موجة جديدة تجتاح السوق المحلي الليبي تتمثل في إنخفاض حاد في أسعار شاشات التلفزيون والفرش الأرضي، هكذا وبدون مقدمات إنهيار واضح في الأسعار والكل بدأ يعلن في تخفيضاته، ولكن ما الأسباب وراء ذلك؟
البداية كانت بالحديث عن الانخفاض الحاد في أسعار شحن الحاويات من الصين الى الموانئ الأسيوية والافريقية، ليتلوها الحديث عن وجود حشرات تالفة للفرش ونحوه باتت تهدده.
مجرد شائعات سارت في السوق الليبي كإنتشار النار في الهشيم مخلفة بالتأكيد خسارة جسيمة لأصحاب الأنشطة الاقتصادية لتفاقم أزماتهم الاقتصادية ولتزيد الطين بلة بعد أن ضرب الركود الاقتصادي ضربته في سوق أنهكته المضاربات وعمليات غسيل أموال تجعل من التاجر الملتزم بسلوكيات مهنته عرضة لأهواء وتقلبات سوق الأسعار.
اللافت أيضاً أننا لم نسمع عن هكذا انهيار في أسواق الدول المجاورة هذا إذا ما كانت قصة انخفاض أسعار شحن الحاويات حقيقية وليست من نسج خيال الفيسبوكيين الذين ملأو الدنيا بأوهام أسعار لم نسمع عنها الا من خلال صفحاتهم.
المثير للإعجاب أن هذه الأقاويل قد أفادت الى حد كبير عموم المستهلكين الذين بادرو منذ ساعات الصباح الباكر في الإزدحام على محلات الفرش والأجهزة الكهربائية في محاولة لحصد وجمع مايمكن جمعه وخوفاً من سرعة إنحسار هذه الموجة تماماً كسرعة بدئها، رغم ماصاحب ذلك الزحام من هرج ومرج.
ولمعرفة كافة التفاصيل سلطت صحيفة صدى الاقتصادية على بعض الآراء الاقتصادية وغيرها من أصحاب المتاجر والأسواق.
كشف المسؤول بالصالون الاقتصادي “عمران الشائبي” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً بأن أسعار الحرق كما يسميها البعض ، يعتقد البعض أن التخفيضات في ليبيا فقط، ولكن أذكركم بما صرح به مايكل بيري المحلل الاقتصادي الشهير الذي تكلم عن أزمة العقار الأمريكي عام 2008 قبل حدوثها والمشهور في فيلمThe Big Short طرح سؤالاً في تغريدة له في شهر يوليو سائلاً: ما الذي سيأتي بالكريسمس في يوليو؟”.
وأجاب: بمعنى زيادة في عرض المخزون وركود المستهلكين في عيد الميلاد (كريسمس) إنتهى، فلنحلل ما قاله مايكل، حيث يشير مؤشر ثقة المستهلكين إلى أقل مستوى له خلال الخمسة عشر عام الماضية، بينما يرتفع معدل تخزين البضائع بنسبة 24٪ سنويًا ، بمعنى آخر: زيادة في عرض المخزون وإنخفاض في الطلب الاستهلاكي، مما يعني سيتوجب على الشركات والمحلات بوضع تخفيضات كبرى في أسعار بضائعها لتفريغ مخازنها المليئة ليكون (الكريسماس) في شهر يوليو بدلاً من شهر ديسمبر، والذي سيتسبب في انخفاض المخزون ومنه ننتقل لما يعرف بالتشديد الكمي(quantative tightening) ومنه ننتقل لما يعرف بتأثير السوط (The bullwhip effect) حيث تقوم المحلات بطلب مزيد من البضائع استعداداً للطلب الكبير المتوقع مع نهاية السنة والذي سينتج عنه طباعة المزيد من الدولارات والوقوع في مشكلة التيسير الكمي(quantative easing) وتستمر هذه الحلقة وتكبر كل دورة إلى أن نصل الركود الكبير!!! ولا يمكن للحكومة أو الفدرالي إصلاح هذه الحلقة المفرغة.
