| مقالات اقتصادية
خاص.. “الزنتوتي”: الاتفاق التنموي الموحّد.. هل يُرسي فعلاً لبداية تنمية مستدامة للوطن؟
كتب: المحلل المالي “خالد الزنتوتي” مقالاً
هلّل وفرح واستبشر الكثير منا، وحتى العالم الخارجي زغرد معنا، لوصول الأطراف (التشريعية المتصارعة) إلى اتفاق بخصوص (توحيد الإنفاق التنموي)، حتى وإنّه اتفاق مجهول لا أحد يعرف ماهيّته وبواعثه وأرقامه.
ولأننا فقدنا كلمة (اتفاق) لسنين طوال لم نجد فيها إلا الخلاف والاختلاف، وبقوة السلاح أحيانًا، لذا فقد زغرد وصفّق الكثير منا لاتفاق لا يعرف أحد محتواه، بل ذهب بعضنا إلى التنبؤ بانعكاسه على رفع قيمة الدينار وارتفاع الناتج المحلي وانخفاض التضخم ورفع مستوى المعيشة!! لعلّ جميعنا يأمل ذلك، ولكن كيف عرفوا ذلك؟ هل عُرضت في هذا الاتفاق أرقام وأهداف وبرامج محددة للتنمية؟
أنا لم أجد ذلك… وجدت فقط صورًا تذكارية تجمع بين محافظ المركزي وطرفي النواب والدولة يوقّعون الاتفاق ويتبادلون الوثائق، والمموِّل يتوسطهما، وكأنهما طرفا نزاع مع وسيط لحل النزاع!!
الذي نأمله هو تعزيز دور التنمية في الاقتصاد الوطني، وهذا لا يتم إلا بتخصيص الموارد اللازمة لخلق تنمية مستدامة على المدى القصير والمتوسط والطويل.
دعونا الآن نتكلم على رقم التنمية المنشور في نشرة المركزي حتى نهاية أكتوبر؛ نجد أن ما تم إنفاقه فعليًا هو فقط مبلغ 3.7 مليار دينار، ويمثل ما نسبته 3.9% من إجمالي الإنفاق. وهذه نسبة ضئيلة جدًا لا ترقى حتى إلى أبسط متطلبات التنمية في دولة مثل ليبيا.
ومن بعض الإحصائيات المنشورة، فإن نسبة الإنفاق التنموي في دول العالم تتراوح ما بين 15% إلى ما يزيد على 30% من الإنفاق العام لبعض الدول ذات الاقتصاديات الناشئة.
ولعلّنا في ليبيا نفتقر طيلة السنوات الماضية لقاعدة للتنمية المستدامة، ولذا فإننا نحتاج إلى ما يربو على ما نسبته أكثر من 20% من إجمالي الإنفاق ليتم تخصيصه للتنمية.
فهل هذا (الاتفاق التنموي الموحّد) يخصّص مثل تلك النسبة للتنمية؟ هذا ما نأمله فعلاً، ولو أننا نعي أن أكثر من 90% من الإنفاق العام يذهب للمرتبات والدعم، وهذا ما يتطلّب فعلاً علاجه، وهي مسؤولية كبيرة على المركزي في رسم برنامج تنموي موحد وذلك بالاشتراك مع الجهات التنفيذية المعنية!!
ثم سنجد مشكلة أخرى وهي كيفية توزيع ما يخصّص للتنمية مكانيًا ونوعيًا، وهنا ستخرج علينا أصوات بمفهوم (حصتي وحصتك)، وستنعدم عند ذلك فرص التنمية المستدامة للوطن.
لا يهمّني أن تكون التنمية في منطقة جغرافية واحدة من الوطن طالما لها انعكاسها على اقتصاد الوطن بأكمله.
فهل نصل — ومن خلال هذا (الاتفاق التنموي الموحّد) — لتحقيق هذا الهدف دون محاصصة ودون فساد ودون سوء إدارة؟