
| أخبار
خاص.. “الشريف”: قد فشل النظام المصرفي في إعادة توظيف فائض الودائع لديه.. ويتوجب على المركزي إعادة بناء جسور الثقة المنهارة
صرح الخبير الاقتصادي “إدريس الشريف” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: الاقتصاد الليبي اقتصاد نقدي بسيط، وبالرغم من جهود التوسع في خدمات الدفع الإلكتروني التي حققت نجاحاً ملحوظاً خلال السنة الأخيرة إلا أن تفضيل السيولة الناتج عن وجود كثير من الأنشطة والمعاملات في الاقتصاد لايمكن أن تتم إلا نقداً ما يجعل المواطن مضطراً للبحث عن (الكاش) ولو كلفه ذلك خسارة نسبة من دخله المحدود في ما يعرف بحرق الصكوك واضطراره لقبول مبلغ (نقدي) أقل .
مُضيفاً: فالخدمات بجميع أنواعها تقريباً خصوصاً خدمات العمالة الأجنبية في مجالات البناء والحرف المختلفة وخدمات التعليم والصحة الخاصة وإيجارات العقارات بأنواعها (محلات أو مساكن) وتجارة التجزئة البسيطة جميعها تتطلب الدفع النقدي والفوري .
قال كذلك: لذلك فإن مشاهد زحام الناس أمام المصارف ووقوفهم (مرغمين) في طوابير طويلة أمام آلات السحب لا يتصور أحد أنها فقط من أجل التسلية أو قضاء وقت الفراغ !
تابع بالقول: في نفس الوقت لايمكن تجاهل أن أغلب أنشطة اقتصاد الظل (مشروعة وغير مشروعة) والتي تشكل نسبة كبيرة من حجم الاقتصاد لاتفضل بأي حال التعامل عبر النظام المصرفي (بالدينار أو بالدولار) وستستمر بالتعامل بالنقد مهما بلغت الخدمات الإلكترونية من توسع.
▪︎المصرف المركزي يعلم كل هذه الحقائق !
وكان المتوقع منه عندما قرر سحب أكثر من عشرين مليار دينار (من الفئات الثلاث) (وقد تكون لديه أسباب وجيهة) أنه فكر في طباعة ما يعادل نصف هذه القيمة (على الأقل) لإحلالهم محل القيمة المسحوبة لكي لاتحدث الأزمة الخانقة التي نراها اليوم .
▪︎أما وقد حدث ما حدث فالخيار القائم في الأجل القصير هو الإسراع بطباعة عملة لتعويض جزء كبير مما تم سحبه وعلى المركزي أن يعلم أو يتوقع أن أي كمية يتم توزيعها لن تعود مجدداً بسهولة للمصارف في ظل القيود والرسوم الحالية على السحب، ولمعرفة الناس أنه لن يتم إستبدالها في الأجل القصير أو المتوسط على الأقل !
أضاف بالقول: لذلك يتوجب على المصرف المركزي إعادة بناء جسور الثقة المنهارة بين جمهور المتعاملين والنظام المصرفي الذي يشرف عليه، وفي هذا الإطار يمكن أن يتم الإعلان عن السماح لكل من يودع أمواله بالمصرف (إيداع جديد) بالسحب في حدود ما أودع متى شاء واراد ودون قيود أو رسوم، طالما تطلبت الضرورة بقاء قيود ورسوم السحب على الأرصدة والودائع السابقة .
▪︎ مع ملاحظة أن حجم الودائع بالمصارف بلغ أكثر من 112مليار دينار .. أي أكثر من ضعف قيمة العملة المتداولة بالسوق البالغة 54 مليار دينار تقريبا حسب آخر نشرة اقتصادية صادرة عن المصرف المركزي .
اختتم بالقول: وقد فشل النظام المصرفي في اعادة توظيف فائض الودائع لديه، البالغ حجمه أكثر من 80 مليار دينار (بعد الاحتياطي الإلزامي)، وإعادة ضخه في شرايين الاقتصاد في شكل استثمارات (وهذه وظيفة المصارف الرئيسية ) رغم أن الاقتصاد الليبي يعاني من البطالة وسوء استخدام وتوظيف الموارد والأسباب طبعا معروفه، وكثير منها يقع خارج سيطرة النظام المصرفي الذي لايمكنه طبعا المخاطرة بأموال المودعين دون ضمانات في بيئة استثمارية غير مواتية بل ومحفوفة بالمخاطر من جوانب كثيرة !