تواجه ليبيا هذا العام تحديات استثنائية تلقي بظلالها على موسم الأضاحي، أهمها غلاء الأسعار، حيث تشهد أسعار اللحوم ارتفاعًا ملحوظًا، خاصة مع اقتراب حلول عيد الأضحى.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى انتشار مرض الحمى القلاعية الذي أدى تفشي هذا المرض إلى إعدام العديد من المواشي، مما أدى إلى نقص في المعروض من اللحوم، وأيضًا الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها ليبيا من أزمة اقتصادية خانقة، أدى ذلك إلى تراجع القوة الشرائية للمواطنين.
ويرجح الأمر أيضاً إلى أن الدولة الليبية لم تزعم في توريد كميات كبيرة وبحسب ما تم تداوله فإن المورد من الأضاحي الغير وطنية لا يتجاوز ال20 ألف رأس، مما يسبب ذلك عائقاً لزيادة أسعار الأضاحي الوطنية .
وقد انتهزت المصارف التجارية الفرصة لتعيد كسب ثقة المواطنين، وفي سبيل التخفيف من وطأة الأزمة قامت بتقديم قروض بيع الأضاحي بالتقسيط .
البداية كانت مع وزير الاقتصاد والتجارة “محمد الحويج” حيث كشف في تصريح حصري خص به صحيفة صدى الاقتصادية أسباب ارتفاع الأضاحي مع قرب عيد الأضحى .
وقال: هناك عدة أسباب مجتمعة منها انخفاض قيمة الدينار الليبي ، وفرض ضريبة 27٪ وارتفاع أسعار الأعلاف والأمراض والفياضانات التي أصابت قطعان الماشية في المنطقة الشرقية وقلة الإنتاج لهذا العام بها
بالإضافة إلى غلاء الأسعار الدولية ومحدودية الأسواق التي يتم الإستيراد منها بحسب وزير الاقتصاد .
وأيضًا قال أحد تجار المواشي لصحيفة صدى الاقتصادية حيث قال: لاحظنا رغم قرب عيد الأضحي لا يوجد أي إقبال من المواطنين على شراء الأضحية، وتسهيلاً على المواطن نتعامل بكافة المعاملات المصرفية لعملية الشراء.
مضيفاً أن الأسعار تتراوح من 2000 إلى 3000 دينار، وأنها زادت بقيمة 500 دينار على كل رأس كأقل تقدير، مؤكداً أن الحكومة لم تقدم لهم أي دعم يذكر .
حيث كشفت الإدارة العامة لشركة السهل الأخضر للمطاحن والأعلاف في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية بأنه هُناك زيادة في الأسعار بسبب سعر الدولار في المصرف، ومع كل تغيير بسعر الدولار يتم تغيير أسعار المواد الخام، والزيادة ملحوظة مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي .
وأكدت الشركة بأن الحكومة تقدم لهم الدعم المعنوي، وتسهيلات في إجراءات إستيراد المواد الخام .
وقال مصدر مسؤول بقطاع الأعلاف حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية بأن الفترة الأخيرة كثر الجدل حول إرتفاع أسعار اللحوم البيضاء “الدجاج، والبيض”، وكذلك المتداول في أوساط وسائل التواصل الاجتماعي المتوقع أن أسعار غير متعارف عليها لأسعار الأضاحي، كما أننا مقبلين على عيد الأضحى وهذا يعتبر متوقع وشبه أكيد بأن ترتفع أسعار الأضاحي.
مضيفاً: الكل يشير إلى أن المسؤول على إرتفاع هذه الأسعار هي إرتفاع أسعار الأعلاف ومصانع الأعلاف، لأن التغذية تمثل حوالي 70% من تكلفة الإنتاج بالنسبة لقطعان الدواجن والأغنام والماشية.
أما بخصوص أسباب إرتفاع أسعار الأعلاف ولماذا دائماً أصحاب المصانع الأعلاف متهمين قال: بصفة عامة أسعار الحبوب لها سوق عالمي وليس مصدرها من ليبيا، حيث يستطيع المختص أو الغير المختص أن يطلع على أسعار الحبوب العالمية، أما بصفة خاصة في ليبيا نحن نقوم بإستيراد الحبوب في السابق من الأسواق الأوكرانية الروسية، والحرب الدائرة بهذه الدولتين منعتنا بأن نستورد من هاتين الدولتين، والسوق البديل كان البرازيل والأرجنتين وأمريكا اللاتينية، كما أن فرق تكاليف الشحن مبالغ كبيرة تصل إلى 80 دولار للطن الواحد، وكذلك عندما قام مصرف ليبيا المركزي بوضع ضريبة 27% في تكاليف العملة من سيتحمل مسؤوليتها، فهناك فرق كبير عندما كان الدولار 4.8 على 6.12، هذا يعتبر أحد عوامل إرتفاع الأسعار .
