كتب وكيل وزارة الحكم المحلي “عبد الباري شنبارو” مقالاً بعنوان “التنمية المستدامة أم الفوضى”
تعتمد أغلب الدراسات المعنية بوضع خطط وإستراتيجيات التنمية المستدامة على عدة عوامل أهمها ثقافة المجتمع وما توفره الطبيعة من سبل للعيش الكريم ؛ إلا أن المعضلة الأساسية التي يراهن عليها الخبراء عند الشروع بوضع دراساتهم تكمن في كيفية الموائمة والانسجام بين رغبات السكان المحلّيين وإدارة موارد البلاد وتوظيف ذلك لخلق توازن ديموغرافي يساهم في التوزيع العادل للخدمات ومشاريع التنمية وهذا الأمر لا يعني إغفال عدة عوامل أخرى لا تقل أهمية مثل ضمان المشاركة المجتمعية في إتخاذ القرار وكذلك البناء المؤسسي السليم الذي يعتمد على كيفية إستثمار موارد البلاد الطبيعية والبشرية على أكمل وجه.
بالإضافة إلى المتطلبات الأساسية للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة هنالك بالمقابل تحديات كبيرة أهمها الوعي المجتمعي الذي يعاني منه أغلب شعوب المنطقة والمتمثل في ثقافة الغنيمة والاستحواذ على مقدرات البلاد سواء كان ذلك بممارسات فردية أو عن طريق جماعات مناطقية أو فئوية ؛ وحيث أن العديد من المراكز البحثية أولت إهتماماتها بهذه التحديات فقد إتجهت هيئة الأمم المتحدة سنة 1982 لتطبيق معايير “الحوكمة” أو كما يطلق عليها بالدول المغاربية “الإدارة الرشيدة” وذلك بعد تفشي ظاهرة الصراع على السلطة واستفحال الفساد بالدوائر الحكومية بطرق ساهمت في إنهيار العديد من دول العالم الثالث وكذلك ظهور ثقافة الإنقلابات العسكرية التي حالت دون تطبيق أي إستراتيجية تنموية سواءاً كانت على المدى القريب أو البعيد.
والمحصلة فإن جلّ الدراسات قد أجمعت على ضرورة أن تتحرر الشعوب من ثقافة الإستحواذ على مقدرات البلاد وابتزاز السلطة الحاكمة لغرض الوصول إلى تنمية أساسها العدالة في توزيع الخدمات وتكافؤ الفرص شريطة وجود إستقرار سياسي ضمن إطار دستوري يساهم فيه جميع أفراد المجتمع بتأدية واجباتهم ويصون حقوقهم فضلا عن تطبيق سيادة القانون التي تفرض على السلطات التنفيذية تبني مبادئ الشفافية والمسائلة. ويبقى التساؤل.. أين نحن من كل هذا..؟ حفظ الله ليبيا حرة موحدة..