Skip to main content
البرغوثي: العملة القوية لا تقاس بسعر صرفها
|

البرغوثي: العملة القوية لا تقاس بسعر صرفها

كتب أستاذ الاقتصاد “محمد البرغوثي”: العملة القوية لا تقاس بسعر صرفها

كثيرا ما يتم الخلط بين مفهوم سعر العملة كما يظهر في السوق أو أمام الدولار واليورو، وبين قوة العملة بمعناها الاقتصادي الأعمق، فالعملة القوية ليست بالضرورة تلك التي يكون سعر صرفها مرتفعا ، بل تلك التي تستند إلى مقومات اقتصادية ومالية ومؤسساتية قوية وصلبة.

قوة العملة، أبعد من مجرد سعر صرف

قوة العملة تقاس بعدة عوامل، من أبرزها:
• قوة الاقتصاد الحقيقي، التنوع في الإنتاج وقدرة الاقتصاد على خلق قيمة مضافة حقيقية.
• حجم الاحتياطيات الأجنبية كالعملة الأجنبية والس والأصول الأخرى والذهب فكلما ارتفعت الأصول السائلة والغير السائلة والذهب لدى المصرف المركزي، ازدادت ثقة الداخل والخارج بالعملة.
• الثقة بالمؤسسات النقدية. ولا سيما استقلالية وكفاءة المصرف المركزي.
• الاستقرار السياسي والأمني، إذ يصعب أن تكتسب العملة قوة في بيئة مضطربة.
• التوازن النقدي،أي أن لا يتجاوز الإصدار النقدي قدرة الاقتصاد على امتصاصه من خلال الإنتاج أو الإيرادات الحقيقية.

الحالة الليبية، أين يكمن الخلل؟

في السياق الليبي، لا يمكن القول إن الضغط على الدينار جاء من الإنفاق الحكومي الطبيعي (المرتبات والخدمات العامة). بل العكس، الدينار تعرض لضغوط كبيرة نتيجة خلق نقود من عدم عبر تمويل العجز الحكومي بسندات وأذونات خزانة وغيرها من وسائل التمويل بالعجز، وهو ما ضخ كتلة نقدية كبيرة في السوق دون أن يقابلها إنتاج أو إيرادات دولارية حقيقية. هذه السيولة خلقت طلبًا إضافيًا على الدولار، ورفعت سعره بشكل ملحوظ، ناهيك عن الفساد المنتشر في جزء كبير من المؤسسات في الدولة .

إن قوة الدينار الليبي لا تُقاس فقط بسعر صرفه، وإنما بمدى قدرة السياسة النقدية والمالية على تحقيق الانضباط، وبمدى كفاءة المؤسسات في إدارة الدورة النقدية بشكل متوازن. سعر الصرف في نهاية المطاف، هو انعكاس للواقع الاقتصادي وليس صانعا له.

مشاركة الخبر