| مقالات اقتصادية
“أبو سنينة” يكتب: قراءة في تقرير أهم البيانات والمؤشرات المالية للمصارف للربع الثالث 2024
كتب الخبير الاقتصادي “محمد أبو سنينة” مقالاً قال خلاله:
تناقلت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي المعلومة المتعلقة بارتفاع أرباح المصارف التجارية، مجتمعة، خلال العام الحالي وحتى نهاية الربع الثالث من السنة المالية 2024, لتصل 1.639 مليار دينار مقارنة بمبلغ 668.0 مليون دينار بنهاية الربع الثالث من عام 2023، بنسبة 145.4%.
التقييم المالي، والموضوعي، لهذا المؤشر، بهدف الحكم على سلامة أداء المصارف، يستوجب النظر في بعض المؤشرات الأخرى ذات العلاقة، ويأتي على رأس هذه المؤشرات، مدى احتفاظ المصارف التجارية بالمخصصات الكافية في مواجهة الديون المشكوك فيها ومدى كفاية هذه المخصصات، بمعنى آخر حجم فجوة المخصصات التي يظهرها المركز المالي المجمع للمصارف التجارية .
وقد بين التقرير أن نسبة تغطية مخصص الديون المشكوك فيها لإجمالي القروض المتعثرة بلغت 58.6 ٪ في نهاية الربع الثالت لعام 2024، وهذا يعني أن فجوة المخصصات تصل إلى 41.4 ٪ ، وكان الأولى بالمصارف توجيه نسبة أكبر من الدخل لتكوين المزيد من المخصصات دعما للمركز المالي لهذه المصارف، وتقليص الفجوة، غير أن المصارف فضلت الإعلان عن أرباح ضخمة على حساب تكوين المخصصات الكافية في مواجهة ديونها المتعثرة، بالرغم من نسبة الديون المتعثرة لازالت فوق 20٪ من إجمالي المحفظة الإئتمانية .
المؤشر الآخر، الذي يجب أخده في الإعتبار عند تقييم الأرباح التي حققتها المصارف، هو مصدر الدخل الذي أفضى إلى تحقيق هذه الأرباح، عادة تهتم المصارف بتنمية الدخل المتحقق من النشاط الأساسي للمصرف أو ما يعرف ب ( core business ) والذي ينحصر أساساً في القروض والتسهيلات التي تمنحها المصارف في إطار دورها الرئيسي المتمثل فى الوساطة المالية، أي توظيف الودائع لأغراض التمويل وخلق الإئتمان، وفي هذا الخصوص يشير التقرير إلى أن الأصول المولدة للدخل تعتبر متدنية ولم تصل حتى إلى 20٪ من إجمالي الأصول، مما يعكس ضعف أو تدني توظيف الأموال لدى المصارف التجارية .
الملاحظة الأخرى، الجديرة بالإهتمام، زيادة رصيد الحسابات المكشوفة لدى المراسلين ( بالخارج ) وهي حسابات مقومة بالنقد الأجنبي حيث يبيّن التقرير أن رصيد الحسابات المكشوفة قد إرتفع من المعادل لمبلغ 181.2 مليون دينار في نهاية الربع الثالث من عام 2023 إلى المعادل لمبلغ 763.5 مليون دينار، وبنسبة زيادة تبلغ 421.4٪ في نهاية الربع الثالث من عام 2024، وقد بين التقرير أن هذا الرصيد المكشوف الكبير نسبياً يرجع لتأخر قيام المصارف بتسوية حساباتها مع المصارف المراسلة، مما يعرضها لدفع فوائد ستفضي إلى تخفيض أرباحها المتوقعة بنهاية السنة المالية ، فضلا عن تعرضها لمخاطر ترتبط بسعر صرف الدولار الأمريكي الذي يتجه نحو الزيادة .
أي أن الأرباح المعلنة بنهاية الربع الثالث من عام 2024 يجب ان تقرأ بشيء من التحفظ كونها جاءت على حساب إلتزامات ما كان على المصارف تجاهلها فضلا عن كون معضمها نتيجة لعمولات ورسوم تفرضها المصارف على زبائنها، وليست نتيجة لما قامت به المصارف من نشاطات تمويلية ترتبط بنشاطاتها وعملياتها الأساسية .