Skip to main content
اشنيبيش: من السيولة الورقية إلى الاقتصاد الرقمي.. خارطة طريق ليبية نحو الدفع الإلكتروني
|

اشنيبيش: من السيولة الورقية إلى الاقتصاد الرقمي.. خارطة طريق ليبية نحو الدفع الإلكتروني

كتب “أنس اشنيبيش” مقالاً قال خلاله: العالم يتجه منذ فترة نحو تقليص الاعتماد على النقد الورقي، لا تزال ليبيا تعاني من اقتصاد يعتمد بشكل كبير على السيولة النقدية، مما يعيق الشفافية، يزيد من حجم السوق غير الرسمي، ويبطئ عجلة الاقتصاد الوطني. ولكن، ومع استمرار مصرف ليبيا المركزي في طباعة العملة النقدية، تبرز فرصة استراتيجية لتحويل هذا الواقع إلى نقطة انطلاق نحو اقتصاد رقمي فعّال ومستدام.

وفيً هذا المقال المبسط خطة عمل قد تكون واقعية ومتكاملة لليبيا تهدف إلى تقليل الاعتماد على العملة الورقية، وتشجيع جميع فئات المجتمع – خصوصًا أصحاب المحال التجارية والخدمات العامة – على التحول إلى أنظمة الدفع الإلكتروني.

أولاً: الأساس التشريعي والتنظيمي

1. إنشاء إطار قانوني وطني شامل:

• إلزام الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع العام بقبول الدفع الإلكتروني.

• تنظيم عمل مزودي خدمات الدفع والمحافظ الرقمية.

• اعتماد التوقيع الرقمي والهوية الرقمية المرتبطة بالرقم الوطني.

2. تقييد التعاملات النقدية تدريجيًا في المؤسسات الرسمية:

• حظر الدفع النقدي للرسوم الحكومية بعد فترة انتقالية.

• فرض رقمنة المدفوعات في المرافق العامة (المدارس، الجامعات، المستشفيات).

ثانيًا: تطوير البنية التحتية المالية والتقنية

1. توسيع شبكة نقاط البيع (POS) ووسائل الدفع الذكية:

• توفير أجهزة الدفع الإلكتروني بأسعار مدعومة أو بنظام التأجير.

• دعم اعتماد رمز QR الموحد للدفع في المحلات الصغيرة.

2. تطوير المحافظ الإلكترونية الوطنية:

• إنشاء محفظة إلكترونية وطنية بإشراف المصرف المركزي، مربوطة بالرقم الوطني.

• تشجيع ربط الحسابات البنكية بالمحافظ الرقمية.

3. تحسين الاتصال وتقنيات الدفع عبر الإنترنت:

• توسيع تغطية الإنترنت خاصة في المناطق التجارية.

• تطوير باقات خاصة بالتجار والجهات الخدمية لدعم الاتصال المستقر والسريع.

ثالثًا: التحفيز والتشجيع

1. حوافز لأصحاب المحلات والخدمات العامة:

• إعفاءات ضريبية مؤقتة أو خصومات للمنشآت التي تعتمد الدفع الإلكتروني.

• دعم مالي لتوفير الأجهزة التقنية اللازمة.

2. مكافآت للمواطنين:

• مكافآت مالية أو نقاط عند استخدام الدفع الإلكتروني في المعاملات اليومية.

• حملات ترويجية بالتعاون مع الشركات والمحلات الكبرى.

3. دعم رجال الأعمال والتجار الكبار:

• منح تسهيلات مصرفية قصيرة الأجل مقابل رقمنة سلاسل التوريد والدفع.

• ربط التمويل بمدى التزام المنشأة باستخدام أدوات الدفع الرقمي.

رابعًا: الاستفادة من العملة النقدية كمحفز رقمي

بدلًا من اعتبار طباعة العملة عبئًا، يمكن استخدامها كأداة انتقالية نحو مستقبل رقمي:

• توجيه جزء من العملة النقدية المطبوعة لدعم التاجر الذي يعتمد أنظمة الدفع الإلكتروني.

• تقديم منح نقدية مباشرة أو دعم مادي لأصحاب المحلات الذين يلتزمون بتقليل الاعتماد على الكاش.

• استخدام السيولة لتشجيع فتح المحافظ الإلكترونية من خلال منح مبالغ رمزية لأول استخدام.

• الربط بين الدعم النقدي والامتثال الرقمي: بحيث لا يُمنح أي دعم مالي إلا وفق معايير رقمية واضحة، مثل عدد المعاملات الإلكترونية أو تسجيل نقاط البيع في النظام الوطني.

خامسًا: التوعية والتثقيف

• إطلاق حملة وطنية شاملة للتوعية بمزايا الدفع الإلكتروني:

• استخدام الإعلام، المساجد، الجامعات، والمدارس للتثقيف.

• مشاركة شخصيات عامة لتعزيز ثقة المواطنين بالتقنية.

• ورش عمل لأصحاب المحال والأسواق:

• تدريب مباشر على استخدام أجهزة الدفع.

• توفير دعم فني وميداني في الأشهر الأولى.

سادسًا: خطة التنفيذ المرحلي

1. المرحلة الأولى (0–6 أشهر):

• تجربة الدفع الإلكتروني في أسواق رئيسية (طرابلس – مصراتة – بنغازي).

• تجهيز شبكات دعم فني ميداني ومراقبة الأداء.

2. المرحلة الثانية (6–18 شهرًا):

• توسيع الرقعة الجغرافية للتجربة.

• إلزام بعض الجهات الحكومية بالخدمات اللا نقدية.

3. المرحلة الثالثة (18–36 شهرًا):

• تقنين استخدام النقد في بعض القطاعات.

• ربط الدعم الحكومي والتحفيز الاقتصادي بالتعامل الإلكتروني فقط.

سابعًا: الإشراف والتنفيذ

• قيادة المشروع من قبل مصرف ليبيا المركزي بالشراكة مع:

• وزارة المالية

• وزارة الاقتصاد والتجارة

• وزارة الاتصالات

• شركات الاتصالات والمصارف

• القطاع الخاص والمجتمع المدني.

التحول من الاقتصاد النقدي إلى الاقتصاد الرقمي ليس رفاهية، بل ضرورة لتحديث ليبيا، وتحسين الشفافية، وتحفيز الاقتصاد. والخطوة الأولى تبدأ من توظيف الموارد الموجودة فعلاً – مثل العملة المطبوعة – كجسر عبور نحو المستقبل.

ليبيا قادرة على تحقيق هذا التحول إذا توفرت الإرادة، التنسيق، والاستمرار. الدفع الإلكتروني ليس فقط تقنية، بل عقلية جديدة لبناء وطن حديث ، 

و ان يكون الأساس الآن تحت شعار 

*“العملة اليوم تُستخدم لتسريع نهاية النقد غدًا”*

مشاركة الخبر