وأفاد قائلاً: يعني ببساطة أن المخزون العام للشركات ازداد خلال السنوات الماضية تحوطاً من الأقفال وكورونا والنقص العام في كل شيء، إلا أن الركود الاقتصادي الممزوج بالتضخم الذي حدث هذا العام جعل الجميع ينتظر وحيث أن الشركات التجارية تدفع الإيجارات والعمالة وتتلف البضاعة وتسقط صلاحيتها وتجدد الفصول وما تحمله من تغير في التسوق والضرائب وغيرها من العوامل الأخرى كالتخوف والتقليد والديون، كل هذه الأسباب تسببت في تخفيض أسعار البضائع وهلع الموردين والمخزنين وعمل أي دعاية للتخلص من البضائع وبأسرع الطرق.
وأكد بالقول أن هناك من يتخلص بالبضائع القيمة بأقل من سعرها ومنهم من يتخلص من البضاعة الغير مرغوب فيها ليجلب زبائن لمحلاته، مضيفاً أن المستفيد هو المواطن الذي يبحث عن أفضل الأسعار ولكن لا يعني بأنه سيتحصل على أفضل البضائع، في النهاية هي تحريك للسوق الراكد منذ عام وربما تكون آخر حلقة تخفيض لبعض المحلات لعدم إستطاعتها تحقيق أرباح للاستمرار في السوق.
وتابع قائلاً: في ليبيا هناك من يعتقد أنها غسيل أموال وغيره وقد يكون ذلك صحيحاً لو كانت المنتجات لشركات معينة ولكن التخفيض سيستمر في جميع الأغراض وسيقلد باقي التجار هذا الترند ليستفيد من حركة السوق.
وختم حديثه قائلاً: علماً بأن هناك اكثر من عشرين مليار دينار خرجت من التداول بسبب شراء العملة الصعبة والحكومة هذا العام لم تصرف أي قيمة للتنمية مما زاد من الركود وعدم تحرك المال.
حيث تحدث مدير شركة جودة البيت لاستيراد المواد المنزلية والأتات والتحف والهدايا – ورئيس سابق لغرفة التجارة والصناعة والزراعة طرابلس “علي المزعفر” لصحيفة صدى الاقتصادية بخصوص التخفيضات بالسوق الليبي قائلاً: لابد من وضع خطة اقتصادية مدروسة للخروج بالأزمة الاقتصادية والتي تمس القطاع الخاص وإعادة التقة بين القطاع الخاص والقطاع العام واشراك القطاع الخاص في السياسات الاقتصادية.
مضيفاً: نرى التخفيضات التي اتجه إليها بعض التجار من قطاع الالكترونات والسجاد وبعض القطاعات التى ستتبع هذا التخفيض في الأسعار والذي سيحدث ربكة في القطاع الخاص والمشكلة إن التخفيضات على سلع معينة فقط ومن يقول بسبب انخفاض الشحن البحري فهو مخطي لأن انخفاض الشحن البحري ليس ثابت والانخفاض كان بنسبة 10 % إلى 25 % تقريباً، مثال: شحن الحاوية 40hq كان قبل ثلاث أشهر من الصين إلى ليبيا يتراوح بين 12500 $ إلى 13500$ على حسب نوع خط الشحن والأن الشحن أصبح يتراوح بين 9500$ إلى 11500$ فنجد نسبة انخفاض الشحن بسيطة مع التخفيضات الموجودة عند بعض المحلات.
وكذلك الحاوية تحتاج إلى شهر أو اكثر من الصين للوصول إلى ليبيا فالسؤل كيف تصل التخفيضات إلى 50% و سعر الدولار في المركزي مقابل الدينار الليبي إرتفع في الفترة الأخيرة حتى وصل 1$ الى 4،94 دل، وكذلك زيادة أسعار السلع المستوردة بسبب زيادة أسعار المواد الخام عالمياً، فرضا نقول إن حاوية الشاشات تسع 1500 شاشه وسعر الشحن 14500$ يعني تكلفه شحن القطعه 9.5$ ونفترض حالياً أن شحن الحاوية 10.000$ يعني تكلفه شحن الشاشه 6.5 $ الفرق 3.5$ يعني الفرق 18 دينار ليبي فيكون هذا التخفيض “وهمي”.
متابعاً: التحليل الوحيد لأسباب التخفيضات في بعض المحلات: أما عدم إمكانية تسديد الالتزامات المالية المتراكمة عليه عند الشركات التى يستورد منها البضائع خارج ليبية فيلجأ التاجر للتخفيض إلى حد رأس المال وأحياناً بنسبة خسارة بسيطة لتسديد الالتزامات المتراكمة علية وتدوير العجلة المالية بإدخال بضائع جديدة للخروج من الكساد الموجود.
