كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
يرى معظم المواطنين إن لم نقل جلهم بإن المركزي قادر على إعادة النظر في سعر الصرف الحالي والمحدد ب 4.48 دينار للدولار عبر تخفيض قيمة الدولار عند 4 إلى 3.5 دينار وذلك بعد الإرتفاع الكبير الذي طرأ على الأسعار سيما في السلع والخادمات الأساسية .
كما يعتقدوا إن المركزي هو من يرفض إتخاذ قرار في هذا الصدد ويتحجج بأسباب عدة يعتبرونها واهية وغير مبررة .
وفي الحقيقة ما يراه المواطنين صحيح فقانوناً ورسمياً المركزي هو من له الحق حصراً في إعادة النظر في سعر الصرف وذلك إستناداً لقانون المصارف وتعديلاته .
لكن ما يعتقدونه ليس كذلك .
فعملياً وعلى أرض الواقع وفي ظل الظروف الراهنة فإن الأمر مختلف تماماً ، فالمركزي ليس له الأدوات اللازمة لإعادة النظر في سعر الصرف عبر دعم قوة الدينار .
فأداته الوحيدة في التأثير إيجاباً على سعر الصرف عبر السياسة النقدية معطلة بموجب القانون رقم (1) لسنة 2013 م بشأن منع الفوائد الربوية .
و حيث إن أي قرار بإعادة النظر في سعر الصرف يتوقف بالدرجة الأولى على الموقف في ميزان المدفوعات و أثر ذلك على رصيد الإحتياطي .
أي هل هناك فائض ملحوظ أو إن هناك عجز تراكمي ؟؟؟
فالفائض يعني زيادة إيرادات النقد الأجنبي على مدفوعاته في حين العجز يعني العكس .
وحيث إن تلك الإيرادات تمثل جلها في مبيعات النفط في حين المدفوعات تتمثل جلها في الإعتمادات المستندية والنفقات الحكومية .
فهذا يعني إن الحكومة هي من تتحكم في جناحي هذا الميزان وهذه حقيقة وواقع وليس مجرد كلام وذلك للأسباب التالية .
1- الحكومة هي من يقع على مسؤوليتها تحقيق الأمن لحماية المنشاءات النفطية لضمان تدفق إنتاج وتصدير النفط وليس المركزي ، والحكومة هي من تخصص الميزانيات الإستثماربة للمؤسسة الوطنية للنفط بهدف رفع الطاقة الإنتاجية لزيادة معدلات الإنتاج وهي من تأذن للمؤسسة بالإقتراض من الخارج وهي أيضاً أي الحكومة من لها حصراً حق إعادة هيكلة المؤسسة وإعادة تشكيل مجلسها .
وهذه الإختصاصات تؤثر إيجاباً وبشكل مباشر في ميزان المدفوعات وذلك في الجانب المتعلق بإيرادات النقد الأجنبي .
وليس للمركزي أي دور يذكر في هذا الشأن .
2- الحكومة بإمكانها تنويع مصادر دخل البلاد من النقد الأجنبي وذلك من خلال تشجيعها للقطاع الخاص في القطاع الزراعي والصناعي
والإنتاج الحيواني وغيرها وذلك بهدف تنويع الصادرات .
3- الحكومة هي أيضاً من تتحكم في ضبط فاتورة المدفوعات من النقد الأجنبي وذلك عبر تقليصها لنفقاتها الخارجية وعبر تشجيعها للإنتاج المحلي ورفعها للضرائب غير المباشرة ( الرسوم الجمركية ) وذلك بهدف حماية المنتج المحلي وتقليص الإستيراد.
4- الحكومة هي المعنية وحدها بتحقيق التنمية عبر الإنفاق على القطاع الصحي والتعليمي وغيرهما بهدف تطوير نظام الرعاية والعملية التعليمية بالداخل في مقابل تقليص أو الحد من نفقات العلاج والدراسة بالخارج.
5- الحكومة هي المعنية بضبط الإنفاق العام وترشيده بما فيه نفقات الدعم بهدف تقليل الضغوطات على الإحتياطي الأجنبي ، فزيادة الإنفاق العام تؤدي إلى زيادة دخول المواطنين التي بدورها تؤدي إلى زيادة الإستهلاك للسلع و الخدمات التي جلها تقريباً تستورد من الخارج .
6- الحكومة هي المعنية حصراً بزيادة الايرادات السيادية عبر فرضها وتحصيلها للضرائب والرسوم الجمركية وفوائض الشركات العامة والمديونية المتراكمة من قروض وأقساط تمليك مشروعات القطاع العام .
فمثلاً تحصيلها ل 10.000 مليار دينار وإستخدامها في تمويل ميزانيتها العامة يوفر عليها ما قيمته 2.000 مليار دولار من مبيعات النفط .
7- الحكومة هي المعنية حصراً بإستقطاب وتدفق رؤوس الأموال والإستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة وخلق بيئة ملائمة لها عبر إقراراها للقوانين والتشريعات اللازمة لتشجيعها وتحفيزها .
8 – الحكومة معنبة أيضاً بمحاربة الفساد وذلك عبر إقتراحها وإقرارها القوانين والتشريعات اللازمة لمحاربته .
وفي الختام ولطالما الحكومة هي المعنية بإلأجراءات المذكورة أعلاه فإنها عملياً هي من لها القدرة على إعادة النظر في سعر الصرف وذلك إذا ما أشتعلت بخطط وإستراتيجيات محددة وأعتمدت سياسات مالية واقتصادية منسقة مع المركزي .
وإن الأخير أي المركزي كل ما يمكنه فعله في ظل الظروف الراهنة وللأسف هو الإبقاء على السعر الحالي أو الإقدام على مزيد من التخفيض في حال إنخفاض أسعار النفط وتوسع الإنفاق العام وذلك بهدف الحفاظ على إحتياطيه إن أمكن أو الحد من إستنزافه .