
| مقالات اقتصادية
الخبير النفطي يكتب الآثار الاقتصادية لتغير سعر الصرف من اقتصاد جزئي إلي اقتصاد كلي
كتب: محمد أحمد الخبير النفطي مقالا بعنوان :
لآثار الاقتصادية لتغيير سعر الصرف عبر تحليل تمرير أثرها من عوامل الاقتصاد الكلي إلى عناصر الاقتصاد الجزئي
الجميع حاليا مشغول بقضية توقيف محافظ مصرف ليبيا المركزي عن السفر إلى خارج ليبيا والقصص المرتبطة بها .
صحيح هي قضية سياسية مهمة وقد تناولوها الكثير من الإخوة بالتحليل والتعليق وأكتفي بما قالوا , دعونا هنا نركز على شأن آخر ليس بعيدا عن موضوع سعر الصرف وهو الآثار الاقتصادية المحتملة لتغيير سعر الصرف في أثناء مداولات اللجنة الفنية لتحديد رقم سعر صرف الدينار والسياسات المرتبطة به لا أظن أن عمل حسابات جانبية لتحديد مستوى معين سوى ضرب من المضاربة غير المقبولة والتي يمكن أن تؤثر على الأسواق سلبا أكثر من إيجابا في هذه الفترة الحساسة.
لذا لن أشترك في هذه اللعبة التي لن تفيد شيئا سوى تضليل المتعاملين في العملة الصعبة سواء كانوا أناس عاديين أم تجارا وستجعل الأمور أكثر تعقيدا لأي جهة تحاول الوصول إلى الوضع التوازني.
يبدو أن الضغوط السياسية المحلية والخارجية مجتمعة بدأت تقود إلى تغيير سعر صرف الدينار الليبي , فبعد فترة من الممانعة أضطر المحافظ إلى القبول بالتئام مجلس إدارة المصرف المركزي، السبب الذي كان وراء عدم إجراء أي تغيير على سعر الصرف الدينار الليبي.
حيث أثبتت محاولة تعديل سعر الصرف عبر فرض رسوم إضافية على عملية التصريف بأنها سياسة غير فعالة سواء تم رؤيتها من ناحية التحصيل أم ناحية الانفاق , فمن ناحية التحصيل أعتمد الأمر على تكلفة مالية كبيرة تمثلت في منحة أرباب الأسر والتحويلات الحكومية الأخرى بالسعر الرسمي.
تجاوزت التكلفة الناحية المالية البحتة وامتدت إلى نواحي اجتماعية، أخلاقية , وقانونية نتيجة لذلك لم يتحمل المجلس الرئاسي الذي فرض هذه الرسوم مسئولية رفعها عندما أضحى واضحا أنه لا حاجة لها من ناحية الوصول إلى التوازن.
أما من ناحية الانفاق فقد امتد الصراع على الموارد إلى أوجه صرف محصلة الرسوم فبينما أصر المركزي على صرفها في إطفاء الدين العام، أصرت السلطة التنفيذية على صرفها في أوجه أنفاق الموازنة الحكومية وتخفيف الضغط عليها في الانفاق الجاري.
اليوم أظن أن وجهة نظر السلطة النقدية تتمثل في أن هناك أملا للرجوع إلى مستويات مرتفعة للعملة المحلية (الدينار) مقارنة بالسعر الحالي السائد في السوق السوداء، بعد إزالة قيد تدفق الدخل النفطي من جديد لذا فهي حذرة جدا في تحديد مستوى منخفض للدينار أخذا في الاعتبار أن آليات تعديل سعر الصرف في ليبيا جامدة جدا ولا تتمشى مع سرعة حركة سوق سعر الصرف الحر.
فمثلا الظروف السياسية التي قادت حاليا إلى اجتماع مجلس الادارة قد تتغير مستقبلا وتمنع انعقاده مما يجعل سعر الصرف المنخفض للدينار قناة شرعية لتسريب العملة الصعبة خارج النظام المالي في ليبيا.
أما السلطة المالية فهي لا يهمها كثيرا مستوى سعر الصرف وقد تميل جزئيا اليوم إلى تحديد سعر أقل للدينار لتشجيع بيعه للمصارف ما يساعدها على مواجهة مشكلة الدين العام المتفاقم والمقيم بالدينار الليبي وليس بالعملة الصعبة.