وأيضاً تصفية البضاعة بالتخفيضات وتغيير نوع النشاط حتى يتحصل على قيمة البضاعة بسرعة، أو الشعور بعدم الأمان في المنطقة التي قام فيها بإنشاء مشروعه مثل المناطق التي دائماً ما تنشئ فيها الحروب، أو التحصل على بضاعة من الخارج بقيمة مخفضة على سلع معينة، كما نقول ( كزيوني ) مثل حاوية أو أكثر من الشاشات والمفروشات ويتم بيعها بسعر منخفض ومكسب جيد ويتحصل على القيمة النقدية بسرعة
أما ما نراه في السوق الليبي فهناك ركود حاد يجب النظر إليه بجدية قبل فوات الأوان، ولا ننفي أن هناك بعض الدول تمر بنفس الأزمة الاقتصادية ولكن نراهم يهتمون بمثل هذه الأزمات ويضعون الحلول لها.
كما صرح نائب رئيس لجنة سوق المنزلية الكريمية “حاتم الشوماني” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية بخصوص التخفيضات بالسوق الليبي قائلاً: بالنسبة للتخفيضات ترجع لعدة أسباب وهي : الركود الاقتصادي الذي إرتفع هذه الفترة، أصبح التاجر يتجه إلى التخفيض في سعر البضاعة لتنشيط السوق ولتحفيز المشتري وترغيبه ولدوران عجلة التجارة.
مضيفاً : إن انخفاض في أسعار شحن بضاعة الصين من 16000$ إلى الأسبوع الحالي 9500$ بل هناك بعض الخطوط تصل إلى 7800$ لحاوية 40HQ، التخفيضات في أسعار البضاعة سيتسبب في خسارة لكتير من التجار وضياع جزء من رأس مالهم.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة مصراتة والمهتم بشأن الاقتصادي “علي الغويل” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: أسباب التخفيضات الحالية في بعض السلع والمنافسة بين التجار والسيناريو المتوقع حدوثه الفترة القادمه عندها عدة أسباب منها: في بداية السنة، كما لاحظ الجميع زيادة الأسعار خصوصاً الفترة التي سبقت شهر رمضان فالكل كان يرمي اللوم على التجار وجشع التجار، لأن المواطن يرى في أن سعر الدولار لم يتغير وأسعار السلع في تزايد، وأصبح هذا السيناريو لعدة أشهر ، إلا أن الواقع والحقيقة سبب إرتفاع هذه الأسعار في الأشهر السابقة وبداية انخفاضها الأن هي “الأسعار العالمية “.
مضيفاً: كذلك انحسار وباء كورونا بشكل كبير في أغلب الدول العالم، إضافة إلى الحرب التي نشبت بين روسيا وأوكرانيا إلى حدوث أزمات عالمية، وارتفاع في الأسعار خصوصاً في السلع الغذائيه وما فحواها، وكذلك أسعار الشحن والمحروقات كلها سببت في تزايد مشكلة التضخم عالمياً وما له من دور كبير في إرتفاع أسعارنا نحن داخلياً .
متابعاً: أما ما يحدث الأن فهو ردت فعل لما يحصل وذلك بعد الارتفاعات المستمرة التي حصلت في الفترة السابقة، فبعد تغلب الصين على هذا الوباء وبداية انتعاش اقتصادها وفتح كل ماكان هوا مقفول لديها من مدن ومصانع وشركات وارتفاع المخزون السلعي في مخازنها مما جعلها تخفض أسعار الشحن للمساهمة في زيادة صادراتها للعالم.
وأشار إلى أن أسعار الغذاء في العالم في تناقص مستمر، حيث سجل مؤشر أسعار الغذاء الخاص بلأمم المتحدة انخفاضاً للشهر الخامس على التوالي، في إشارة إلى أن مستوى الأسعار وحدة التضخم في اتجاهها إلى الانخفاض.
وختم حديته متسائلاً: هل أن هذه الانخفاضات المستمرة في الأسعار العالمية سوف تأتي أكلها في تخفيض من حدة الركود الذي يعاني منه اقتصادنا الأن ؟.
