صفعة تلوَ الأخرى تضرب الاقتصاد الليبي ذو الثروات الهائلة، حقول نفطية مقفلة، وارتفاع في سعر الدولار، ووباء أصبح كابوسًا يغزو العالم على حين غفلة..
فيروس كورونا؛ الجائحة التي يقف العالم اليوم عاجزاً عن إنهائها وهي تحصد آلاف الأرواح، جائحة أوقفت عجلة الاقتصاد العالمي بشكل كلي .. بعض الدول الكبرى قد أقفلت مصانع إنتاج السلع وعدد كبير ومهول من الأنشطة الاقتصادية حتى شُلً الاقتصاد على جميع الأصعدة.
في ليبيا أصدرت الحكومتان “شرق وغرب البلاد” شهر مارس الماضي قرارات حظر التجول وقفل جل الأنشطة الاقتصادية، وتقليص وظائف القطاع العام.. ومن هنا فالمتضرر الأول من هذه الجائحة هو القطاع الخاص..
مطالبة بتعويض الأنشطة التجارية من قبل الدولة..
قال المدير التنفيذي بمجلس أصحاب الأعمال الليبيين، إن على الدولة تخصيص مبالغ مالية في شكل تعويضات للشركات الناشئة والتجار وأصحاب الأعمال محدودة الدخل والتي تأثرت كثيراً بسبب حالة الطوارئ التي فرضها فيروس كورونا على البلاد.
وبحسب القاجيجي، فإنهم مع الجهات الأخرى التي تمثل القطاع الخاص يعتقدون بأنه في حال أعلنت الحكومة عودة الحياة الطبيعية خلال الفترة القريبة يمكن أن يقلل من الخسائر المالية للتجار وأصحاب الأنشطة التجارية، حتى إنه يمكن التغاضي عن التعويض الذي هو مسألة معقدة مقابل عودة النشاط سريعًا.
وأشار المدير التنفيذي لمجلس أصحاب الأعمال بأنهم يعملون على تقديم مقترح للجهات الحكومية يمكن استخدامه كدليل لعملية التعويضات التي ستقدمها الدولة في حال قررت اتخاذ إجراءات بالخصوص، مؤكدًا تواصلهم مع غرف التجارة وممثلين عن القطاع الخاص لإنجاز المقترح خلال الفترة المقبلة.
“حبارات”: على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها وتقوم بتعويض القطاع الخاص..
قال الخبير الاقتصادي “نورالدين حبارات” إنه يجب أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها وتقوم بتعويض القطاع الخاص لإن لديهم عائلات ومنهم من فقد مرتبه ومنهم من فقد حتى وظيفته، مشيراً إلى أن الترتيبات المالية العام الحالي يوجد بها بند للطوارئ بقيمة 5 مليار يمكن لها من خلاله صرف تعويضات لهذه الفئات شريطة أن تحدد لجان لهذا الغرض وأن تتبع هذه اللجان مبادئ الإفصاح والشفافية في إداء مهامها وبما يضمن ايصال التعويضات لمستحقيها.
“الصلح”: تفعيل القطاع الخاص يتطلب وضع خطة لزيادة النفقات الاستثمارية والتركيز على البنية التحتية
وبين الخبير الاقتصادي “علي الصلح” أهمية تأثيرات جائحة كورونا تبرز في تناول مسألة القطاع الخاص في ليبيا، فهي مسألة جداً هامة وضرورية ليس فقط من خلال ما يترتب عنها في النشاط الاقتصادي من آثار سلبية، وإنما أيضا انطلاقا مما يتعلق بها من قضايا جد حساسة متمثلة سواء من خلال العقبات والعراقيل التي تحد من تطور القطاع الخاص، أو من خلال الإخفاقات التي يتميز بها نشاط القطاع الخاص خاصة في الدولة الليبية، وهي قضايا يتوجب أخذها بعين الإعتبار في سبيل وضع استراتيجية ملائمة لتطوير القطاع الخاص وتفعيل دوره في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء.
وأضاف “الصلح” أن القطاع الخاص يواجه عدة صعوبات وعراقيل من أهمها هيمنة القطاع العام في ليبيا والفساد المالي والإداري وتفشى وباء كورونا، رغم المشاريع التي اطلقت من أجل النهوض به إلا أن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي لاتذكر، ولتفعيل مساهمة القطاع يتطلب من الحكومة وضع خطه تعمل على زيادة النفقات الاستثمارية والتركيز على البنية التحتية، وبالتالي،حجم تاثيرات الوباء على قطاع التجارة على وجهة الخصوص ساهم في اختلال الميزان التجاري حيث أن الورادات الليبية من السلع الغذائية تقدر بحوالى 3.7 مليار دولار (مصرف ليبيا المركزي، 2019) ، وذلك يغطى نسبة 60% من عدد السكان، وعند مقارنة تلك النسبة بالدول الإقليمية نجد أن الاقتصاد الليبي استهلاكي، وذلك دليل على أن انتشار الوباء سوف يعزز من ارتفاع تلك النسبة واختلال الميزان التجاري وذلك لأسباب عديدة من أهمها :
1_ انخفاض سعر الصرف الدينار أمام العملات الأجنبية 2_ ارتفاع معدلات الاستهلاك المحلي وانخفاض مساهمة قطاع التجارة في الناتج المحلي الاجمالي.3_ اعتماد القطاع الخاص على المواد الاولية الخارجية خاصة في مجالات الصناعات المحلية الغذائية. 4_عدم معرفة جيدة باحوال السوق المحلية وضعف دور الحكومة والمصارف في توفير مناخ استثماري والدفع به نحو الاستقرار. 5_ عدم وجود رؤية واضحة للدولة وتحديد التوجهات والسبل لمواجهة الازمة الصحية والاقتصادية.