في ظل هذا الوضع الحرج لا يسعنا ألا نتمنى التوفيق لأي جهة استشارية تعمل على وضع التصورات لسياسة سعر صرف متزنة تحت وضع شديد التوتر سياسيا, وبدون التعرض لأي تحليل رقمي وددت المشاركة بنموذج تحليلي يشرح كيف يمكن لسياسة سعر الصرف أن تؤثر على الاقتصاد الوطني عن طريق تأثيرها المباشر على الاقتصاد الكلي ومن ثم تمرير هذا الأثر للاقتصاد الجزئي.
تبرير عرضي لهذا التحليل يكمن في أن اللجنة الفنية التي تدرس تحديد مستوى سعر الصرف ستكون نوعا ما منحازة إلى فرضيات الاقتصاد الكلي ولن تولي نفس الاهتمام لمدى تمرير تأثير الوضع الجديد لسعر الصرف للاقتصاد الجزئي. التحليل الوارد بالطبع قابل للنقد وقابل للتحدي والتصحيح سواء من ناحية الفرضيات أو النتائج.
النموذج العام الموضح في الرسم رقم (1) هو أن هناك تأثير مباشر لتغيير سعر الصرف على عوامل الاقتصاد الكلي وهي عرض النقود، الميزان الجاري، الاستثمار والادخار وأخيرا التضخم.
من ناحية نظرية فأن تخفيض سعر العملة المحلية يجب أن يصاحبه ارتفاع نسبي في عرض النقود وذلك لتمكين الجمهور سواء الافراد أم المشاريع التجارية من مقابلة الاحتياجات الجديدة من المنتجات المستوردة بفرض عدم وجود فائض في عرض النقود قبل التغيير وهذا الارتفاع سيكون متناسبا مع مرونة الطلب على المنتجات المستوردة محليا.
بالانتقال لمناقشة الميزان الجاري فأن تخفيض العملة المحلية سيقود إلى زيادة العجز في الميزان الجاري وهذا ناتج عن ثبات أسعار المنتجات المستوردة مقابل عملة محلية أضعف.
التعويض يأتي عادة في مثل هذه الحالات في المدى المتوسط حين تزداد تنافسية السلع المصنعة محليا في الأسواق الدولية مما يرفع رقم الصادرات، ولكن هذا يشترط وجود قدرة صناعية تنافسية في الدولة تجاه السلع العالمية المشابهة.
تفاقم العجز في الميزان الجاري يدفع باستمرار إلى زيادة في عرض النقود للتعويض كمتوالية حسابية وسيزيد من الضغوط المستقبلية على العملة المحلية. ويقود تخفيض سعر الصرف بالضرورة إلى انخفاض في الادخار المحلي نتيجة تحول نسبة معينة من الادخار لتعويض النقص الحاصل في القوة الشرائية للفرد، وهذا ما سيقود بالضرورة أما لانخفاض الاستثمار المحلي أو محاولة تعويضه بالاستثمار الأجنبي لتفادي توقف عملية التنمية الاقتصادية.
الاستثمار الأجنبي في العادة أكثر كلفة من الاستثمار المحلي المشتق من الادخار وهو ما يبطء نسبيا معدل النمو الاقتصادي نتيجة لخروج عائدات الاستثمار من الناتج المحلي الاجمالي. الادخار المحلي ليس عامل استقرار استثماري تنموي فحسب بل هو عامل تعقيم لسلبيات فوائض عرض النقود وتعقيداتها نتيجة تكدسها خارج النظام المصرفي.
هذا لا يتم السيطرة عليه ألا عن طريق وسيلتين في السياسة النقدية هما زيادة نسبة الاحتياطي الاجباري للمصارف أو برفع سعر الفائدة.