صرح المستشار الاستثماري “منذر الشحومي” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية حيال الانخفاض الذي يشهده السوق الليبي في الآونة الأخيرة، حيث قال: من المتعارف عليه أن السلع المرنة (السلع التي تتأثر بالعرض والطلب ويمكن استبدالها من قبل المستهلك) تتأثر بحركة السوق بشكل مباشر وتنخفض اسعارها عند انخفاض الطلب عليها، كذلك هناك سلع ذات عمر محدود وينخفض سعرها عند اقتراب موعد انتهاء صلاحياتها، كذلك الأسعار العالمية للحبوب والزيوت عادت لما كانت عليه قبل إجتياح روسيا لاوكرانيا وكذلك انخفض سعر الشحن العالمي بشكل مفاجئ.
وأضاف بالقول: عند ربط هده الأحداث مع انخفاض النشاط الاقتصادي في ليبيا فإن انخفاض الأسعار يعتبر مفهوم، ليبيا دولة ريعية وأكثر من 80% من الناتج المحلي هو يعتمد على قطاع المحروقات والكهرباء لذلك الانهيار الاقتصادي سيكون مربوط بالأسعار العالمية للمحروقات، لكن القطاع الخاص يعتبر مشلول حاليًا بسبب السياسات المالية وكذلك الضوابط على الاستيراد والتصدير ومنع الاستيراد عن طريق التحويل مقابل المستندات مما يقلل الدورة المالية للتجار ويسبب في إرتفاع التكلفة وانخفاض هامش الربح مما يدفع التجار لوقف الحركة التجارية عن انخفاض الطلب.
قال “الشحومي” كذلك: في رأي المتواضع سيكون هناك انخفاض في الأسعار لحين استنزاف المخزونات وبعدها سترتفع الأسعار لمستواها الطبيعي، هناك بعض التكهنات بتعديل سعر الصرف لكنها ليست مدعومة بأي تصريحات رسمية من المركزي مما يدعو التجار لتخفيض الأسعار للتخلص من السلع، هذا السيناريو كذلك مؤقت ولن يدوم إلا في حالة تعديل سعر الصرف الذي أراه غير ممكن في ضل السياسات المالية التوسعية وعدم استقرار أسعار النفط.
وأوضح بالقول: رأي اكاديمي بحث وليس مبني على أي دراسات لحركة التجارة في ليبيا حاليًا لأن ذلك يتطلب فحص أنواع السلع التي انخفضت وكمية السلع المستوردة والمخزون الحالي لدى التجار.
قال أيضًا: هامش الربح في السلع الكهربائية والتقنية والسلع المشابهة عادة عالي والتاجر يستعيد رأس المال بعد بيع حوالي 50% من المخزون، كذلك الوكالات الرسمية للشركات العالمية تحصل على تخفيضات موسمية عند خروج موديلات جديدة والموزع عادة لا يمرر التخفيض إلا اذا كان مضطر، إلا إذا كان التجار على علم بتخفيض مؤكد في سعر حقوق السحب مقابل الدينار لكني أراه تكهن وتمني غير منطقي في الوقت الحالي.
أختتم حديثه قائلًا: مثال على أسعار السيارات، يمكن شراء بورش كايان موديل 2015 في بلجيكا بما لا يزيد عن 7 آلاف يورو ويتم بيعها في ليبيا بما لا يقل عن 80 ألف دينار في حين أن سعر التكلفة لا يزيد عن 45 ألف دينار.
قال رجل الأعمال الليبي “حسني بي” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية: تتداول هذه الأيام وبعدة صفحات تواصل اجتماعي أخبار عن “تخفيضات” بعدة منتجات بدءً من السيارات المستعملة إلى الإلكترونات وذهاباً للأثاث والسجاد ومروراً بالمواد الغذائية (و الذي قد تكون منتهية الصلاحية) .
وتابع بالقول: الكثير يسألني عن ماذا يجري بالسوق والبعض يجيب أن التخفيضات نتاج منافسة تجارية والآخرين يروجون أن ترجح التخفيضات الكبيرة إلى انخفاض ناولون النقل البحري من موانئ الصين إلى الموانئ الليبية بمقدار 10 آلاف دولار الحاوية 40 قدم ( 60%) والاقتصاديين متخوفون ومندهشون وبعضهم يقر ويبرر عن دخول ليبيا في مرحلة كساد اقتصادي ما بعد التضخم الركودي المعاش .
وتابع قائلاً: شخصياً أرجح أن تأثير إنخفاض النوالين قد لا يؤثر في تخفيض عام للأسعار بما يتعدى 10% وأن التصحيح السعري الناتج عن التضخم الركودي قد لا يؤثر بالانخفاض ما يتعدى 20%.