وأوضح الخبير الاقتصادي أنه يمكن وضع الخطط من خلال المتخصصين لتوزيع حصص استثمارية على مختلف الاقاليم والمدن والمناطق في ليبيا للمحافظة على ديمومة القطاع الخاص، حتى لا يرتكز على مناطق دون أخرى ومساهمته في تحريك السوق المحلي، الاهتمام بإحياء المشاريع التنموية المتعطلة ( كمشاريع الإسكان والمرافق والبنى التحتية )، وذلك لجذب المشاريع الاستثمارية الخاصة في المدن والمناطق المستهدفة، العمل على تأمين المواني والتركيز على الدور الرقابي للمواد المستوردة، معالجة ملف دعم السلع والتحكم في الاسعار ووضع الآليات الناجعة للحد من التهريب وخلق سوق يهدف الى المنافسة والتقليل من الاحتكار، وضع آليات من خلال المصارف التجارية للاقراض ودعم المشاريع الصغرى والمتوسطة بهدف خلق فرص عمل للشباب وضمان استمرارية القطاع الخاص، معالجة ملف الفساد والكسب غير المشروع والتدقيق في ملفات الشركات الخاصة، ووضع التدابير لردع المخالفين.
“حسني بي” : في غياب الدعم الحكومي للقطاع الخاص لا يوجد له خيار إلا مواكبة التغيير من أجل البقاء
وقال رجل الأعمال “حسني بي” إن الحياة بدون إيراد أفضل من إيراد قد يسبب في نشر الوباء ومنها تسبب في قتل النفس والآخرين، آثار الجائحة على الاقتصاد لا تحتاج إلى شواهد وأدلة لأنه اقتصاديات العالم في ” انهيار ” تاثرت به جميع القطاعات ولم تنجو من آثارها دولة ربيعية مثل ليبيا ” انهارت أسعار النفط ودول اتخذت قرارات منع تصدير منتجاتها الدوائية والغذائية، دول أخرى أقفلت كامل مصانع إنتاجها، صناعة السيارات والسياحة انهارت وتوقفت شركات و شركات أخرى أفلست خلال 4 أشهر إلا أنه هناك مجالات أخرى وأنشطة أخرى نمت خلال ذات الفترة ” التقنية والمعلوماتية “.
وقال “بي” حكومات الدول الصناعية وحتى العربية ومنها النفطية قدمت برامج ومبادرات لدعم الاقتصاد الخاص وهذا ما لم يناقش حتى كمجرد فكرة من حكومة ليبيا، ففي ليبيا يرون القطاع الخاص الابن اليتيم إذا لم يكن “الحرام” للاسف رغم اعتماد ما لا يقل عن 2 مليون ليبي على النشاط الخاص، و الأسوء أنه لا يوجد أية فكرة او تصور ولا حتى رؤية لمعالجة واحتواء الأزمة اقتصاديا ولذلك قد تكون الصورة المستقبلية حتى بعد انتهاء الجانحة للاسف ” قاتمة ” فأغلب إذا لم تكن جميع المجالات الاقتصادية ستدخل بأزمة والمؤسسات والشركات ومحلات التوزيع بليبيا الكثير منها سوف تقفل للأبد.
وأوضح أن ما بعد كورونا سيكون العالم والاقتصاد مختلفا عما كان قبل كورونا، عالم جديد برؤية جديدة سوف تنتهي أنشطة تقليدية للأبد و تستبدل بأنشطة جديدة مختلفة وخدمات بديلة، حيث سيزدهر العمل و التعليم والطب عن بعد، وينشط العمل عن طريق ” التواصل الافتراضي” والتجارة الشبكية سوف تأخذ مكان التسوق التقليدي ومنها تتغير ثقافة التسوق، وخلال سنة وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه دون دعم القطاع الخاص 30% من الأنشطة بليبيا مهددة وقد تقفل للأبد، مشيراً إلى أن الخيار المطروح الآن هو مواجهة مخاطر الجانحة من خلال سياسة “القطيع” والخضوع لضغط المواطن لفتح السوق والعمل او تتدخل الحكومة لدعم الأنشطة حتى لا ينهار الاقتصاد.. ففي غياب الدعم الحكومي للقطاع الخاص لا يوجد خيار للقطاع الخاص إلا مواكبة التغيير من أجل البقاء.
