
| أخبار
خاص.. “السنوسي”: المركزي يعطي وعود لا يستطيع الوفاء بها وهو يحارب الأعراض دون مواجهة الأسباب الرئيسية.. ويجب عليه حماية حقوق الجيل الحالي والأجيال القادمة
صرح الخبير الاقتصادي “محمد السنوسي” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية، حيث قال: للأسف، إجراءات المركزي الأخيرة تعالج الأعراض ولا تعالج أصل المشكلة، والتضليل الإعلامي سيكون له أثر سلبي كبير جدًا عندما يكتشف الناس أن المركزي غير قادر على تنفيذ وعوده بتوفير الدولار بسعر أقل من 7 دنانير في مكاتب الصرافة.
مُضيفاً: ولنرجع إلى البداية.. لقد استبشرنا خيرًا وتفاءلنا بتعيين الإدارة الجديدة للمصرف المركزي، خاصة بوجود مجلس إدارة للمصرف المركزي، وهو ما لم يكن موجودًا لأكثر من عشر سنوات، ولكن سرعان ما انتهى هذا التفاؤل بعد عدم احترام الإدارة الجديدة لقرار المحكمة بعدم قانونية الضريبة التي فرضها البرلمان على سعر الصرف.
قال كذلك: ومما زاد الطين بلة أن العمل الإعلامي لإدارة المصرف المركزي كان سيئًا أيضًا، حيث إن الإدارة الجديدة لم تظهر لمخاطبة الناس في وسائل الإعلام، وإنما فقط عن طريق منشورات بعضها يناقض البعض الآخر، وفُقد الأمل في أي تحسين بعد تخفيض قيمة الأغراض الشخصية إلى 2000 دولار فقط، وكان هناك عدم وضوح من المصرف المركزي منذ شهر مارس، حيث كان المركزي يدّعي أن منظومة الأغراض الشخصية والاعتمادات تعمل بوتيرة جيدة، رغم أن الكثير من المواطنين لم يستطيعوا حجز قيمة الأغراض الشخصية إلا بشق الأنفس.
تابع بالقول: كما أن التجار يقدمون الفواتير للمصارف وتبقى لأسابيع في انتظار الموافقة، والواضح منذ ذلك الوقت أن المصرف المركزي قد خصص حصة شهرية للأغراض الشخصية والاعتمادات، وعندما تنتهي خلال أول ثلاثة أيام من كل شهر، يقوم بالمماطلة إلى بداية الشهر التالي.
مُتابعاً: وأنا أعتقد أن المصرف المركزي يجب عليه التوقف عن تضليل الناس وتقديم وعود هو غير قادر على الوفاء بها، فلا أحد سيصدق أن المركزي قادر على تخفيض الدولار إلى ما دون السبعة دنانير، ولا أحد سيصدق أن سحب ورقة العشرين سيكون هو الحل السحري، حيث تم سحب ورقة الخمسين، وزاد الدولار بعد الانتهاء من سحبها رغم أنها كانت شمّاعة سابقة.
ولا أحد سيصدق أن محاربة السوق السوداء بطرق أمنية ستكون هي الحل، فالسوق السوداء هي عرض لمشكلة عدم توفر الدولار في المركزي، وتوفير الدولار في المركزي بكميات تكفي الطلب هو الطريقة الوحيدة لتقليص الفارق مع السوق السوداء.
وأوضح قائلاً: يجب هنا أن نوضح أن المركزي يجب عليه حماية أموال الليبيين، فهو المسؤول عن حقوق هذا الجيل والأجيال القادمة، ويجب أن يقف على الحياد في ظل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لا يُعتبر المركزي مسؤولًا عنها، فالانقسام السياسي، والإنفاق المنفلت من الحكومتين بدون ميزانية، والفساد، والتهريب، وانخفاض الإيرادات النفطية، هي مشاكل ناتجة عن جهات أخرى غير المصرف المركزي، ولكن نتائجها تؤثر على المصرف المركزي في صورة طلب كبير على الدولار لا يستطيع المصرف المركزي مواجهته، مما يدفعه إلى تقليل قيمة الأغراض الشخصية وتقليل عدد الاعتمادات الممنوحة، وبالتالي زيادة سعر الصرف في السوق الموازية.
قال أيضاً: بينما ما يجب على المركزي فعله في الحقيقة هو أن يُعدّل سعر الصرف إلى السعر الذي يستطيع من خلاله مواجهة الطلب على العملة الصعبة، وأن ينفّذ قرار المحكمة بإلغاء الضريبة، ويقوم بتعديل سعر الصرف بحسب الظروف الاقتصادية، بحيث إنه عند انتهاء الانقسام أو تخفيض الإنفاق أو الاتفاق على ميزانية موحدة، سينخفض الطلب على العملة الصعبة، مما يجعل المركزي قادرًا على تخفيض سعر صرف الدولار.
استطرد “السنوسي”: وإن الإجراءات الأمنية لن تحل أبدًا المشكلة، ويمكننا أخذ العبرة من مصر، حيث كان السعر الرسمي 30 جنيهًا للدولار، بينما في السوق السوداء وصل إلى 70 جنيهًا، ورغم الإجراءات الأمنية، فإنها لم تفلح في تخفيض سعر الصرف، وكان الحل هو تعديل السعر الرسمي إلى 50 جنيهًا، مما أدى إلى انخفاض السعر في السوق الموازية في مصر إلى هذا السعر أيضًا.
اختتم بالقول: وأخيرًا، يجب أن يعرف المصرف المركزي أن هناك الكثير من الشركات الأجنبية التي لا تقبل الاعتمادات من ليبيا بسبب تأخر الموافقة على الاعتماد، وتأخر الدفع للتاجر الأجنبي لمدة تصل إلى أكثر من 20 يوم عمل بعد وصول المستندات، وأيضًا هناك الكثير من المواطنين الذين يحتاجون عملة صعبة للسفر للعلاج أو الدراسة أو غيرها، والذين لا تكفيهم 2000 دولار، والتي أغلب المصارف لا تمنحها إلا في بطاقات بعمولات مرتفعة.
كل هذا يدفع التجار الذين يستوردون من شركات لا تقبل اعتمادات من ليبيا، والأفراد الذين يحتاجون إلى مبالغ أكثر من المبالغ المتاحة، إلى الاتجاه نحو السوق السوداء،
وبالتالي فإن محاربة السوق السوداء ستكون لها آثار سلبية جدًا على الأفراد والاقتصاد.