رفع الاحتياطي الاجباري عامل محبط للحركة المصرفية حيث يمنع توسعها في الإقراض وتعطيل لجزء كبير من الموارد المالية التي يفترض أن تساهم في عملية الاستثمار والنمو الاقتصادي. المشكلة في ليبيا أن الاحتياطي الاجباري للمصارف وصل إلى سقف لا يمكن رفعه أكثر ألا بإحداث ضرر غير قابل للإصلاح على النظام المصرفي. أما عدم وجود سعر الفائدة أو ما يعادلها كآلية نقدية في ليبيا فهو عيب اقتصادي جسيم يسمح للنقود بالتسرب خارج النظام المصرفي الرسمي وتداولها في القنوات غير الرسمية التي تسمح ببناء فوائض تجميد المال.
أخيرا التضخم كعامل من عوامل الاقتصاد الكلي لابد من ناحية نظرية أن يتم التفريق بين مرونة الاقتصاد من ناحية إنتاجية لتقدير مدى تأثير سعر الصرف على التضخم , في الاقتصاديات المصنعة التي تملك مرونة تعديل كميات الإنتاج من السلع البديلة المختلفة يمكن القول إن عملية التحول من منتج مستورد إلى منتج محلي بديل سيساهم إلى حد كبير في التحكم في التضخم. لذا يصعب تقدير أثر انخفاض سعر الدولار مثلا على التضخم داخل أمريكا ألا في سلع محددة عادة ما تسمى بجوهر التضخم (سعر الطاقة وسعر الغذاء) والتي فيها نسبة عالية من المنتجات المستوردة قليلة المرونة. الحفاظ على مستوى منخفض لأسعار هذه المنتجات عالميا يساعد الاقتصاد الأمريكي على التحكم في التضخم إلى حد كبير جدا.
ولكن تتأثر الدول ذات المرونة الإنتاجية المنخفضة بتغيير سعر الصرف على صعيد التضخم بشدة بسبب وجود نسبة كبيرة من قائمة احتياجاتها في تصنيف الواردات , الكثير من الدراسات الامبريقية عن الاقتصاد الليبي أثبتت وجود علاقة سببية بين التضخم وسعر الصرف. معظم هذه الدراسات استخدمت سعر الصرف الرسمي فقط ولكن إذا ما تم استخدام سعر الصرف في السوق السوداء فأنه يتوقع أن تزداد هذه العلاقة من ناحية جسامة التأثير.
أخذا في الاعتبار التأثيرات التي نوقشت أعلاه ننتقل إلى الحديث عن كيفية تمرير هذه الآثار على الاقتصاد الجزئي في الرسم (3) تجدون عناصر الاقتصاد الجزئي العرضة للتأثير عبر تمرير تغييرات سعر الصرف إليها وهي: الحكومة، المصارف، الصناعة، الشركات، وأخيرا الافراد.
قد يكون هناك نقاش حول هذه العناصر وخصوصا الحكومة من ناحية كونها جزء من الاقتصاد الكلي من ناحية الانفاق العام أو الاقتصاد الجزئي من ناحية المشاركة في النشاط الاقتصادي.
شرحت أعلاه أن الحكومة ستتأثر من ناحية الانفاق العام والدين على المستوى الكلي ولكن هنا نركز عليها كأحد العناصر المشاركة في الإنتاج. كذلك فأن هناك نقطة مهمة تجدر الإشارة لها وهي ما هو سعر الصرف الذي يؤثر حاليا على عناصر الاقتصاد الجزئي، هل هو سعر الصرف الرسمي أم سعر الصرف الموازي.
حقيقة الامر يحتاج إلى مزيد من الدراسة هنا لكن عموما فأن سعر الصرف الرسمي يؤثر أساسا قيمة الأصول الإنتاجية والتي تم تقييمها تاريخيا لذا فأن أي سعر صرف جديد سيكون تأثيره دفتريا أكثر منه سوقيا، بينما يؤثر سعر الصرف الحر في العناصر الجزئية السوقية.
من هنا ستجدون اشكال بيانية على شكل سلسلة تبدأ من رسم (4) حيث في كل رسم سنضغط على زر أحد عوامل الاقتصاد الكلي والذي سيكون لونه أحمر لتظهر لنا الآثار الممرورة إلى عناصر الاقتصاد الجزئي. في الرسم (4) نضغط على زر عرض النقود، لنجد أن معظم التأثير سيكون على الافراد والشركات في مجال الاقتصاد الجزئي.