مطالبة تجار المحال التجارية التي شملها الحظر…
وطالب في وقت سابق تجار المحال التجارية بالمنطقتين الشرقية والغربية بفتح محالهم كمحلات الملابس وأبدوا اعتراضهم على قرار حظر التجول، مبينين أن هذه المحال هي مصدر رزقهم الوحيد.
كما عمل بعضهم على فتح المحال التي شملها الحظر، وتم إقفالها من قبل الحرس البلدي بالشمع الأحمر وإحالة أصحابها إلى التحقيق لاتخاذ الإجراءات القانونية.
دور الحرس البلدي في قفل المناشط..
وصرح مدير مكتب الإعلام بالحرس البلدي “يوسف القيلوشي” لصحيفة صدى الاقتصادية، أن الحرس البلدي جهاز تنفيذي، مبيناً أنه حين يصدر قرار من المجلس الرئاسي يتم تنفيذه قانونياً، ومن يخالف يتعرض للتحقيق، ولن يتم فتح المناشط التجارية إلا بقرار صادر أيضاً من المجلس الرئاسي.
تأثير المصارف التجارية “الخاصة” بالجائحة..
ورأي الخبير المصرفي “عادل الكيلاني” أن الجائحة كورونا كان لها تأثير سيء على القطاع المصرفي الخاص والعام، وقد يكون أكثر تأثير على المصارف الخاصة بسبب صغر حجمها وضعف حصتها السوقية مقارنة بالمصارف المملوكة للدولة، وتتجلى الآثار السلبية في توقف أو انحسار الخدمة المالية والتمويلية لهذه المصارف نتيجة لتقليص ساعات العمل بها، وفرض التباعد الاجتماعي تفادياً للازدحام في فروع هذه المصارف، إضافة لإغلاق الاعتمادات والحوالات الخارجية بسبب غغلاق المطارات وتقلص عملية التصدير والاستيراد خصوصا في الأيام الأولى للانتشار الفيروس.
كما أضاف ” الكيلاني ” خلال تصريحه “لصدى” أن المصارف الليبية تشكل استثناء بسبب ظروف اكثر تعقيداً تحيط بها ومنها تشظي القطاع المصرفي الليبي وخاصة المصرف المركزي، وإلغاء الفائدة على القروض والسلف، وغياب البديل للفائدة وهي المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الاسلامية، كما يجب أن لا ننسى تأثر القطاع الخاص بجائحة كورونا، بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام والمنتجات التي يتم استيرادها من الخارج، هذا سينعكس على قدرة القطاع الخاص على الوفاء بالتزاماته تجاه القطاع المصرفي الليبي، مشيراً إلى أن هذا يستدعي وضع خطط لمعالجة هذه التحديات ومحاولة تذليل الصعوبات أمام القطاع الخاص، ووضع حلول تتناسب وقدرة القطاع الخاص للوفاء بالتزاماته تجاه المصارف الليبية، وهنا يستلزم الامر أن يلعب مصرف ليبيا المركزي دور كبير في هذا الخصوص.
“الرعيض” : على حكومة الوفاق تخصيص ميزانية لموظفي القطاع الخاص بعد إعلان حظر التجول..
أكد رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة في ليبيا “محمد الرعيض” على ضرورة أن يقوم مصرف ليبيا المركزي بفتح منظومة الــ10 آلاف دينار وتوحيد سعر الصرف حتى يتسنى للقطاع الخاص والتجار جلب البضائع والسلع من الخارج في ظل هذه الأزمة.
وأضاف “الرعيض” أن القطاع الخاص منذ 2005 يورد كل السلع والبضائع من الخارج، فلا توجد دولة وحدها هي من تورد السلع بل أن كل دول العالم تقف في صفها الشركات والمصانع الخاصة، مؤكداً أنه على حكومة الوفاق الوطني أن تخصص ميزانية لموظفي الشركات والمصانع الخاصة بعد إعلان حظر التجول في كامل التراب الليبي، في ظل توقف القطاع الخاص بشكل كلي.
وتابع بالقول: إنه على حكومة الوفاق مساندة كبار التجار والشركات في حل الأزمات، فهناك الكثير من التجار لديهم بضائع داخل الميناء لا يستطيعون إخراجها في ظل هذه الأزمة، مطمئناً أن أغلب التجار لديهم من السلع ما يكفي لمدة 3 أشهر.
ختاماً .. إن ما يعانيه القطاع الخاص اليوم من انهيار بسبب الجائحة كورونا، هو برأي الخبراء انهيار للاقتصاد الليبي .. فهل حقاً ليبيا تعتمد على ما يخلقه القطاع الخاص في ظل توقف أغلب الموارد .. وكيف يمكن حلحلة هذه الإشكالية، وكيف سيعيش أصحاب المشاريع الصغرى التي تعتمد على العمل باليومية، ومن يعوض أصحاب هذه المشاريع، وهل من الممكن أن تسمع كلا الحكومتين صدى أصوات هؤلاء الأكثر تضررًا؟