الشائبي يحذر “هناك مؤشرات قوية لعودة مشكلة السيولة في المصارف إذا لم يتم تنفيذ باقي برنامج الإصلاحات الاقتصادية”

675

أكد مدير إدارة تقنية المعلومات بمصرف ليبيا المركزي “عمران الشائبي” أن هناك مؤشرات قوية لرجوع مشكلة السيولة في المصارف إذا لم يتحرك المسئولون عن برنامج الاصلاحات الاقتصادية لتنفيذ باقي ما تم الاتفاق عليه، وإلا فإن عواقب التأخير ستكون وخيمة على المواطن.

وللاستفسار أكثر حول هذه المؤشرات وأسباب عدم تنفيذ باقي بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ تواصلت صحيفة صدى مع السيد “عمران الشائبي” والذي خصّنا بهذا الحوار ..

 

س/ ما هي المؤشرات التي جعلتك تتوقع عودة مشكلة السيولة في المصارف؟

المؤشرات هي أن المصارف التجارية أصبحت تطلب سيولة من المصرف المركزي بعد أن كانت الطلبات ضئيلة جدا في خلال الثلاثة أشهر الماضية وحاليا رجعت الطلبات من جديد.

ففي الفترة الماضية بعد إقرار فرض الرسم على بيع العملة وصلت بعض المصارف إلى درجة أنها لا تقبل حتى الإيداع لأن خزائنها ممتلئة وإيداع المبالغ سيكلفها وقتا للعدّ وبدأت تفضل أن تأخذ صكوك.

أما الآن فهذا الأمر بدأ في تناقص، وهناك نقص كبير في السيولة لدى المصارف وهناك الكثير من المصارف في المدن المتوسطة والصغيرة بدأت تطلب في سيولة أكبر، لأن النقود نفذت منها وليس هناك من يودّع الأموال بالمصارف.

كل هذا يأتي في ظل تأخر مخصصات أرباب الأسر وعدم تكملة باقي الإصلاحات وهي علاوة الأبناء المتوقفة منذ سنوات والتي كان من الممكن أن تساعد المواطن في تحمل أعباء الحياة في ظل الغلاء الموجود، وكذلك استبدال دعم المحروقات إلى دعم نقدي والذي كان من الممكن أن يساعد في كف التهريب والإجرام الحاصل على الحدود.

س/ برأيكم ما الذي أدى إلى نقص السيولة في المصارف التجارية على الرغم من استمرار عملية فتح الاعتمادات على 3.90؟

الذي أدى لذلك هو وجود بعض التصريحات من أعضاء بحكومة الوفاق الوطني بأن سعر الصرف الحالي سيتم تغييره أو بمعنى أدق سيتم تخفيض قيمة الرسوم من 3.90 إلى أقل من ذلك.

وهذا الأمر جعل التجار يتريثون في عملية شراء العملة لاستيراد البضائع خوفا من الخسارة في حال تنزيل سعر الرسوم، مما تسبب في أزمة أخرى وهي حدوث نقص في مخازن السلع نتيجة إحجام التجار عن استيراد بضائع جديدة بسب تلك التصريحات.

س/ من وجهة نظركم ما سبب توقف برنامج الإصلاحات الاقتصادية وعدم تنفيذ باقي بنوده؟

صراحة العقبة الكبيرة الحاصلة الآن هي الخلاف بين المجلس الرئاسي والمصرف المركزي حول كيفية صرف عائدات رسوم بيع العملة الأجنبية ..

هل ترجع إلى المصرف المركزي وتعتبر مثلها مثل الدخل النفطي خصوصا وأن أي مبلغ يتم التحصل عليه من بيع العملة الأجنبية قانونيا يعود للمصرف المركزي وليس الحكومة .. أم تعود إلى وزارة المالية بالحكومة التي تعتبره رسوما هي من فرضتها.

لكن في الواقع هي ليست برسوم وليست بضريبة، فالرسوم في العادة تؤخذ نظير تقديم خدمات، فما هي الخدمات التي قدمتها الحكومة للمواطن لتتحصل على قيمة الرسم، فهي ليست رسما وإنما تم تسميتها بذلك لأنه لا يوجد قانون في الدولة الليبية يبيح بيع النقد الأجنبي بفرض قيمة زائدة عليه.

