرار يقضي بحظر إستيراد السلع والبضائع بدون إجراء تحويلات عبر القنوات المصرفية، والذي ألحقه بقرار تجميد إستمر في تمديده فيما بعد.
سُن كل ذلك مع حظر اللجوء إلى السوق الموازي والوقع تحت طائلة جريمة التعامل بالنقد الأجنبي خارج إطار القنوات الرسمية للدولة، والمنصوص عليها في المواد (46 ، 105) من القانون رقم (1) لسنة 2005م بشأن المصارف وتعديلاته.
يظهر وكأن السلطات الرسمية تمنح الإذن للتاجر الفرد بإستيراد سلعه وبضائعه والإتجار فيها، وتمنعه من سداد ثمنها للمصدر بالطرق الرسمية وغير الرسمية، أو كما قيل “رمته في اليم مكتوفاً وقالت له إياك إياك أن تبتل بالماء”.
كافة الإجراءات السابقة لم تحل دون إستمرار تجارة الإستيراد التي تقوم عليها الدولة الليبية غير الصناعية، وإضطرت بعض التجار إلى إبتكار حلول معقدة، ودفعت تجار آخرين لتغذية أنشطتهم من خلال اللجوء إلى السوق الموازي، وخلقت تجار بالسوق السوداء خارج رقابة الدولة الليبية، وأوجدت حوالات خارجية عشوائية وخطرة، وأدخلت فئة كبيرة من المواطنين في دائرة جريمة التعامل في النقد الأجنبي دون ترخيص، وجريمة مزاولة المهنة دون ترخيص، وربما جرائم غسيل أموال وغيرها..
في حين أن فتح القنوات الشرعية وإستخدام الأداوت المصرفية التقليدية، وحتى الإذن بمزاولة الصيرفة والحوالات خارج المنظومة المصرفية وتحت رقابة السلطة النقدية، تعد أيسر بكثير من إقفالها وأكثر خدمة للإقتصاد الوطني ومكافحة الجريمة وملاحقتها.
لكل ذلك وتضامناً مع المناشدة المتأخرة لوزارة الإقتصاد والصناعة، والمطالبات المتكررة من رجال الأعمال وأصحاب النشاطات التجارية الصغرى، نوصي مصرف ليبيا المركزي بتفعيل المنتجات المصرفية بالمصارف التجارية، وتيسير خدمة التحويل لأصحاب المشروعات التجارية الصغيرة، وتعزيز الخدمات بالإذن لمكاتب الصيرفة بالمزاولة تحت رقابة السلطة، وبما يكفل جباية ضرائب للدولة وفتح فرص عمل مقننة.