كتب: الخبير والمهتم بالشأن الاقتصادي د. علي الصلح”
عند لا تمتلك الدولة استراتيجية معينة لتحقيق أهداف قصيرة الأجل وطويلة الأجل تظهر مثل هذه البيانات الصادرة من السلطات المختلفة للدولة، فقد أكد مصرف ليبيا المركزي في بيانهُ – الصادر في الثاني من أبريل من العام الحالي – ردا على البيان الصادر عن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني منفرداً، والمنشور في الصفحة الرسمية، جاء للتأكيد على العديد من النقاط التى يدعو فيها إلى توحيد الجهود واستقلالية المصرف المركزي في تبرير واضح للسياسات النقدية والمالية السابقة، وكذلك الإجراءات اللازمة لمواجهة الأزمة الحالية بسبب وباء كورونا.
لتحليل النقاط الواردة في بيان مصرف ليبيا المركزي سوف نتاولها من خلال أهم الركائز الهامة التى أشار لها البيان وهي بأن مصرف ليبيا المركزي مؤسسة سيادية تتبع السلطة التشريعية في إطار الاتفاق السياسي، وبالتالي يمكن إيجاز بعض عناصر الأداء فيما يلي:
أولاً: عدم توفر إمكانية مساءلة مصرف ليبيا المركزي من قبل السلطة التشريعية عن مدى نجاحه في تحقيق الأهداف التى تعهد بتنفيذها، (وهنا يمكن أن نشير إلى أن الصلاحيات القانونية الممنوحة لمصرف ليبيا المركزي فيما يخص تحديد الأهداف النهائية، وفترة الاستمرار في الخدمة وانتهائها).
ثانياً: انخفاض درجة الشفافية والمصداقية الكاملة في تحديد أهداف وخطط السياسة النقدية ووسائل تحقيقها والإفصاح عنها بصفة منتظمة وذلك من خلال تقارير دورية عن التضخم والأسعار والمتغيرات الاقتصادية الكلية ذات العلاقة، وهذا من شانه أن يساعد المؤسسات المالية والوحدات الاقتصادية في المجتمع من التنبؤ بمستقبل أكثر استقراراً، والعمل على زيادة كفاءتها الاقتصادية.
ثالثاً: لا يقوم مصرف ليبيا المركزي بتفادي التعارض بين أولويات السياسة المالية وأهداف السياسة النقدية، حيث أن السياسة المالية تعكس وجهة نظر الحكومة وتعمل على خفض ديونها، وذلك يتعارض مع رغبة مصرف ليبيا المركزي من أجل استمرار الأزمة وليس دعمها.
رابعاً: الحد من الهيمنة المالية المتمثلة في تكليف المصرف المركزي بتمويل عجز الموازنة العامة من خلال طبع النقود، وخاصة ان ليبيا لا يوجد فيها أسواق مالية متطورة، لا تعالج بأسلوب سلب الاختصاصات وزارة المالية بل بالتنسيق بين السياسات المالية والنقدية.
خامساً: في ظل الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية فإن عجز الموازنة ليس المشكلة الرئيسية في الاقتصاد الليبي، فالمعالجة بتعزيز دور الدولة في النشاط الاقتصادي حيث تبدأ باستمرار وثبات النفقات العامة وخلق إسهامات اجتماعية، كما يمكن للمصرف المركزي خلق وتحريك الاقتصاد من خلال البنوك التجارية والمساهمة في زيادة نمو الناتج المحلي.
سادساً: الوظيفة الهامة لمصرف ليبيا المركزي إدارة الأموال والمحافظة عليها، ولم يحقق المصرف المركزي أهم أهدافه منذ وقت طويل وهو ( الاستقرار السعري)، ويعتمد دائما في سياسته النقدية على إيرادات الدولة من النفط، وذلك دليل على فشل إدارة السياسة النقدية في الدولة الليبية.
كنتيجة؛ من أهم التحديات التى يتوقف التنسيق الفعال للسياسة المالية والنقدية على الإدارة الجيدة لهذه السياسات التى ينبغي أن يكون لديها دراية معقولة وتقدير علمي دقيق لتوقيت تأثير هذه السياسة على مسار الاقتصاد الحقيقي ممثلاً في المتغيرات الاقتصادية الكلية الأساسية.