كتب الخبير الاقتصادي عطية الفيتوري مقالا
البعض لا يفرق بين الخطة والاستراتيجية ، فإذا كان هناك هدف أو اهداف يراد تحقيقها ، فيجب وضع خطة لتحقيقها والوصول إليها ، اما الاستراتيجية فهي اسلوب تحقيق الأهداف ، وهذا معروف في كل العلوم سواء فى الشؤون الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الآمنية…الخ .
ففي الاقتصاد ، الخطة الاقتصادية قد تهدف إلى تحقيق معدل نمو فى الدخل مثلا 6% سنويا ، وهذا هو الهدف العام ،وهذا يتطلب وضع اهداف جزئية لنمو القطاعات المختلفة ، الزراعة والصناعة والخدمات نظرا لتشابك القطاعات وتداخلها .
هذا يتطلب وضع استراتيجية مختارة لتحقيق الهدف ، فقد يكون هناك عدة طرق أو استراتيجيات لتحقيق ذلك ، فيجب اختيار افصلها. من هذه الاستراتيجية الممكنة :
1- الاعتماد على القطاع الخاص ودعمه بجميع الوسائل الممكنة لكي يحقق الهدف أو الأهداف.
2- قيام الحكومة بتحديد مجالات معينة للاستثمار فيها هي مباشرة ، ودعوة القطاع الخاص لمشاركتها .
وقد تكون هناك استراتيجيات أخرى تتعلق بتوجيه الاستثمارات مثلا :
3- استراتيجية احلال الواردات ، اى توجيه الاستثمار نحو صناعات وطنية تحل محل الواردات .
4- استراتيجية دعم الصادرات ، اى توجيه الاستثمارات نحو صناعات يمكن تصديرها للخارج .
كل هذه الاستراتيجيات تحتاج إلى تهيئة البيئة المحلية لضمان نجاحها وعدم فشلها .
وقد يكون هناك مزج بين الاستراتيجيات لتحقيق الأهداف ، فمثلا قد يتم مزج الاستراتيجية 1 مع 3 أو 4 . وقد تمزج الاستراتيجية 2 مع 3 أو 4
هناك بلدانا تطورت بشكل أسرع من بلدان أخرى ، بناء على الاستراتيجيات التى اختارتها ، فمثلا بلدان جنوب شرق آسيا ؛ كوريا الجنوبية ، تايوان ، ماليزيا ، سنغافورة.
وغيرها تطورت وحققت معدلات نمو عالية نسبيا أعلى من بلدان فى أمريكا الجنوبية ؛ البرازيل ،الارجنتين فنزويلا ، تشيلي …الخ .
السبب أن بلدان جنوب شرق آسيا اتبعت استراتيجية تشجيع الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية مع استراتيجية دعم الصادرات ، اما بلدان أمريكا الجنوبية اتبعت استراتيجية تدخل الدولة مع استراتيجية احلال الواردات .
اين الاقتصاد الليبي من كل ذلك ؟ ! ما هي الاستراتيجيات التى تطبقها الحكومة لتحقيق النمو فى الدخل وتنويع مصادره ، لا اظن بأننا فى مستوى دول جنوب شرق آسيا ولا حتى فى مستوى دول أمريكا الجنوبية .
نحن مازلنا كما نحن ينتشر بيننا الفساد ونتخاصم فيما بيننا على مراكز الدولة ، ليس لغرض تحقيق التنمية ولكن لأغراض اخرى ، هي ما وصلتنا إلى ما نحن فيه الآن .
فهل هناك أمل !