الترهوني يكتب : حريق ميناء طرابلس …ماله وماعليه!

458

كتب: د. عبدالله ونيس الترهوني أخصائي اقتصاديات النقل مقالاً

الحمد لله أولاً وأخيراً على انتهاء محنة حريق شاحنة صهريج الوقود بميناء طرابلس ظهر الاربعاء 28 ابريل 2021  ومرورها برداً وسلاماً، ولكم أن تتصوروا إنفجار اكثر من 30 مليون لتر من البنزين وحجم الدمار الذي سيلحق بميناء طرابلس وماحوله.

قبل الغوص في التفاصيل لابد من التنويه إلا أن شركة البريقة لتسويق النفط تقوم بتوريد المشتقات النفطية إلى ميناء طرابلس بحراً ثم تقوم بتوزيع الوقود في صهاريج إلى محطات الوقود مباشرةً والسبب هو أن خزانات الشركة في طريق المطار قد أصابتها أضراراً بالغة بسبب الحروب المتعاقبة منذ منتصف العام 2014 وماتلاه، وأن خطوط الانابيب التى تصل الموانئ بالخزانات قد تضررت هي الاخرى، وبالتالي فلامناص من توزيع الوقود في طرابلس وضواحيها بهذه الطريقة.

حتى ساعة كتابة هذه الأسطر لازال سبب الحريق مجهول، ولكن الثابت هو أنه عند نشوب الحريق فر الجميع من المكان ودون إستثناء وبقيت طواقم السفن الراسية ومن بينهم طاقم السفينة الوطنية أنوار النصر، والتي تحمل طاقمها المخاطرة وقام أولاً باطفاء النيران المشتعلة في سائق الشاحنة وإسعافه، ثم كافحت الحريق عن طريق منظومة الرغوة المصممة لمكافحة هذا النوع من الحرائق، وبالمناسبة فقد روى البعض أن هناك من هب وساعد بدوره في إخماد الحريق وأنا لم آتي على ذكره في هذا المقال فأرجو أن يلتمس لي العذر، لأنه لم تردني أي أسماء لأشخاص حتى ساعة الانتهاء من كتابة هذه الاسطر.

في كل الأحوال مر الحادث مرور الكرام، ولكن هناك بعض العبر التي لابد أن نستخلصها من هذه الحادثة، منها على سبيل الذكر لاالحصر هو قيام جهة هي طرف في الحادث ونسبت إخماد الحريق لفريق عمل يتبعها وهذا الكلام عاري عن الصحة تماماً، وفي مقابل ذلك أكتفت الشركة الوطنية للنقل البحري المالكة للسفينة بذكر الحادث وشكر طاقم السفينة عبر صفحة الشركة على شبكة فيس بوك، في حين آثرت الشركة الليبية للموانئ الجهة المشغلة لميناء طرابلس الصمت، والسبب وراء ذلك هو أنه لاعلاقة لها بالسفينة ولابالشحنة لامن قريب ولامن بعيد وأن دورها ينحصر في التراكي والارشاد فقط ولاعلاقة لها بمناولة هذا النوع من الشحنات، أما مصلحة الموانئ الجهة المالكة للميناء والمعنية أيضاً بالتحقيق ومتابعة اجراءات السلامة باعتبارها سلطة سيادية فقد تريثت قليلاً ثم قامت باصدار بيان أوضحت فيه الجهة التي قامت باخماد الحريق ، كما بينت أيضاً أنها قد شكلت لجنة للتحقيق في الحادث ومعرفة جانب القصور في إجراءات السلامة.

اتمنى أن يتكرم السيد وزير المواصلات أو السيد رئيس الحكومة بمعية مجلس إدارة شركة النقل البحري وإدارة مصلحة الموانئ بالاطمئنان على صحة سائق الشاحنة، وزيارة السفينة أنوار النصر والسلام على طاقمها، ثم تكريمهم وبما يليق بهم، لأنه لو قدر الله وأنفجرت الناقلة لكان الدمار أكبر بكثير مما حصل في ميناء بيروت، وأن بعضكم ممن يقرؤن هذه السطور الآن كانوا في عداد الاموات ، ولكن الله كان ألطف بنا جميعاً.

لن أسبق الاحداث وعلينا أن ننتظر ماستسفر عنه نتائج التحقيقات، ولكن هذا لايمنع من القول أن هذه الحادثة قد حصلت في نهار رمضان حيث لاتدخين ولامدخنين، كما بينت أيضاً الخلل الواضح في متابعة اجراءات السلامة بالموانئ، كما أوضحت الحاجة الى ضرورة ضخ كفاءات ودماء جديدة في الموانئ (بغض النظر عن نوعية الميناء أوجهة تبعيته) والذين يقع على عاتقهم التنبؤ بالحوادث ومعالجتها بالصورة الصحيحة حال وقوعها، وليس الاكتفاء برد الفعل كما نراه اليوم في أغلب موانئنا على طول الساحل الليبي، وفي ذات الوقت على شركة البريقة التعجيل بصيانة خطوط الانابيب التي تنقل مشتقات النفط من الموانئ الى خزانات طريق المطار أو أي خزانات أخرى تمتلكها الشركة، وأن ترفع من درجات الوعي والسلامة لعمالها الذين يتعاملون مع هذا النوع من الشحنات.