كتب عمرو الختالي باحث متخصص في صناديق الثروة السيادية والاقتصاد السياسي بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا موجز رقم (6) في المال والاستثمار .
حالة عدم اليقين المالي والاقتصادي العالمي المستقبلي جعلت المستثمرين يتّسمون بالمزيد من الحذر عند إبرامهم الصفقات، ووفقًا لشركة Refinitivالمتخصصة في تزويد بيانات السوق المالية والبنية التحتية، فقد انخفضت الصفقات العابرة للحدود في عام 2022 إلى 3.56 تريليون دولار أمريكي من 5.7 تريليون دولار أمريكي في عام 2021، وقد ساهمت التغيرات الجيوسياسية العالمية والتضخم وارتفاع أسعار الفائدة وعشرات الصراعات العسكرية في هذا القلق الاستثماري في النصف الثاني من عام 2022.
وفقًا لنشرة FDI Intelligence، فبحلول نهاية عام 2022، انخفض عدد الصفقات العابرة للحدود في أمريكا الشمالية بنسبة 21.3%، وفي أوروبا بنسبة 8.6%، وفي آسيا بنسبة 14.4%. بينما كانت صناديق الثروة السيادية في دول الخليج مشغولة للغاية بنشاطاتها المتنوعة خلال الفترة نفسها. وصرحت منصة البيانات Global SWF المتخصصة أن خمسة من أصل عشرة مستثمرين نشطين في عام 2022 هم من منطقة الخليج، حيث قاموا بضخ أكثر من 50 مليار دولار أمريكي عبر مجموعة متنوعة من الصناعات والمناطق.
وتُعَدُّ هذه الزيادة هي الأعلى منذ عام 2018، وقد تصدرت السعودية والإمارات وقطر القائمة في المنطقة من خلال ضخ عائدات نفطية كبيرة متاحة في عامي 2021 و 2022.
لم تكن الـ 50 مليار دولار أمريكي المستثمرة في عام 2022 في مأمن من اضطرابات السوق العالمية في الأسواق الأمريكية والأوروبية. فقد تلقت معظم هذه الصناديق الخليجية بالفعل ضربة قوية لميزانياتها العمومية الإجمالية من خلال التعرض للأسواق الأمريكية والأوروبية، ولكن بشكل عام، تعافى معظم هذه الصناديق بشكل أسرع من تعافي الصناديق الدولية الأخرى غير القائمة على النفط، وذلك بسبب الضخ المستمر لإيرادات النفط.
من خلال خبرتي في هذا المجال، ومن منظور السياسة الخارجية، يتبيّن أن النفوذ السياسي وقوى الضغط التي يجلبها ما يُعرف بالبترودولار تستحق المخاطرة المالية قصيرة الأجل.
صندوق مصر السيادي (TSFE)
أكبر أصول مصر هو سوقها المحلية الضخمة التي تبلغ 110 ملايين نسمة ومجموعة كبيرة من العمال المتعلمين والمهرة في العديد من الصناعات التي يجدها المستثمرون الأجانب جذابة.
▪ كجزء من رؤية مصر 2030، وبالتعاون مع اتصالات مصر، أطلق صندوق مصر السيادي TSFE مشروع التمويل الأصغر (إرادة) من أجل دعم الشركات الناشئة الصغيرة لتوفير فرص العمل والدعم المالي للشباب في مجال التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، وحتى الآن، استفاد أكثر من 3.8 مليون فرد وشركة من هذا المشروع، مع صرف أكثر من مليار دولار أمريكي.
▪ استحوذ صندوق مصر السيادي TSFE على حصة 20% من شركةاستثمارات (B) التابعة لصندوق الأسهم الخاصة المملوكة لمصر. وقد تم تخصيص ما يقارب 2 مليار جنيه مصري للصندوق الفرعي الجديد للخدمات الصحية والصناعات الدوائية من أجل جذب المستثمرين الخليجيين كمساندين ماليين أساسيين، وكان تركيز الصندوق الأولي ينصَبُّ على المركز المصري لأطفال الأنابيب وقطاع الصحة الإنجابية.
▪ يُجري صندوق مصر السيادي TSFE مناقشات مع شركة أبو ظبي للتنمية (ADQ) لتطوير وتشغيل ميناء توفيق بمنطقة السويس.
▪ يُجري صندوق مصر السيادي TSFE مناقشات مستمرة مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي PIF وجهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) وجهاز قطر للاستثمار (QIA) من أجل الاستثمار في مشاريع تحلية المياه بالطاقة المتجددة في مصر. تُقَدَّر الصفقة بمبلغ 3 مليارات دولار أمريكي، ويكون فيها صندوق مصر السيادي TSFEبصفة مالك جزئي.
