Skip to main content
"الترهوني" يكتب: ما الآثار المترتبة على وقف العمل بإتفاق تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية
|

“الترهوني” يكتب: ما الآثار المترتبة على وقف العمل بإتفاق تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية

كتب “د. عبد الله ونيس الترهوني”: بعد وقف العمل باتفاق تصدير الحبوب بين روسيا وأوكرانيا في 17 يوليو 2023 حذرت روسيا نظيرتها الاوكرانية من الاستمرار بشكل منفرد في الاتفاق، فماهو مضمون هذا الاتفاق، وماذا يترتب عن وقفه؟

وفقا لأرقام برنامج الغذاء العالمي فإن اوكرانيا واحدة من أكبر موردي الحبوب عالمياً حيث يعتمد 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم على الحبوب الأوكرانية، وتعود مبادرة “حبوب البحر الأسود” وهي التسمية الرسمية للاتفاق إلى أواخر شهر يوليو 2022 عندما وقّعت تركيا والأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا إتفاقًا لاستئناف شحن الحبوب والمنتجات الزراعية من الموانئ الأوكرانية ولمدة 120 يوماً قابلة للتجديد، ويأتي الاتفاق بعد خمسة أشهر من بدء الحرب الروسية الاوكرانية، ونص الاتفاق أيضاً على وجود ممر بحري ومركز قيادة مشترك للإشراف علي عمليات الملاحة البحرية الخاصة بالسفن التي تحمل صادرات الحبوب من أوكرانيا خلال مرورها بالبحر الأسود، وتفتيش السفن التجارية في ميناء اسطنبول وذلك لضمان عدم نقل أي أسلحة بواسطة السفن التي ستبحر من وإلى الموانئ الاوكرانية التي شملها الاتفاق وهي يوجني وأوديسا وتشورنومورسك.

إن تعليق العمل بالاتفاق ليس هو الاول، فقد علقت روسيا الاتفاق في 29 أكتوبر عام 2022 على خلفية تفجير الجانب الأوكراني لجسر القرم، وفي 17 يوليو 2023 علقت روسيا الملاحة رسمياً في مضيق كيرتش الواصل بين البحر الأسود وبحر آزوف، وهذا يعني تعذر دخول السفن ومغادرتها لموانئ يوجني وأوديسا وتشورنومورسك الاوكرانية.

بالعودة إلى نص الاتفاق فإنه يسمح بشحن أكثر من 32 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية من موانئ أوكرانيا الثلاثة المطلة على البحر الاسود، وأن هذه الكمية تعادل ثلاث ارباع كمية الحبوب والمنتجات الزراعية التي تصدرها أوكرانيا، فيما يتم تصدير الربع المتبقي منها عبر سفن نهرية وشاحنات وقطارات في إتجاه دول وسط وغرب اوروبا، وأن من بين الكميات المصدرة بين اغسطس 2022 وحتى منتصف يوليو 2023 هي 9 ملايين طن من القمح، ومايقارب 17 مليون طن ذرة والتي قُدرت قيمتها بنحو 7.3 مليار دولار، أما باقي الكمية فكانت منتجات زراعية متنوعة، أما تفاصيل الكميات المشحونة من الموانئ الاوكرانية الثلاثة خلال نفس الفترة فكانت كالتالي: 1.56 مليون طن تم تصديرها خلال شهر اغسطس 2022، و3.9 مليون طن خلال شهر سبتمبر، و4.23 مليون طن خلال شهر اكتوبر، و2.6 مليون طن خلال شهر نوفمبر، و 3.73 مليون طن خلال شهر ديسمبر، و3.03 مليون طن خلال شهر يناير 2023، و3.39 مليون طن خلال شهر فبراير، و3.93 مليون طن خلال شهر مارس، و2.77 مليون طن خلال شهر إبريل، و1.33 مليون طناً فقط خلال شهر مايو 2023 ومن مينائي وأوديسا وتشورنومورسك فقط، و2.04 مليون طن خلال شهر بونيو ومن خلال المينائين المذكورين فقط، في حين تم تصدير 210 الف طن فقط عبر ميناء اوديسا خلال النصف الاول من شهر يوليو الجاري.

أوضحت الارقام التي نشرتها السلطات الروسية بعد توقف العمل بالاتفاق إلى أن 70% من الكمية المصدرة ذهبت الى الدول المتقدمة والغنية، مع الاخذ في الاعتبار انه تم اعفاء المنتجات الاوكرانية الزراعية من أي رسوم في الدول الاعضاء بالاتحاد الاوربي ولمدة عام، فعلى سبيل الذكر إستوردت اسبانيا مايقارب 11% من صادرات الحبوب الاوكرانية في حين استوردت رومانيا مايقارب 14%منها، وأن 18% فقط من الصادرات الاوكرانية ذهبت لدول افريقيا ودول الشرق الاوسط والتي تعاني أصلاً من فجوة كبيرة في انتاج الحبوب.

عربياً، تمثل واردات القمح حوالي 60 % من حاجة مصر، وهي بالمناسبة أكبر مستورد للقمح في العالم، وأن نحو 85 % من وارداتها من القمح تأني من روسيا وأوكرانيا، فيما يستورد اليمن أكثر من 50 % من حاجته للقمح من دول حوض البحر الأسود، في حين تستورد تونس 82% من حاجتها من القمح من اوكرانيا، الجدير بالذكر أن أكثر من 43 دولة حول العالم من بينها دول عربية لاتمتلك مخزونات استراتيجية من الحبوب وتعتمد على الاستيراد.

من جانب آخر، إرتفعت أسعار الحبوب عالمياً بنسبة 10% منذ وقف العمل بالاتفاق وهو إرتفاع مؤقت، علماً بأن أسعار القمح العالمية قد سجلت خلال النصف الاول من شهر يوليو سعر 690 دولار للطن، وهي التي بلغت أعلى سعراً لها قبل توقيع الاتفاق وعند 1200 دولار للطن، بموازاة ذلك واصل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الحبوب هبوطه منذ بداية العمل بالاتفاق وبنسبة تجاوزت 20% خلال عام، ووصل الى 122.3 نقطة في يونيو 2023 نزولاً من 166.3 نقطة كان قد سجلها عشية توقيع الاتفاق، يُذكر أن نفس المؤشر قد سجل أعلى قيمة له خلال عقدين من الزمان وعند 154.7 نقطة قبل اندلاع الحرب، وبالتالي فإنه على المدى القريب فإن سعر هذه المنتجات لن يرتفع كثيراً وذلك لوفرة المعروض من الانتاج الزراعي في بعض الدول وبالاخص دول شرق اوروبا.

في الاثناء ترى روسيا انها قد أوفت من جانبها بكل بنود الاتفاق، في حين تخاذلت باقي الاطراف الموقعة عليه في الوفاء بالتزاماتها، وحددت وزارة الخارجية الروسية 5 شروط لاستئناف العمل بالاتفاق وهي: إعادة ربط نظام البنوك الروسية “روسلخوزبانك” بنظام سويفت الدولي، واستئناف توريد الآلات الزراعية وقطع الغيار، ورفع الحظر المفروض على وصول السفن الروسية إلى الموانئ الأوروبية، وإعادة ترميم خط أنابيب الأمونيا “تولياتي” أوديسا واستئناف العمل به، ورفع الحظر عن الأصول الأجنبية وحسابات الشركات الروسية المتعلقة بالمواد الغذائية والأسمدة.

"الترهوني" يكتب: ما الآثار المترتبة على وقف العمل بإتفاق تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية
مشاركة الخبر