| مقالات اقتصادية
“الشائبي”: هذا التنويه يعتبر مؤشر خطير على طبيعة العلاقة بين القطاع المصرفي الليبي والمؤسسات المالية الدولية
كتب: الخبير الاقتصادي “عمران الشائبي” مقالاً
تداولت صفحات التواصل الرسالة التي وجهها المصرف المركزي لديوان المحاسبة بناء على التنبيه الذي وجهه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى المصرف المركزي بشأن إخضاع معاملاته المقومة بالدولار الأمريكي للمراجعة والتدقيق.
هذا التنويه يعتبر مؤشر خطير على طبيعة العلاقة بين القطاع المصرفي الليبي والمؤسسات المالية الدولية، ويستدعي التعامل معه بجدية بالغة حيث يندرج هذا الإجراء تحت سياسة “إزالة المخاطر” الذي يصفخا فريق العمل المالي فريق العمل، والتي تقوم فيها المؤسسات المالية بإنهاء أو تقييد العلاقات التجارية مع العملاء أو فئات من العملاء لتجنب المخاطر بدلاً من إدارتها بما يتماشى مع نهج فريق العمل المالي FATF القائم على المخاطر.
فما هي أهمية هذا الإجراء وتداعياته، اولا فقدان الثقة المؤسسية حيث تعبر هذه الإجرائية عن شكوك عميقة من البنك الفيدرالي الاحتياطي في قدرة المصرف المركزي الليبي على إدارة عملياته المالية وفق المعايير الدولية، مما يؤثر في سمعة المصرف المركزي وينعكس على ذلك تقليص التعاملات الدولية.
ثانياً تعقيد العمليات المالية الدولية وإخضاعها لمراجعات دقيقة أو إشراك طرف ثالث في عمليات التدقيق كما هو منوه له في الرسالة، وقد يؤدي إلى تعطيل العمليات المالية الحيوية، مثل تحصيل إيرادات النفط أو تسهيل الواردات الأساسية، ثالثاً انعكاسات اقتصادية مباشرة بسبب القيود على التعاملات المالية المقومة بالدولار التي قد تؤدي إلى تأخير الإيفاء بالالتزامات الخارجية للدولة، مما ينعكس سلبًا على استقرار الاقتصاد الوطني، ويؤثر على قدرة الدولة على توفير السلع الأساسية أو الحفاظ على الاستقرار النقدي.
تطبيق سياسة “ازالة المخاطر” من قبل المؤسسات المالية الدولية، وفقًا لمجموعة العمل المالي الدولية لا يرتبط فقط بمخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بل يعكس نظرة شاملة للمؤسسة المعنية ومدى التزامها بالمعايير الدولية الأربعين التي وضعتها المجموعة، دون الحاجة إلى تبرير رسمي، لأن الأمر يتعلق بإدارة المخاطر وفق تقييم داخلي.
وعلى المصرف المركزي تحسين إجراءاته وإثبات قدرته على الالتزام بالمعايير الدولية لاستعادة ثقة المؤسسات المراسلة لمنع تأخير المعاملات المالية الدولية وتعطيل في التدفقات المالية مع العالم الخارجي، وتعزيز إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتطوير نظام قوي لتطبيق إجراءات “اعرف عميلك”، ورفع مستوى الشفافية في إدارة العمليات المالية، وإشراك مؤسسات مالية موثوقة وذات سمعة جيدة كطرف ثالث لإدارة المخاطر، وطلب دعم استشاري من مؤسسات مالية دولية لتحسين معايير الامتثال، والعمل على استراتيجية طويلة الأمد.
فعندما تم اقتحام المصرف المركزي المدة الماضية بطرق كانت غير مدروسة، جعلت من المؤسسات الدولية تتخذ اجراءات ستكون صارمة إلى أن يتم تجديد الثقة بالمؤسسات المالية للدولة الليبية.
كما أننا نثق في مجلس الإدارة الجديد والكوادر الفنية بالمصرف من اجتياح هذه العقبة بسلام.