
| مقالات اقتصادية
“والي” يكتب متسائلاً: هل يمكن للمركزي طرح كميات كافية من العملات الأجنبية إذا ما تم تعويم الدينار؟
كتب الخبير الاقتصادي “إبراهيم والي” مقالاً قال خلاله:
سياسة سعر الصرف:
هناك فرق بين مستوى سعر الصرف ومنظومة سعر الصرف:
1. مستوى سعر الصرف: مثلًا، كان سعر صرف الدينار الليبي مقابل الدولار (6 د.ل)، والآن أصبح 7.80 د.ل مقابل الدولار، هذا ما يُعبّر عنه بمستوى سعر الصرف.
2. أما الطريقة التي نُدير بها سعر الصرف، فهذه تُسمى سياسة نقدية، وهي “سياسة سعر الصرف” وليست “مستوى سعر الصرف”.
• سياسة سعر الصرف يجب أن تُحفّز الاستثمار والتنمية، وخلق تنمية مستدامة، وإنشاء المشاريع الصغرى والمتوسطة والاستراتيجية، وتفعيل المؤسسات السيادية لخلق الإيرادات، وبهذا تكون لعملتنا الوطنية شأن وكرامة بين دول العالم.
• للأسف الشديد، خرجت علينا قبل أيام بعض الأصوات الشاذة والنشاز، وخاصة من بعض رجال الأعمال الذين يُطالبون بتعويم الدينار، طبعًا من أجل مصلحتهم، في وقت يُعاني فيه الوطن من معيشة ضنكى وظروف اقتصادية صعبة، وانقسام سياسي، وتحت ظروف مأساوية تُعاني منها كل المؤسسات المصرفية والمالية.
أنظمة سعر الصرف عمومًا تنقسم إلى ثلاثة:
1. التثبيت: أن تقوم بتثبيت سعر الصرف وتتركه كما هو.
2. التعويم: أن تقوم بتعويمه وتتركه يتأرجح حسب السوق (يتنيل على عينه – كما يقول إخواننا المصريين – يطلع وينزل كما يشاء).
3. الإدارة: أن تقوم بإدارته بمنظومة وتقنية جيدة ورشيدة.
• والقسم الثالث هو الأصوب، لأن التثبيت مُكلف للغاية، والتعويم لا يمكن تطبيقه، وله مخاطر كبيرة نتيجة للتقلبات الاقتصادية العالمية والمحلية، وأهمها ما ذكرناه من الانقسام السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
من سلبيات التعويم:
• زيادة التضخم وتأثيره على القوة الشرائية للمواطن.
• تقلبات كبيرة في سعر الصرف تؤدي إلى عدم استقرار اقتصادي، خصوصًا في ظل غياب سياسات اقتصادية تمتص الصدمات.
• زيادة تكاليف الاستيراد وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات في السوق المحلي.
• زيادة العبء على الميزانية العامة للدولة، خصوصًا في ظل الالتزامات المالية الكبيرة بالعملة الأجنبية.
• هروب المستثمرين الأجانب نتيجة لعدم الاستقرار.
• ارتفاع الديون الخارجية والداخلية بالعملتين، الأجنبية والوطنية.
هناك فرق بين تعويم العملة وتخفيض العملة:
1. تخفيض العملة: قرار إداري من المصرف المركزي يُتخذ بخفض السعر الرسمي.
2. تعويم العملة: خاضع للعرض والطلب. وهو ما لا نطبّقه فعليًا، بل نحن نقوم فقط بتخفيض في السعر.
ما هو تعويم أو تحرير العملة؟
• يعتمد على ترك سعر الصرف يتحدد حسب قوى العرض والطلب دون تدخل من السلطات النقدية.
• يتسم هذا النظام بالتقلب الشديد، مما يجعل الاستقرار الاقتصادي رهينًا بتحركات السعر.
• يتطلب تحرير العملة احتياطيًا كافيًا من النقد الأجنبي لتلبية الطلب في الظروف العادية.
المشكلة الأساسية:
• المصرف المركزي لم يقم بدوره في دعم وتثبيت قيمة العملة الوطنية حسب السعر الرسمي.
• إذا انخفضت قيمة العملة المحلية، يجب على المصرف التدخل ببيع العملات الأجنبية لدعمها، وهذا ما لم يحدث.
السؤال المهم:
هل يمكن للمصرف المركزي طرح كميات كافية من العملات الأجنبية إذا ما تم تعويم الدينار؟
• الجواب: لا يستطيع. لأن هناك مخاطر خطيرة من بينها:
• فقدان الاستقرار الاقتصادي نتيجة تقلبات أسعار الصرف.
• في حال كانت هناك حركة تجارية كبيرة وارتفع سعر الدولار فجأة، ستتكبد الدولة خسائر بمليارات الدينارات.
• مثال مصر: كان الجنيه المصري 5.80، وأصبح اليوم أكثر من 50 جنيهًا للدولار.
تجربة شخصية:
• كنتُ عضو مجلس إدارة في المصرف الليبي الأوغندي في الثمانينات، وكان رأس المال 7 مليون دولار (ما يعادل 30 مليون شلن أوغندي).
• بسبب الحرب الأهلية تم شطب 3 أصفار من العملة، وأصبح رأس المال 300 ألف شلن فقط، بخسائر كبيرة.
• لذلك، أنا مع إدارة سعر الصرف بمنظومة رشيدة: لا بالتعويم الكامل ولا بالتثبيت الجامد.
كيفية إدارة أنظمة سعر الصرف:
• هناك مفهوم يُعرف بـ (BBC):
• B الأولى – BASCET: سلة العملات.
• B الثانية – BAND: النطاق أو الهامش الذي نتحرك ضمنه.
• C الثالثة – CALLING: الاتصال المستمر بالأسواق المالية الدولية لمعرفة التوقعات.
• يجب ربط الدينار بسلة عملات (دولار، يورو، روبل، يوان)، بناءً على حجم التبادل التجاري مع هذه الدول.
• على المصرف المركزي أن يقوم بفتح الاعتمادات والتحويلات وتنشيط السوق الليبي بكل أنواعه، لتعود الحياة إلى الاقتصاد الوطني.
حفظ الله ليبيا، ونسأل الله عز وجل أن يفك أسرها من كيد الكائدين في الداخل والخارج.
اللي مضيع ذهب في سوق الذهب يلقاه، واللي مفارق حبيب يمكن بعد سنة ينساه
بس اللي مضيع وطن، وين الوطن يلقاه؟