بخصوص التأثير على الافراد فأن ذلك سيكون عبر الزيادة في الدخول المحلية سواء من ناحية الفرد أو المجموع بمعنى أن الدخل للفرد سيزداد أو ستدخل فئة جديدة إلى سوق العمل نتيجة للفائض الذي سيكون متاحا لهذا التوسع.
المشكلة أن زيادة الدخل الفردي قد لا تعني ارتفاع المستوى المعيشي أو القوة الشرائية حيث إن العملة الضعيفة لن تستطيع الحصول على نفس الكميات من سلع سعرها العالمي ثابت تحتاج السلطة النقدية بالاشتراك مع السلطة التنفيذية بالدولة لحل هذه المعضلة أن تعقم الفوائض المالية أو السيولة الخارجة عن نطاق العملية المصرفية الناتجة عن زيادة عرض النقود لتشجيع الافراد على تغيير سلوكهم الاستهلاكي وبالتالي عدم ضغطهم على السلطات النقدية لزيادة طباعة النقود.
أما التأثير على الشركات فأن ذلك سيمر عبر هيكل التكلفة الذي سيحتاج إلى تدفق نقدي أكبر لتجنب أي عمليات إفلاس مبكر نتيجة ارتفاع التكلفة. هنا ستلجأ الشركات إلى عمليات تدبير تمويل إضافي عبر الآليات المتاحة سواء كانت من السوق أو قروض مصرفية.
الطلب الإضافي على النقود سيدفع المركزي إلى زيادة عرض النقود لتفادي سلسلة من الإفلاس المبكر للشركات الاقتصادية. المفارقة هنا أن الشركات المحلية وأعني بالشركات المحلية هي تلك الشركات التي ينحصر نشاطها في الداخل ولا يوجد لديها أي امتدادات خارجية سواء من ناحية التمويل أو التسويق ستكون هي أكثر عرضة للتأثيرات السلبية من ناحية تغييرات عرض النقود بعد وجود سعر صرف جديد. دعوني أعطي مثالا هنا من الصناعة النفطية، حيث ستواجه الشركات الوطنية للنفط المملوكة للدولة أوقاتا عصيبة في تدبير التمويل اللازم نتيجة ارتفاع طلبها على النقود بعد تغيير سعر الصرف وبدون دعم حكومي وإجراءات تقشفية حادة سيكون من الصعب استمرارها.
هذه تجربة مرت بها الشركات الوطنية للنفط ليس في ليبيا فقط بل في الدول النفطية التي تعرضت لتقلبات شديدة في سعر الصرف مثل العراق، إيران، فنزويلا ونيجيريا ما أضطرها أحيانا إلى التخلي عن أصول ثمينة للشركات الأجنبية التي لا تعاني من نفس العجز في التدفق النقدي لأنها تستمد تمويلها من الخارج. كذلك فأن ذلك يمتد للشركات الخاصة.
في الرسم (5) ولدى الضغط على زر الميزان الجاري فأننا نجد أن أكثر العناصر الجزئية عرضة للتأثير هي الصناعة والشركات. لن أتوسع هنا كثيرا ولكن باختصار فأن العجز الذي سيتسبب فيه تخفيض قيمة العملة المحلية في الميزان الجاري سيؤثر على الصناعة المحلية نتيجة أما التحفيز على استبدال الواردات أما بصناعات محلية أو واردات أقل كلفة وبذا فأنه يمكن أن يتوقع ظهور عدد من الصناعات المحلية الأقل كلفة من الواردات الأجنبية ولكن هذا سيتطلب سياسة رقابة مشددة على الجودة.
في الرسم (6) نتعرض إلى قضية مهمة جدا وهي تأثير الادخار والاستثمار من ناحية كلية على الاقتصاد الجزئي، وهو واضح بذاته حيث يمتد التأثير بمجرد ضغط الزر إلى خمس عناصر جزئية هي المصارف، الافراد، الشركات، الصناعة، الحكومة.