▪ خلال المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023، التقت رئيسة مجلس إدارة صندوق مصر السيادي TSFE، السيدة هالة السعيد، مع أكبر شركة لإدارة الاستثمار في العالم، وهي شركة BlackRock حول إمكانية إجراء استثمار مستقبلي في المشاريع الخضراء المتجددة في مصر.
لأسباب جيوسياسية وللاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة مستقبلاً، ستستمر صناديق منطقة الخليج في ضخ المزيد من الأموال لدعم الاستثمارات في الاقتصاد المصري، لا سيما في المشاريع الاستراتيجية التي من شأنها أن تفيد شريحة كبيرة من السكان من خلال توفير وظائف ذات رواتب جيدة وتقليل المشكلة الحالية المتمثلة في عدم المساواة من ناحية الدخل ومن ناحية العدالة الاجتماعية التي تتطلع إليها الدولة المصرية.
صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)
في إطار جهوده المستمرة لتحقيق أهداف رؤية 2030 الرامية إلى تحديث المملكة وتنويع اقتصادها، بدأ الصندوق عام 2023 بنفس الزخم والتوجّه والالتزام الاستثماري لعام 2022 من خلال استثمارات رأسمالية في العديد من المناطق والمشاريع الصناعية المختلفة.
وفي عام 2023، ومع توفر النقد وتوافر مجموعة كبيرة من السعوديين والمستشارين الدوليين المتعلمين تعليمًا عاليًا، سنشهد ضخًا نقديًا أكثر توازنًا في المملكة وفي المنطقة مع الأسواق الأوروبية والأمريكية، وأعتقد أن السعوديين سيواصلون اندفاعهم لتحديث اقتصادهم وترقية مستوى البنية التحتية في المملكة إلى تصميم وطلب يتّسمان بطابع مستقبلي أكثر. سنشهد المزيد من الالتزام ببناء مدن جديدة على أحدث طراز ومجمعات مدن صناعية وتكنولوجية من شأنها توفير وظائف عالية الدخل يمكن أن تجذب فئة الشباب السعودي إليها.
▪ أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي PIF عن مشروع مشترك مع شركة التعدين السعودية (معادن) بقيمة 50 مليون دولار أمريكي لامتلاك 49% من هذه الشركة مع إمكانية زيادة رأس المال إلى 3 مليارات دولار أمريكي. والهدف هو تأمين المعادن الاستراتيجية اللازمة للصناعات السعودية، مثل خام الحديد والنحاس والنيكل والليثيوم.
▪ دخلت شركة معادن في اتفاقية شراكة مع شركة المعادن والتنقيب Ivanhoe Electric التي تتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقرًا لها مقابل حصة تبلغ 9.9% بقيمة 126 مليون دولار أمريكي.
▪ وقعت شركة معادن اتفاقية مشروع مشترك مع شركة Barrick Goldالتي تتخذ من كندا مقرًا لها للتنقيب عن المعادن في جبل سعيد وأم الدمار بالمملكة العربية السعودية.
▪ استثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي PIF مبلغ 465 مليون دولار أمريكي في شركة Kakao Corporation الكورية العملاقة للترفيه.
▪ زاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي PIF حصته في شركة الألعاب اليابانية العملاقة Nintendo إلى 7.1%. واستحوذ الصندوق على أسهم في شركات ألعاب عالمية أخرى مثل Capcom و Activision و Electronic Arts.
▪ جمع صندوق الاستثمارات العامة السعودي PIF مبلغ 5.5 مليار دولار أمريكي من إصداره الثاني للسندات الخضراء لغرض تمويل المشاريع الخضراء في المملكة. كان إصدار السندات هدفًا لاهتمام كبير من جانب العديد من المؤسسات الاستثمارية العالمية.
▪ أعلن رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة السعودي PIF، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن إطلاق مشروع مربّعجديد على أحدث طراز خارج الرياض ليكون ضمن أفضل 10 مدن ملائمة للعيش في العالم. من المتوقع أن تضم المدينة جامعة دولية، وأكثر من 9,000 غرفة فندقية ومختبر تكنولوجي مبتكر ودار أوبرا ومسارح ومتاحف. ومن المتوقع خلق أكثر من 300,000 فرصة عمل من المشروع. لكن لم يتم الإعلان عن التكلفة الإجمالية للمشروع ووقت الانتهاء منه.