
| مقالات اقتصادية
الشحاتي يكتب : ازمة السكن في ليبيا بين مفهومي “نسبة الايجار لثمن العقار” و”نسبة الايجار للدخل”
محمد االشحاتي الخبير بمجال النفطي يكتب مقالًا
في ظل الازمات المتتالية التي يمر بها المواطن الليبي من اضطراب في سعر الصرف وتضخم أسعار السلع والسيولة وكورونا وغيرها فأن هناك مشاكل جوهرية حقيقية توارت في الظل ولكنها تظل من أحد أهم مشاغل الشباب الجديد ومن ضمنها البطالة والسكن وتهدد فعليا بالمزيد من عدم الاستقرار الاجتماعي.
في هذا المقال أتبنى مدخل مستقبلي للمشكلة.
في النظرية الاقتصادية الكلاسيكية فأن عملية الاستثمار تتحدد بالطلب المستقبلي على سلعة أو خدمة معينة.
في هذا الصدد فأن آليات السوق ينبغي أن تعمل كأدوات استشعار عن طريق تحديد مستويات أسعار الايجار الذي يشجع المواطن أن يستأجر بدلا أن يبني ملكية خاصة.
من ناحية ثقافية واجتماعية فأن أغلب الليبيين يفضل أن يملك ملكية خاصة بدلا من الايجار نظرا لعدم وجود ثقة في آليات الاستثمار المحلية من توفير المسكن في الوقت المناسب والزمن المناسب.
ألا أن ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء وعدم وجود وسائط تمويل جيدة بدأ يضع ضغوطا تمنع الكثيرين من التوجه إلى امتلاك السكن الخاص.
في العالم فأن هناك مفهومان لعملية تحديد قيمة الايجار التي يمكن عندها تشجيع عملية الاستثمار في البناء السكني.
هناك أولا مفهوم “نسبة الايجار إلى ثمن العقار”. هناك قاعدة 1/15 وهي تعني أن قيمة الايجار الشهري تتحدد بدفعات متساوية تغطي ثمن المسكن في 15 سنة. هذا النسبة هي التي تشجع المواطن على الايجار بدلا من محاولة امتلاك المسكن.
أي نسبة أكبر من هذه مثل 1/12 ستشجع المواطن على التوجه لامتلاك مسكنه الخاص بينما النسب الأصغر ستشجع عملية التأجير.
طبعا المشكلة هي أن نسبة 1/15 قد لا تكون في المستطاع، مما يستدعي استحضار مفهوم آخر وهو “نسبة الايجار إلى الدخل”.
وهذه النسبة يجب أن تقع في المدى الذي يبدأ من 1/15 ويتجه إلى الأصغر بحيث لا ينبغي أن تنزل عن النسبة التي ستحقق خسائر مادية للمستثمر، وهي بالطبع تختلف من دولة لأخرى.
وبينما أظن أنه لا يجب على الدولة التدخل في وضع أسعار معينة تلزم بها المؤجرين والمستأجرين بذريعة العدالة أو التخفيف عن السكان لأن ذلك سيفقد آلية الاستشعار السوقي ألا أن الدولة يجب أن تظل دائما في الصورة بتوفير المساكن الحدية للذين لا قدرة لهم على الاستئجار سواء بمعونات مادية أو بناء مساكن اقتصادية.
وفي النهاية فأنه على المراكز الاقتصادية والمصارف أن تساهم فعليا في تحديد هذه المفاهيم بناء على دراسات قياسية علمية يؤخذ في الاعتبار فيها تكاليف الأراضي والمباني وكذلك دخول المواطنين والعائلات الليبية كما تفعل كل هذه الاجسام في العالم لتفادي الاستغلال الذي قد يحدث نتيجة لاحتكارات معينة.