Skip to main content
"عبد الجليل أبوسنينة" يكتب لصدى مقالاً بعنوان المليشيات واقتصاد الحرب والوعي الليبي
|

“عبد الجليل أبوسنينة” يكتب لصدى مقالاً بعنوان المليشيات واقتصاد الحرب والوعي الليبي

كتب: الباحث الاقتصادي الدكتور عبدالجليل على أبوسنينة لصحيفة صدى الاقتصادية مقالاً بعنوان “المليشيات واقتصاد الحرب والوعي الليبي”

ابتداءً يجب أن نتعرف على هذا المصطلح المسمى بـ”المليشيا” .. يرجع أصل الكلمة إلى اللاتينية من مصدر MILES والتي تعني جندي في عام 1590، ثم استخدمها الناطقون بالإنجليزية على أنها MILITIA، بالتالي تحولت إلى اللغة العربية بمعنى ميلشيا، وتعرف المليشيا بـأنها الفرقة القتالية المكونة من مجوعة من المسلحين غير المحترفين وليسوا جنوداً نظاميين. بمعنى أنها غير خاضعة لسلطة الدولة، على الرغم أن المليشيا تتشكل أحياناً لمواجهة ظروف طارئة حيث تكون القوات النظامية غير قادرة على مواجهة بعض الأزمات بشكل مؤقت إلا أنها قانونية ورسمية.

وبدورنا هنا سنعرف المليشيا طبقاً للأزمة الليبية الراهنة بأن تتكاتف جهودنا لترسيخ المفهوم التالي: (أن المليشيا هي أي تنظيم مسلح لا يخضع لسلطة الدستور الليبي ولا يكون ضمن بنود هذا الدستور وقوانينه)، ومن هذا المنطلق فإن المليشيا في ليبيا هي كل الشخصيات التي تستحوذ على المشهد الإعلامي أو القبلي، الحزبي، الديني، التشريعي، التنفيذي أو العسكري وتمتلك أذرعا مسلحة تسليحاً خفيفاً أو متوسطاً أو ثقيلاً, وتفرض قوانينها الخاصة وتدعي تبعيتها للدولة تسمي نفسها “جيش أو تنضوي تحت أي تسمية”‫، وبمجرد رصد جرائم تنكيل وخطف وقتل خارج القانون وآثار دمار وخراب فإن هذا يعني “مليشيا مرت من هنا” وباعتبار أن الغنيمة هي ” كل ما يغنم في ساحة المعركة بقوة السلاح” فإن أغلب الجنوب والشرق والغرب تحول الى ساحة غنائم مفتوحة من ميزانية الدولة بالإضافة للأملاك العامة والخاصة والمؤسسات والوظائف السيادية في الدولة والسيطرة على قناة ضخ المال من العملة المحلية والأجنبية مقابل “الحماية والعيش في أجواء شبه الدولة “.

 وعطفاً على ذلك وانعكاساً على وضعنا الليبي ومن مبدأ “دعه ينهب دعه يمر”، يتم تدمير الاقتصاد الليبي بعناية ويؤسس بديلاً له اقتصاد المليشيات، تزامناً مع ارتفاع معدلات الفساد المالي والإداري وانقسام المؤسسات الحكومية وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي حيث تزداد شراهة الإنفاق الحكومي المنقسم وزيادة مطالبه الماليةً مع الضغط المصلحي الضيق فتكون الأولويات لصالح الأنشطة الأمنية والعسكرية على حساب الإهمال للأنشطة الإنتاجية والأنشطة المتعلقة بحياة الناس اليومية كالصحة والتعليم والخدمات البلدية والتنمية، وعلى مستويات الأسعار بالتضخم، وعلى الموارد البشرية بالهدر والتخلف وتدهور الإنتاجية.

المليشيا تعني أن العنف والاضطرابات تتقوى بضعف الفرص الاقتصادية، فإذا زادت التوترات العسكرية والأمنية أو حدث قصور في البنى التحتية والإدارية في المناطق التي تحت سيطرة المليشيا يتم تبني خططاً متواضعة يتولاها مقاولون من خارج إطار الحكومة، ليصبح الأداء الاقتصادي مسير من قبل المبادرات الخاصة ومسير من قبل مجموعة مصلحية فئوية تلبي جموح المليشيا ليؤمن لها البقاء، والسعي الدؤوب لترسيخ فكرة أن الاستقرار المنشود هو سياسي واجتماعي وليس اقتصادياً بالضرورة، وأن المليشيات لا تسبّب الاضطراب الاجتماعي أو السياسي، لأن القوة العسكرية والأمنية هي الأداة المعوّل عليها لتحقيق الغايات الاقتصادية والسياسية والمظلة الحقيقية للمبادرات الخاصة وضامناً لها! لأن جرعة عدم الاستقرار متوفرة دائماً! فمتى يستيقظ الليبيون كل الليبيين ويتفهموا أنهم في ظل اقتصاد الحرب، وأن اقتصادهم هو تأمين تصدير النفط للغرب مقابل ضمان تمويل آلة الحرب! وذلك من خلال دعم أطراف قبلية وسياسية وجماعات مصلحية وجماعات العودة للنظام السابق وأشخاص يطمحون لعسكرة الدولة، بالمال والسلاح وتوفير الغطاء الإعلامي والسياسي للكل على حد السواء.

ويكون غطاء ذلك تحت فزاعة الإسلاميين وشماعة الإرهاب، في الوقت الذي يتم فيه ضمان تمويل موظفي الدولة وضمان الحد الأدنى للمعيشة مع السعي للخراب ودمار البنية التحتية والفساد والتضخم الذي يؤدي إلى انتشار الجريمة المنظمة وازدهار حركة التهريب، لإيجاد مبرر للمجتمع الدولي في تشديد العقوبات الاقتصادية وتطبيق قاعدة النفط مقابل الغذاء مع التأكيد على ضمان عدم التدخل المباشر من قبل الممول الأجنبي (عربي بغطاء غربي أو غربي) المهم في الأمر هو ضخ الأموال في شريان الاقتصاد للمحافظة الزمنية على شرعية المنطقة الخضراء (!) المسيطرة “المنشف بالليبي” والتحول إلى دولة مديونة وفاشلة، شبح التقسيم، وصولاً إلى التسليم الطوعي بالتدخل المباشر بشروط الممول الأجنبي (عربي بغطاء غربي أو غربي) !!

من لم تعلمه المواعظ أدبته الحوادث * وكما يقال: ظن العاقل خير من يقين الجاهل…!!

مشاركة الخبر