وأردف بالقول أن نقص الوقود النافتة يعتبر سبب أخر، لأن مصانع الأعلاف معتمدة اعتماد كلي على الوقود سواء بشكل مباشر لتشغيل الآلات والمعدات مثل الغلايات والمولادات أو في ارتفاع وسائل النقل، والآن طن النقل البري كان على سبيل المثال عندما تقوم بإستيراد مواد أولية من تونس كان الطن لا يتجاوز 60 دينار لطن الواحد اليوم يقارب 125 دينار الطن، وأيضًا في مدينة بنغازي كذلك كان نقل البضائع بين المنطقة الشرقية والغربية 30 دينار وحالياً ب70 دينار، ومن سيدفع ثمن هذا الفارق في أسعار النقل .
وكذلك إرتفاع أسعار الخامات المحلية في كل شئ مثل قطع غيار كهربائية وميكانيكية أو بعض المشغلات لاستخدامها في السوق الوطنية جلها ارتفعت أسعارها بالكامل على سبيل مثال الكيس البلاستك الفارغ كان ب50 قرش، بينما اليوم بدينار وربع الكيس بزيادة أكثر من 100% .
وأيضًا العامل الذي يعمل بمرتب 600 دينار اليوم يحتاج إلى أن يتقاضى 2000 دينار، وذلك بسبب تكاليف المعيشة، فيجب زيادة الراتب ليستمر العامل في العمل.
واختتم قوله: نحن حالياً تستطيع أي جهة رقابية تفتيشية محاسبية أن تتطلع على حساباتنا، وترى هامش الربح الذي لا يتجاوز 4% إلى 5% فقط لا غير، ولا يقوم بتغطية تكاليف تشغيل مئات الملايين في سبيل هامش ربح بسيط جداً، وفي حال تخفيض الأسعار نضع هامش ربح أكبر من ذلك، فنحن المتضرر الأكبر من هذه العملية ومع ذلك نحن مستعدين للاستمرار بتوفير منتج أساسي ضروري والإسهام في توفير حياة كريمة للمواطن الليبي .
كما تحدث مدير إدارة فرع الثروة الحيوانية بالجبل الأخضر “صالح بومباركة” في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية حصرياً حيث قال: الإصابات بالحمى القلاعية تقدر بحوالي 19 ألف إصابة، والتهاب الجلد العقدي حوالي 1000 إصابة، ونفوق 177 رأس من الأبقار من الجلد العقدي، وأن الوضع قد تغير بعد إحضار أول جرعة من تطعيم التهاب الجلد العقدي وأصبح مستقراً حالياً، مؤكداً أنهم بدأوا في تحصين الحيوانات (الأبقار والمواشي) ضد الفايروس المصابة منها وغير المصابة.
مضيفاً: أما الأضاحي استثنيناها من التحصين بالرغم أن اللقاح آمن للإستهلاك البشري، وأنهم يقومون بجولات ميدانية يومياً لكل للحظائر وفي حال وجود إصابة في أحد الأضاحي سوف تُأخذ، وإلى هذه اللحظة لم نسجل أي إصابة .
وتابع قوله: الحكومة الليبية قالت أنها سوف تُحضر اللقاحات على دفعات وتسلمنا منها أول دفعة، أما حكومة الوحدة الوطنية استلمنا منها بعض المعقمات، ونتمنى توفير التحصينات واللقاحات وآلات رش المبيدات.
وتحدث مدير الحسابات بشركة سوق الخميس لصناعة الأعلاف” ناصر أبوزنيد” لصحيفة صدى الاقتصادية حول أسعار الأعلاف والمواشي في الأسواق وخصوصاً مع قرب حلول عيد الأضحى حيث قال: نعم هناك إرتفاع في أسعار الخامات ويرجع السبب لفرض الرسم على النقد الأجنبي، مما أدى لإرتفاع أسعار الأعلاف، وتقدر نسبة الزيادة في الأسعار بحوالي 15%.
مضيفاً: أن المربيين والتجار قل طلبهم للأعلاف بعد زيادة الأسعار، وكذلك نقص السيولة سبب في انخفاض الطلب للمربيين، ولا يوجد أي دعم أو فرض أسعار من الحكومة.
