أزمة انقطاع الكهرباء المتواصلة منذ ثماني سنوات تزداد تعقيدًا كل عام، دون حلول جذرية لأزمة يراها المواطنون أنها تجاوزت حدها المعقول، وما بين عشر ساعات إلى ما دون الأربعة وعشرين ساعة تنام طرابلس وتصحو محتضنة السواد..
فمنذ 2014 شغل “عبد المجيد حمزة” منصب رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء حتى أصدر المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني بيوليو الماضي قرارًا بإقالته، ليشغل منصبه “وئام العبدلي” كرئيس للشركة..
موظفو الشركة العامة للكهرباء يرفضون تغيير مجلس الإدارة..
في حينها استنكر موظفو الشركة العامة للكهرباء خلال بيان لهم قرار الجمعية العمومية بتعيين مجلس إدارة جديد من قبلها وإقالة المجلس السابق برئاسة “عبد المجيد حمزة”.
حيث أوضح موظفو الشركة أن هذا القرار يعد قرارًا غير صحيح وغير نزيه وعليه عدة ملاحظات، أهمها آلية التقدم لعضوية المجلس والتي لم تكن بصورة صحيحة ولم يتم الإعلان عنها في وسائل الإعلام، ولم تكن هناك معايير وشروط للاختيار من ضمنها عدد سنوات الخبرة والإنجازات المقدمة داخل المجال وخارجه.
كما ذكر الموظفون أيضاً ضمن بيانهم أن لجنة تقييم المترشحين مخالفة لاتفاق الجمعية العمومية المنعقد، إضافة لحضور عميد إحدى البلديات للتصويت على المرشحين وهو ليس من اختصاصه، واختيار مجلس لا يلبي تطوير القطاع وهذا الاختيار قد يسبب في انهيار قطاع الكهرباء “بحسب البيان”.
وطالبوا خلال بيانهم بإيقاف اعتماد مجلس الإدارة الجديد، وتشكيل لجنة للعمل على تسيير إدارة القطاع لمدة ستة أشهر كحد أقصى وأن يكون من عضويات الشركة، مؤكدين تحميل الجمعية العمومية خطورة اعتماد مجلس إدارة جديد والتي ستؤدي إلى تدمير القطاع “بحسب وصفهم”.
الشركة العامة للكهرباء ترد على سبب زيادة طرح الأحمال على العاصمة…
صرح مساعد مدير دائرة الإعلام بالشركة العامة للكهرباء “محمود الرياني” لصحيفة صدى الاقتصادية أن سبب انقطاع الكهرباء المستمر وزيادة ساعات طرح الأحمال هو زيادة ارتفاع دارجات الحرارة مما خلق عجزًا كبيرًا بالشبكة، مبيناً أن العاملين بالشركة يقومون بعملهم على أكمل وجه في إعادة بناء الشبكة ولكن ما يؤخر ساعات رجوع الكهرباء هو التأخير في بناء الشبكة التي تعود بشكل تدريجي.
رئيس مجلس الإدارة الجديد للشركة يصرح..
قال رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء “وئام العبدلي” في تصريح لقناة الوسط رصدته صدى الاقتصادية إن إدارة الشركة عند استلامها مهامها كانت القدرة المتاحة 4000 ميجاوات وهناك 45% عجز في الأحمال، موضحاً أن استلام مجلس الإدارة الجديد للشركة جاء في أصعب الأوقات من انهيار للشبكة والمناخ العام.
خبير نفطي يضع حلول..
أكد الخبير النفطي “عبدالسلام عاشور” ضمن تصريح له لصحيفة صدى الاقتصادية إن أزمة الكهرباء ومن ناحية فنية بحثة وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي يتبناها البعض ويقولون أنها أزمة مفتعلة وغيرها، وحيث أنني لست من ضمن مؤيدي هذا الاتجاه، فإنني أرى بأن الأزمة هى فنية بامتياز وتتلخص فى أن المتوفر، ما يتم توليده غير كافى لحجم الاستهلاك الكبير.
وأضاف “الخبير النفطي” خلال تصريحه أن الحل فى هو أن يكون فى زيادة الإنتاج وهذا يتم وفق مخطط عام، قصير المدى ومتوسط المدي وطويل المدى..
1- قصير المدى استكمال الصيانات ( العمرات ) لتحسين إنتاج الوحدات الحالية وهذا يتم بالتعاون والتنسيق مع الشركات المصنعة والتي تشترط أن يتوفر الأمن حتى تسطيع أن ترسل مهندسيها للمساهمة فى أعمال الصيانة.
2- متوسط المدى باستئناف العمل فى المشاريع المتوقفة بغرض استكمالها مثل محطة سرت البخارية.
3- طويلة المدى وهو التعاقد على إنشاء محطات جديدة لتواكب الزيادة فى الاستهلاك الحالي والمتوقع فى المستقبل هذه هى الحلول الجذرية للتغلب على هذه الأزمة.