والإصلاحات الاقتصادية عندما تم التوقيع عليها من المجلس الرئاسي ومجلس الدولة والمصرف المركزي كانت عبارة عن حزمة واحدة من الإجراءات، لكن للأسف لم يتم تنفيذ إلا قرار واحد وهو فرض الرسوم على بيع العملة، والسبب هو الخلاف الذي ظهر بعد تنفيذ القرار وعدم الاتفاق على كيفية صرف تلك العائدات.

وبعد تحصيل تلك المبالغ رأى المصرف المركزي أن الواجب إطفاء الديْن العام الذي يصل إلى 100 مليار دينار، بينما الحكومة ترى أن لها الحق في صرف هذه المبالغ.

س/ وماذا عن الترتيبات المالية لعام 2019 والتي لم تقر إلى الآن؟

نفس الأمر الذي تحدثنا عنه بخصوص توقف برنامج الإصلاحات الاقتصادية ينطبق على إقرار الترتيبات المالية للعام الحالي 2019 ، إضافة إلى أن هناك الشق القانوني وهو ضرورة موافقة البرلمان عليها لتصبح ميزانية عامة للدولة بدلا من كونها ترتيبات مالية.

س/ لو استمر الوضع على ما هو عليه ولم يحصل اتفاق على تنفيذ باقي بنود الإصلاحات فما الذي من الممكن أن تؤول إليه الأمور؟

برأيي لو حدث ذلك فإن أول شيء ممكن أن يحصل هو حدوث تضخم في الأسعار لأن التجار حاليا في وضع تقرب حول ثبات السعر الحالي للرسوم المفروضة على بيع العملة الأجنبية وهو 3.90 أم أن قرارا يلوح في الأفق لتخفيض السعر إلى 3 دينارات أو أقل ..

فهذا الأمر سبب إرباكا وتخوفا كبيرا من التجار في استيراد البضائع، وسيؤدي إلى نقص السلع في المخازن مما سيجعل العرض أقل من الطلب ويحدث التضخم والغلاء في الأسعار.

وهذا سينعكس على السيولة كذلك، فهي أشبه بكرة الثلج، لو لم يتم علاج المشكلة من الأول فستزيد مع الوقت أكثر لدرجة يصعب معها الحل، ويصبح الأمر مكلف على المواطن، فالتكلفة كلها للأسف يدفعها المواطن، فمثلما يدفع حاليا ثمن الرسم سيدفع كذلك ثمن التضخم وسيدفع ثمن عدم التوافق بين الجهات المسؤولة.

س/ طيب لماذا لا يخرج المسئولون ليعطوا للناس الجواب الشافي حول ثبات سعر الرسم المفروض على بيع العمله من عدمه؟

لا يستطيعون فعل ذلك في ظل عدم الاتفاق على كيفية توزيع عوائد بيع العملة، وهذه المبالغ ليست بسيطة بل هي مبالغ ضخمة، ولك أن تتصور أن المبالغ التي تم الحصول عليها من بيع العملة الأجنبية خلال ثلاثة أشهر أكثر من المبالغ التي تم الحصول من بيع النفط خلال نفس الفترة!

فالعوائد من الرسوم كبيرة جدا ولا يستهان بها، ولهذا تبقى معضلة كيفية صرفها عائقا كبيرا خصوصا ونحن لدينا ديْن عام وعلاوة العائلة والتي لم تصرف لسنوات وهي في تزايد كل شهر.

س/ وماذا عن مخصصات أرباب الأسر لماذا لم يتم صرفها إلى الآن؟

بالنسبة لمخصصات أرباب الأسر وكما أعلن المصرف المركزي أكثر من مرة فهي في انتظار إتمام مراجعة وتدقيق منظومة الرقم الوطني، وهو أمر ضروري خصوصا بعد الأرقام التي ظهرت العام الماضي والتي وصلت إلى سبعة ملايين ونصف المليون مواطن، وعدد سكان ليبيا لا يمكن أن يصل لهذا الرقم، مما استوجب ضرورة مراجعة المنظومة قبل صرف مخصصات أرباب الأسر هذا العام، وهذا سيأخذ بعض الوقت ولا يمكنني إعطاء موعد نهائي لبدء صرفها.