كتب: الخبير القانوني في مجال النفط “عثمان الحضيري” مقالاً
لقد تابع الشعب الليبي باهتمام بالغ ما كشفه النائب العام من قضايا فساد خطيرة تورّط فيها مسؤولون في وزارات وهيئات وشركات عامة.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المواطن موقفًا حكوميًا صارمًا يضع مصلحة الدولة فوق كل اعتبار، يلاحظ الكثيرون وجود إشارات تُفهم على أنها تعاطف أو حماية لبعض المسؤولين قيد التحقيق، وهو ما يثير القلق ويضعف ثقة الناس في جدية الحكومة تجاه ملف مكافحة الفساد.
ومن هذا المنطلق الوطني ولا مصلحة شخصية لي لكوني لا علاقة لي بمؤسسات الدولة وظيفياً ،
واسمح لي أن أؤكد لكم بوضوح ما يلي:
- حماية أي مسؤول متهم أو محاولة التبرير له قبل إنتهاء التحقيقات يُعدّ مساسًا بهيئة الدولة وباستقلال القضاء.
لا يحق لأي جهة تنفيذية التدخل، مباشرة أو بشكل غير مباشر، في عمل النيابة العامة أو التأثير على الرأي العام لصالح المتهمين .
- المرجوا اتخاذ موقف حكومي واضح باصدار رسالة ( وقف عن العمل ) لكل من يخضع للتحقيق وبشكل فوري .
ليس من المقبول أن يستمر أي مسؤول متهم في أي وزارة أو إدارة مؤسسة عامة بينما هو تحت طائلة التحقيق، لأن ذلك يفتح الباب للضغط على الموظفين وتغيير الأدلة والتأثير على الشهود وشهدنا ذلك في قضية وزارة النفط بخصوص ( إتاوات وضرائب شركة ونترسهال والموقف الصارم لمدير إدارة محاسبة الشركات بالوزارة والذي تم استبعاده من الإدارة المعنية ) .
- إن صمت الحكومة أو ترددها يرسل رسالة خاطئة مفادها أن حماية المسؤول أهم من حماية الدولة.
والمواطن يرفض أن تتحوّل المؤسسات العامة إلى مظلة للنفوذ أو الحصانة.
- أخي المهندس عبدالحميد،، أنتم مسؤولون أمام التاريخ قبل أن تكونوا أمام الشعب.
إن اتخاذ موقف قوي وحاسم اليوم سيُسجَّل كخطوة تعيد هيبة الدولة، بينما تجاهل هذا الملف سيُفهم على أنه قبول ضمني باستمرار الفساد.
- ليبيا لن تستقر طالما يُعامل الفاسدون وكأنهم فوق القانون.
والواجب الوطني يقتضي منكم دعمًا مطلقًا وغير مشروط للنيابة العامة وأجهزة الرقابة المختلفة ولجان الفحص والتدقيق المشكلة من رئيس اللجنة المالية العليا، وإصدار تعليمات واضحة بعدم التدخل في سير التحقيقات بأي شكل كان.
وفي الختام، إن الشعب الليبي ينتظر من سيادتكم موقفًا قياديًا شجاعًا يقطع الطريق أمام أي نفوذ أو حماية أو تبرير، ويثبت أن الحكومة مع القانون، لا مع الأشخاص، فالصمت لم يعد خيارًا، والتردد أصبح مكلفًا، والمحاسبة ضرورة لإنقاذ ما تبقى من الدولة.