خبير اقتصادي يرى أزمة الكهرباء من ناحية أخرى…
أكد الخبير الاقتصادي “نورالدين حبارات” أنه يجب على الليبيين أن ينظروا ويبحثوا في أسباب المشكل ولا ينظروا إلى نتائجه، فالمشكلة في الكهرباء تكمن بالدرجة الأولى في الانقسام السياسي الذي قسم ليبيا إلى دولتين بحكومتين غير ذات سيادة على كامل أراضي البلاد، وللأسف غير قادرتيْن على تطبيق وإنفاذ القانون، بالتأكيد هذه المشكلة أدت إلى عدم قدرة الشركة على تنظيم وضبط طرح الأحمال وعلى عدم قدرتها على ردع أعمال السطو والتخريب التي تتعرض لها الشركة بين الحين وآخر بل هناك من يعتقد إن بعض هذه الأعمال ممنهجة بهدف الحصول على مزيد من المخصصات او بهدف إبرام صفقات لتوريد كميات كبيرة من المولدات الكهربائية من قبل بعض المتنفذين والتي بالتأكيد الطلب عليها سيكون مرتفع جداً لاسيما، وإن الكهرباء خدمة أساسية ولا يمكن تخيل حياة طبيعية بدونا أو حتى في ظل قلتها.
وبين “حبارات”ضمن تصريحه أنه في ظل هذه المشكلة لا تستطيع الحكومة الضعيفة أصلاً متابعة ومحاسبة مجلس وإدارة الشركة فجل المهام المتعلق بحماية مقدرات الشركة من السطو تقع على عاتق الحكومة بالدرجة الأولى وليس على الشركة فالحكومة هي من تفعل أجهزة الشرطة والأمن واتخاد الإجراءات القانونية حيال المخالفين والإعلان الدستوري المؤقت يخولها كل ما اتخاذ كل ما يلزم ولو اضطرها لاستخدام القوة، وبالتاكيد العمل في ظل هذه الظروف أي الانقسام لا يساعد أبداً على اقتراح الخطط والاستراتيجيّات وتنفيذها ومتابعتها بل يساعد ويفتح المجال فقط لإتباع الحلول التلفيقية والمؤقتة والمكلفة و التي سلبياتها تفوق إيجابياتها دون أن ننسى أن هذه الظروف تفسح المجال وتهيئ لأرض خصبة لاستفحال الفساد الذي بلغ اليوم معدلات قياسية غير مسبوقة في تاريخ البلاد بإعتراف مسؤولي الحكومة أنفسهم.
وأوضح الخبير الاقتصادي إن معالجة أزمة الكهرباء جذرياً وغيرها من أزمات وهي متعددة على فكرة ولا حصر لها لا يتم إلا من توافق أطراف الصراع على حل سياسي ينهي هذه الأزمة ويرسي لاستقرار في كافة ربوع البلاد ويوحد كافة مؤسساتها ويمهد لإصلاحات اقتصادية وهيكلية لانتشال البلاد من أزماتها، أما الاعتقاد بإن تغيير الأشخاص والإدارات هو الطريق أو الوسيلة الوحيدة لمعالجة الأزمات الخدمية والاقتصادية فهذا اعتقاد خاطئ.
محطة الرويس توضح سبب العجز..
قال مسئولون بمحطة الرويس لتوليد الطاقة الكهربائية إن مشكلة طرح الأحمال سببها العجز الكبير فى القدرات الإنتاجية بالشبكة العامة للكهرباء حيث أن الاستهلاك للطاقة الكهربائية أكبر بكثير جداً من الطاقة المنتجة من محطات التوليد وذلك لأنه لم يتم استكمال مشاريع محطات الإنتاج المتعاقد عليها من قبل الشركة العامة للكهرباء مع الشركات الأجنبية بسبب الوضع الأمني الذى تمر به البلاد منذ فترة وأيضاً عدم إجراء الصيانات الجسيمة لوحدات التوليد بمحطات الإنتاج فى مواعيدها بسبب عدة عوامل منها عدم توفر قطع الغيار وتأخر الشركة العامة للكهرباء في إبرام عقود الصيانات الجسيمة وتدخل عدة أطراف من خارج الشركة في رسم الخطط الاستراتيجية وفرض رؤية معينة على الشركة العامة للكهرباء.
وأشار القائمون على المحطة إلى أنه وعلى الرغم من ذلك ومما يعانيه الموظف بالشركة العامة للكهرباء من تأخر المرتبات وعدم وجود أي حوافز إلا أنهم يهبون إلى مواقع أعمالهم وخارج أوقات الدوام الرسمي وفي ساعات متأخرة من الليل لمعالجة المشاكل الفنية التي تحدث بالشبكة العامة للكهرباء وذلك لضمان تزويد المواطن بالطاقة الكهربائية والتخفيف من معانته بقدر المستطاع.
ختامًا .. هل سينجح مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء “الجديد” بتقليص عدد ساعات طرح الأحمال وترميم ما يكمن ترميه بالمحطات المتضررة، أم سيزيد الأزمة سوءًا ويقف عاجزًا أمام أزمة أرهقت المواطن وأثقلت كاهله، وهل ستظل العاصمة والجنوب “المنسي” في أزمة مستمرة دون أن يصحيان محتضنتيْن السواد؟