كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
في الأصل وفي العادة الإكتثاب في القروض العامة من قبل الأفراد والمصارف أو الشركات في السندات التي تصدرها الحكومات إختياري أي طوعي، وذلك وفق شروط معينة يتفق عليها مسبقاً تحدد قيمة الاقساط والفوائد وأجال الإستحقاق
فالأفراد والمصارف والشركات لها حرية الإكتتاب في السندات الحكومية ولها أن ترفض .
لكن أحياناً وفي حالات إستثنائية تكون القروض إجبارية أي تتم دون موافقة المكتتبين فيها وذلك عند حدوث أزمات مالية واقتصادية بسبب ضعف الايرادات العامة للحكومات من ضرائب واتاوات وتراجع حصيلتها من العملات الأجنبية فحينها تكون الحكومات مضطرة للإقتراض وذلك بأن تصدر قرارات أو مراسيم تلزم بموجبها المواطنين على الأكتتاب في سندات القرض عبر إقتطاع نسبة من مرتبات العاملين لديها أو عبر إلزامها للشركات بتخصيص نسبة من صافي دخولها لشراء السندات .
وهذه الطريقة تتم بشكل علني وصريح ، وفي المقابل تلتزم الحكومات بإعادة ما أقتتطعته من العاملين والشركات خلال أجال محددة مع دفع الفوائد .
ليبيا لم تكن إستثناء من كل ذلك فعلى مدى العقود الماضية أضطرت حكوماتها لفرض القروض الإجبارية في مرات عدة بطريقة ضمنية دون الإفصاح عنها ودون صدور أي قرارات بشأنها إلى درجة إن معظم المواطنين لا يعلمونها رغم هم من دفعوا قيمتها وكان ذلك بهدف تغطية العجوزات في الميزانية العامة بسبب تراجع إيرادات النفط .
ومن أمثلة ذلك .
1- في العام 1986 م اللجنة الشعبية العامة أنذاك وفي ظل إنهيار إيرادات النفط قررت إيقاف ترقيات العاملين في الدولة عن سنتي 1986 و 1987 م ، ورغم تحسن الظروف المالية في الأعوام التي تلث ذلك ، فإن اللجنة الشعبية العامة أستئنفت صرف الترقيات بشكل فوري ولم تصرفات قيمة الترقيات المتوقفة و المتراكمة .
2- في 2014 و مع توقف تصدير النفط أوقفت حكومة زيدان والحكومات المتعاقبة صرف علاوة الأبناء التي تقدر ب بأكثر من ثلاثة مليار دينار ونصف سنوياً ، حيث أستمر إيقافها حتى نهاية العام 2020 م ، وخلال العام 2021 م ومع إستئناف تصدير النفط قامت حكومة الوحدة الوطنية بصرف قيمة العلاوة بشكل فوري دون صرف القيمة المتراكمة والتي تقارب اليوم من 30 مليار دينار .
3- في العام 2020 م ومع توقف تصدير النفط مجدداً و بشكل شبه كامل ومع إنتشار وباء كورونا ، أقرت حكومة الوفاق الوطني أنداك خصم ما نسبته %20 من مرتبات العاملين بالقطاع العام التي كانت تقدر في ذلك العام ب 24 مليار دينار .
وخلال العام 2021 م ومع إستئناف تصدير النفط شرعت حكومة الوحدة الوطنية في إعادة صرف قيمة الخصم دون صرفها للقيمة المستقطعة خلال العام 2020 م و المقدرة ب 5 مليار دينار إلى يومنا هذا .
وصحيح من خلال الأمثلة المذكورة أعلاه لم تدخل إلى خزانة الحكومة أي أموال في شكل قروض لكنها بالتأكيد وفرت أموال ضخمة كان يتوجب عليها تدبيرها من مصادر مختلفة لتغطية العجوزات في الميزانية العامة بسبب تراجع إيرادات النفط .