تعرضت أعلاه لأثر تغيير سعر الصرف على الادخار والاستثمار وأوضحت أن تخفيض سعر العملة المحلية في دولنا يحتم السحب من الادخار وبذا يتم تقليص الاستثمار. العملية التعويضية التي يمكن للاستثمار أن يسهم بها في رفع النمو الاقتصادي تحتاج في الاقتصاديات غير المرنة إلى مدى متوسط للتحقق عبر ازدواجية تحفيز الإنتاج المحلي والتغيير في عادات المستهلك.
المصارف ستجد نفسها في وضعية حرجة من ناحية الإقراض نتيجة تشديد السياسات النقدية أما برفع قيمة الاحتياطي أو رفع سعر الفائدة، وفي هذه الحالة يمكن في سوق حر بدون دعم أن تنهار المصارف نتيجة تقلص امكانياتها في الإقراض بالعملة المحلية أو إدارة السيولة وهذا حدث في الارجنتين مثلا , لدعم الاستقرار النقدي والاقتصادي والاجتماعي المرحلي ستجد الحكومة نفسها مضطرة إلى اتباع سياسات مالية تحفيزية أما بالدعم المباشر أي الدخول كمشتري في السوق أو التوسع في التوظيف والانفاق وذلك من الفوائض المالية التي ستجنيها من بيع العملة الصعبة.
وبينما ستتقلص الاستثمارات المحلية سترتفع نسبيا الاستثمارات الحكومية أم الأجنبية التي تعتمد في تمويلها على الاقتصاد الخارجي.
وستواجه الشركات المحلية وقتا حرجا في إعادة تقييم أصولها بما يتناسب مع السعر الجديد العامل الأكثر حسما في تحديد سياستها الاستثمارية. أحد هذه الشركات هي المؤسسة الوطنية للنفط وشركاتها التي ستفقد مزايا تنافسية مهمة نتيجة ضعف تقييم أصولها التاريخية بالعملة المحلية مقارنة باحتياجاتها المستقبلية.
النموذج التمويلي الحالي الذي يقوم على تمويل المؤسسة بالعملة المحلية بالدينار من وزارة المالية بعد بيع العملة الصعبة من المصرف المركزي لن يقود ألا لتحطيم المؤسسة. النموذج يقوم أساسا على سعر صرف ثابت ما يمكن المؤسسة من استرداد التكلفة من الوزارة.
تغيير سعر الصرف سيسبب تقييما محاسبيا مختلفا للأصول على الأقل الجديدة (مثلا قيمة حفارة جديدة) ولن تسمح وزارة المالية برفع مخصصات المؤسسة كشركة محلية بنفس قيمة تغير قيمة الأصول.
أخيرا عند الضغط على زر التضخم فأننا سنلاحظ أن العناصر الجزئية التي ستتأثر مباشرة بهذا المتغير الكلي هي الافراد، الشركات والصناعة. تعرضنا أعلاه إلى التأثير على الافراد.
هنا نقطة مفصلية جديرة بالمناقشة. حيث إن التضخم الحالي هو انعكاس لسعر صرف السوق السوداء في الأغلب وليس السعر الرسمي. وهذا يعني ان تخفيض قيمة الدينار رسميا ستعني في المقابل رفع قيمة الدينار في السوق السوداء أو الموازية. القضاء على السوق السوداء سيعني ان الأسعار المحلية بفرض بقاء أسعار السلع المدعومة ثابتة قد تنخفض.
النتيجة: لا شك أن وضع سعر الصرف المناسب هو أداة استقرار على المدى الطويل وبعيدا عن التنظير الاقتصادي فأن دولة مثل ليبيا ذات اقتصاد نامي متوسط تحتاج إلى نظام الربط مع عملة عالمية لتحقيق النمو الاقتصادي الذي يحقق استقرار الانتاج وبالتالي الرفاه الاجتماعي للأفراد. الوضع الحالي في ليبيا بالغ التعقيد نظرا لعدم وجود آلية واضحة متزامنة لتعديل سعر الصرف مع تداخل وازدواج اختصاصات عميق. هناك إيجابيات متعددة لتعديل سعر الصرف بتخفيض قيمة الدينار ولكنها تحتاج إلى سياسات إصلاحية متزامنة نقدية ومالية هي غير متاحة في الوقت الحالي .