وتحدث أحد مُربي الأغنام بمدينة بنغازي في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية، حيث قال: نحن لا نستطيع أن نضع اللوم على الدولة أو نقترب منها، ولم يتم تقديم شيء لنا كتجار ومن قرابة أسبوعين نُعاني من مشكلة الإصابات بمرض الحُمة القلاعية وتضرر أشخاص ضرر كبير من هذا الموضوع .
مُضيفاً: بالنسبة للأضاحي المتوفرة لدينا فهي متنوعة من 15 إلى 3 آلاف وهذا يشمل الجميع والكل على حساب صرفه والخسائر كبيرة فالأعلاف والأدوية وكل مايحتاجه التاجر سعره مرتفع.
قال كذلك: هناك إقبال كبير من قبل الزبائن على شراء الأضاحي، ولكن الذي يحكم فيهم حالياً السيولة، كما أننا لا نتعامل بالبيع عن طريق المصارف وما إلى ذلك، نظراً للالتزامات التي لدينا، والأضاحي المستوردة التي وفرتها الحكومة بأسعار مُخفضة لم تأثر على أسعار السوق .
كما صرح أحد تجار بيع المواشي “نادر العباني” لصحيفة صدى الاقتصادية بخصوص أسعار المواشي وخصوصا مع إرتفاع الأسعار وقرب حلول عيد الأضحى المبارك بأن الأسعار تتراوح من 2000 إلى 2900 للرأس الواحد، مؤكداً أن الأسعار قد ارتفعت بمقدار 500 دينار عن العام الماضي.
وتابع بالقول أن أسعار الأعلاف زادت عن السابق، مضيفاً أنه لا يوجد أي إقبال من المواطنين على شراء المواشي.
وأيضاً صرح أحد تجار بيع المواشي حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية بشأن أسعار المواشي وخصوصاً مع إرتفاع الأسعار وقرب حلول عيد الأضحى المبارك، بأن الأسعار الوطنية تتراوح من 1500 إلى 3000 للرأس الواحد، ولدينا حوالي 700 رأس غنم .
مضيفاً: أن أسعار الأعلاف زادت عن السابق، وأيضاً بلغت أسعار الأعلاف 150 دينار، وتعتبر معقولة، ولكن إذا كان هناك زراعة من قبل الدولة كانت أفضل وأقل.
وصرح مدير إدارة التسويق بمصرف الجمهورية “فوزي الشويش” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: بخصوص أضاحي العيد مصرف الجمهورية تبني تقديم خدمة جليلة للأشخاص المعوزة لعيد الأضحى، وقد سميناها خدمة عطاء وتمنح للذين مرتباتهم أقل من 3000 دينار، على أن لا يزيد رصيد حساباتهم عن 5000 دينار، بورود مرتب منتظم دون وجود ضامن، وتمنح لهم 2000 دينار بدون احتساب أي عمولة.
مُضيفاً: يتم إستعمالها بمجرد ورود رسائل إلى الزبون المستهدف تقديم هذه الخدمة له، وفي حال إستخدام جزء من القيمة يتم تقسيط القيمة المستخدمة فقط، فمثلاً استخدم 1000 دينار بعد إنتهاء المدة أي ثالث أيام العيد تقسم 1000 دينار المستخدمة.
قال كذلك: أما مربي الأغنام لا نأخذ منهم عمولة نهائياً، المصرف مكتفي بتقديم هذه الخدمة بفترة من يوم الغد إلى ثالث أيام العيد، وعلى أن تمنح لأرباب الأسر فقط.
وصرح المراقب الاقتصادي ببلدية بنغازي “جمعة الرقاص” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية فيما يتعلق بسير الأُضحيات، حيث قال: إستيراد الأضاحي جاء على دفعات وقد استوردت من إسبانيا ورومانيا، وتباع بسعر 950 دينار، وبوسائل دفع مصرفية مختلفة، ويتم توزيعها في نقاط في كل المدن من قبل الحرس البلدي .
وأضاف موضحاً: العدد الذي تم استيراده من الأضاحي يغطي احتياج المواطنين، وهذا سوف يسبب توازن في أسعار السوق.
ختاماً، مع كل هذه الأزمات التي تثقل عاتق المواطن من نقص للسيولة وغلاء لأسعار الأضاحي، هل جشع التجار سينزع بهجة العيد من قلوبهم ويُصعب آداء هذه الشعيرة كما ينبغي أن تكون !!.