كتب أستاذ القانون العام “د. طه بعرة” مقالاً بعنوان “لا عوار قانوني في فرض الغرامات المالية بقرارت حكومية”
بتاريخ 06 أغسطس 2020 م أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني قراره رقم 522 لسنة 2020 م بشأن تقرير بعض الأحكام لمكافحة جائحة فيروس كورونا.
تضمن القرار فرض غرامات مالية على المخالفين لأحكامه، وتعرض لنقد شديد ولاذع من قبل ببعض المختصين في القانون والمهتمين بالشأن العام، كونه يتعارض مع المبدأ الدستوري الذي ينص على أنه (لاجريمة ولاعقوبة إلا بنص)، وأن النص يجب أن لا يصدر إلا من السلطة التشريعية متمثلة في مجلس النواب. وحيث أن ذلك النظر قد خالف صحيح القانون وتفسيره، كون قرار الحكومة قد صدر في اطار اختصاصاتها الاستثنائية التي خولها لها المشرع، ليس افتاءتاً على مبدأ الفصل بين السلطات، و انما مواجهة لحالة الضرورة القائمة، المتمثلة في حالة تفشي الوباء العالمي كوفيد 19.
ذلك أن مبدأ (لاجريمة ولاعقوبة الا بنص) لا يتأتى تفسيره تفسيراً ضيقاً بقصر كلمة (النص) على النص الصادر عن السلطة التشريعية دون التنفيذية، فما كان المشرع بعاجز عن ذكر عبارة (إلا بنص من السلطة التشريعية) لو اراد لها ذلك المعنى.
فالفقه والقضاء المقارن استقر على أن السلطة التنفيذية تختص استثناء باصدار القوانين التي اصطلح على تسميتها ب (القوانين بقرارات)، وهي من ناحية تعتبر قرارات لصدورها عن السلطة التنفيذية، و من ناحية أخرى تعتبر قوانين لحوزتها قوة القانون.وهذا الاستثناء يجد محله عند توافر حالة الضرورة وحالة وجود تفويض من السلطة التشريعية، ومن أمثلته في ليبيا المرسوم بقانون بشأن حالة الطوارئ في ليبيا، والقانون بقرار بشأن مكافحة جرائم غسيل الأموال، وقانون تعديل نظام الشركات العامة.
كل ذلك يساند حق السلطة التنفيذية في اصدارها للتشريعات بقرارات، ولا يدعم اي تجاوز للقواعد الشكلية والموضوعية المنظمة لشكل السلطة التنفيذية ومن يمثلها شخص كان أو مجلساً.