ترتيبات الرئاسي المالية أم مغارة علي بابا والأربعين حرامية

720

من ليبيا يأتي الجديد .. هكذا قيل ويقال، غير أن القائل لم يدُرْ في خلده قط أن مقولته تلك سترتقى لمصاف النبوءات، فقد أبى صناع القرار وقادة المشوار إلا أن يطبعوها بطابع الغرابة، غرابة تلامس الجنون في كثير من تفاصيلها، فتكرم صانعها بملايين الفقراء وترسم فصلا جديدا من فصول راوية للبوساء.

فبعد أن طالعنا ديوان المحاسبة قبل أيام بفضيحة 277 مليار المهدورة في سقطة من سقطات الدولة المعذورة، خرج علينا المجلس الرئاسي ببيان لترتيباته المالية والتي تجاوزت 42 مليار دينار، بل وحدد أوجه صرفها في استمرار لسياسة النزف القاتل للموارد.

الرئاسي يخصص لنفسه والجهات التابعة له مليار دينار

استحوذت مرتبات أعضاء المجلس الرئاسي على 5.5 مليون دينار من الميزانية، أما النفقات التسيرية الخاصة بالمجلس فقد بلغت 36 مليون دينار، وبلغت مرتبات ديوان رئاسة الوزراء ما يناهز 24 مليونا، في حين خصصت للديوان 13 مليون دينار نفقات تسيرية.

وفي ظل ما تشهده البلاد من شح السيولة وطوابير المصارف استحدث المجلس الرئاسي بعض المسميات وخصص لها مبالغ طائلة كصندوق جبر الضرر والذي وفرت له تلك المخصصات 450 مليون دينار.

أعداء الشاشات أصدقاء الهبات

لم تنسَ ترتيبات الرئاسي المالية مجلسي النواب والدولة، فقد خصصت لهما أرقاما فلكية، لا تتناسب إلا مع حجم التأزيم والإرباك ورهن الوطن والمواطن اللذان يعملان عليه، فقد حددت مصاريف النواب بحوالي 40 مليون دينار، في حين كان نصيب مجلس الدولة ما يزيد على ذلك باعتباره رديف التشريع ومشاكس الشرعية.

أكثر من نصف مليار على المؤسسات الأمنية تضيع عند أول بوابة وهمية

قررت ترتيبات الرئاسي المالية تطمين المواطن وإرسال رسائل من شأنها تهدئة الأجواء المشحونة حول قضاياه الأمنية، لتخبره أنها قد خصصت مبلغ 183 مليون دينار لجهاز المباحث العامة في دولة ينام فيها المواطن باكرا خوفا من بوابة وهمية أو مليشيا مناطقية.

ويستمر عبث المصروفات لتعطي 274 مليون دينار لجهاز المخابرات الليبية، على وقع خبر مقتل إيرانييْن على يد أفراد من جهاز الموساد الإسرائيلي في أقصى الصحراء الليبية!

ولن يمر كرنفال الإنفاق الملياري قبل أن يحظى الحرس الرئاسي بحصته من تلك الترتيبات والتي بلغت أكثر من 100 مليون دينار.

أجهزة رقابية أم بالوعة أوراق نقدية

ديوان المحاسبة بعد أن خرج للعلن ليوثق السرقات المليارية على الشاشات الفضائية، ها هو يستقطع من ترتيبات الرئاسي مبلغ 102 مليون مرتبات ومهايا، بينما تجاوزت مصاريف هيئة الرقابة الإدارية مبلغ 120 مليون دينار، في خلل واضح بين ما تتقاضاه وبين ما تقوم به من أعمال رقابية لكشف المخالفات والتجاوزات، في حين استقطعت 15 مليون دينار لهيئة مكافحة الفساد والتي تعيش طور التكاثر الانشطاري للمؤسسات.

الدار والمراكز والهيئات والزيارات تجبي من الخزانة ملايين الدينارات

وفي ظل دعوة الكثير من المراقبين والخبراء إلى ترشيد الإنفاق، لم تنسَ ترتيبات الرئاسي أن تخصص لدار الإفتاء 3.5 مليون دينار، وللمركز الوطني للرقابة على الأغذية والأدوية 38 مليون دينار، ولهيئة صياغة الدستور 17 مليوناً، وللزيارات والمؤتمرات 20 مليون دينار.

الواقع السريالي للإنفاق فاق حد العبث، ليخرج علينا عرّابوه تارة رافعين راياتهم الحمراء، وتارة مسلطين سيف الغلاء، متناسين أن المواطن المطحون قد أضحى رهينة الواقع العام وصفرا من أصفار تلك الأرقام.