وأفاد قائلاً: ولكن من المذهل أن تنخفض الأسعار للمواد المعمرة والأثاث أكثر من 40% أو أن تصل بالسجاد إلى 90% ( أو 10% من قيمته نهاية عام 2021 )، هذا الكم من التخفيض لا يمكن أن يكون تعديل أو تسوية سوق “هناك شيء غريب ” .
وأكد بالقول أنه إذا صح ما يتداول من تخفيضات تقارب 90% قد يرجح هذا التخفيض إلى تصفية نهائية لأعمال وأنشطة اقتصادية أو قد يقودنا إلى التفكير الأبعد إلا وهو ” أموال غير مشروعة كان يستثمرها مكتسبيها يغسلونها من خلال أعمال مشروعة” ورأو الآن الحاجة الملحة لتسييل قيمتها تخوفاً من ملاحقات قانونية من قبل النيابة العامة أو لتمويل أعمال بديلة أتمنى ألا تكون أعمال تخالف القانون .
وختم حديثه بالقول: لا يمكن القبول بالقول أن إنخفاض النقل أو الركود كان سبباً في تخفيضات بهذا الكم من النسب تتعدى 50% وتصل 90% حتى وإن كان هذا التخفيض في صالح المستهلك فهنيئاً للمستهلك .
وصرح الخبير الاقتصادي “محمد الطاهر” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: العالم يمر بأسره بفترة صعبة اقتصادية وسياسية ولم يعد الأمر تحكمه عوامل العرض والطلب للسلعة، بل أصبحت القرارات السياسة ذات أثر كبير على حركة التجارة الدولية وأولويات الاستثمار .
وأضاف بالقول: هذا يقود المستهلك للجوء إلى ضمان عدم تعرضه لعسر فى حياته وأصبح يتبع أسلوب الإنفاق بشكل محدد بل تأجيل الدخول في التزامات مستقبلية، وهذا النهج فى نمط الاستهلاك يقود إلى انخفاض الطلب بشكل سريع .
وتابع بالقول: من الجانب الأخر البائع هو أيضاً يرغب بأن يتصرف في ما لديه بأقل الخسائر والشروع فى عدم الاحتفاظ بمخزون خاصة السلع الاستهلاكية، وأيضاً عدم فتح نوافذ جديدة للاستثمار الذى سوف يقود بالطبع الدخول في قروض مما يعني اثقاله بألتزامات مستقبلية غير واثق من تغطيتها .
وقال: أوضاع كهذه افقدت كل من المستهلك والمشتري التحرك مما نجم عنه غياب الطلب وزيادة العرض عن الطلب، مما يدخل الاقتصاد في دائرة مغلقة، والأخطر من ذلك الدول ذاتها مرهقة بديون عامة وصلت إلى أكثر من 270 ترليون دولار منها أكثر من 10% دين عام جله تم انفاقه من الحكومات في جوانب غير استثمارية وهذا ما يجعل الحكومات عاجزة تماما على مد العون لتحريك الطلب على السلع أو الإقراض لغرض الاستثمار .
وختم حديته قائلاً: قد يكون ما ذكر أعلاه يخص العالم، غير أن ما يمر بوضع سوق السلع فى ليبيا أمر آخر، في تصوري ما يحدث في سوق السلع الليبى هو هروب إلى الأمام من أصحاب السلع المخزنة خوفاً من خلافات أو حتى مناوشات عسكرية في إمكان التخزين ، مما قد يعرضهم لخسائر جمة سواء بالنهب أو الحرق، إضافة إلى ما يدور حول رفع قيمة الدينار الليبي في ظروف التقارب الواضح بين متصدري المشهد مما سوف يكلف أصحاب المخزون الفرق بين سعر الشراء للسلع وسعر البيع بعد التعديل .
ختاماً، السؤال الذي يطرح نفسه بشدة لماذا شملت التخفيضات سلعاً محدودة بعينها؟ ولماذا لم يخرج التجار أو الجهات التي ترعى مصالحهم لتوضيح ماجرى ويجري؟ ولماذا هذا التوقيت؟ وهل هناك علاقة لدوائر رسمية بذلك ؟ وهل للبنك المركزي يد فيما يحدث؟ ومن المستفيد الأول من هذه الحمى؟