| مقالات اقتصادية
“أبوسنينة” يكتب حول التنبيه الذي وجه إلى المصرف المركزي من قبل بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بشأن اخضاع معاملاته المقومة بالدولار الأمريكي للمراجعة والتدقيق
كتب: الخبير الاقتصادي “محمد أبوسنينة” التنبيه الذي وجه إلى المصرف المركزي من قبل بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بشأن اخضاع معاملاته المقومة بالدولار الأمريكي للمراجعة والتدقيق :
هذا الإجراء يقع في إطار ما يعرف
ب D- Risking وهو إجراء تلجأ إليه المؤسسات المالية الدولية عندما تستشعر بوجود مخاطر مالية تصاحب معاملاتها المالية مع بنوك أو مؤسسات مالية أخرى، فتضطر إلى إيقاف معاملاتها معها .
وفي العادة تتركز المخاطر التي تستوجب اخضاع المعاملات المالية لبنك مركزي أو مؤسسة مالية تعمل في الأسواق المالية الدولية في مخاطر غسل الأموال وتمويل الأرهاب( AML- CTF ) بالإضافة إلى ضعف إجراءات مايعرف بأعرف عميلك ( kyc ) التي تطبقها المؤسسات المالية التي يجري تقييد معاملاتها لما تتضمنه من مخاطر مالية .
وينضوي الإجراء على الشك في قدرة إدارة المؤسسة المالية على إدارة أموالها بشفافية تامة، أي فقدان الثقة في إدارة المؤسسة، وهو أسوأ ما يمكن أن تتعرض له أي مؤسسة مالية .
إن لجوء بنك الاحتياطي الفدرالي إلى هذا الإجراء، وطلب إشراك طرف ثالث في مراجعة العمليات المالية مع المصرف المركزي يدل على أن بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يواجه مشاكل في السيطرة على المخاطر المرتبطة بالمعاملات المالية مع البنك المركزي والقطاع المصرفي الليبي بصفة عامة، أو عدم القدرة على إدارة هذه المخاطر بشكل كفوء .
وبطبيعة الحال فإن الإجراءات التي تتخذها المؤسسات المالية الدولية للتحوط ضد المخاطر المالية الناجمة عن تعاملها مع مختلف المؤسسات تختلف من مؤسسة إلى أخرى ، وحسب درجة المخاطر المالية المتوقعة .
ولاستمرار المعاملات المالية مع المؤسسة المالية ذات المخاطر العالية يتم اللجوء إلى الاستعانة بمؤسسات مالية ( طرف ثالث ) تتصف بإتباعها إلى نظم إدارة مخاطر قوية ، ولذلك يجري المفاضلة بين هذه المؤسسات على أساس سمعتها ونظام إدارة المخاطر المالية الذي تعتمده .
ووفقاً لمجموعة العمل المالي الدولية ( FATF ) فان تطبيق ( D-Risking ) على أية مؤسسة يعبر عن وضع معقًد يتجاوز مجرد الالتزام باجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويتطلب الالتزام بكامل توصيات ومعايير الفاتف( FATF ) الأربعين ، الموجهة للمؤسسات المالية، لا سيما وإن المؤسسات المالية التي تلجأ إلى أعمال سياسة D-Risking مع عملائها غير مضطرة إلى تبرير هذا الإجراء أو إرجاع الموضوع إلى احكام قضائية ، لأن إدارة المخاطر المالية شأن داخلي تقدّره المؤسسة المالية ذاتها، وما على المؤسسة المالية التي تتعرض لهذا الإجراء أو الحظر ( الزبون أو العميل ) الاّ الادعان وتسوية وضعها.
إن التقليل من أهمية وخطورة اخضاع المصرف المركزي لمخاطر D- Risking لا يخدم مصالح الاقتصاد الوطني ومستقبل القطاع المصرفي والمالي الليبي، وينبغي أخده بجدية كاملة ، ويحتاج إلى وضع استراتيجية تضمن استدامة المعاملات المالية مع العالم الخارجي، تفاديا للتأخير والتعطيل الذي ستتعرض له المعاملات المالية المقومة بالدولار مع العالم المصارف المراسلة في الخارج ، بما في ذلك تحصيل إيرادات النفط الدولارية، مما سيؤثر على استقرار الأوضاع الاقتصادية وعلى إمدادات السلع الاستهلاكية، وقدرة الدولة في الإيفاء بإلتزاماتها الخارجية وما يترتب عليه من خسائر سيتعرض لها المصرف المركزي والقطاع المصرفي بصفة عامة .