تعدد الجرائم وإقالة “الحبري” …نتائج لجنة مجلس النواب  

1٬145

تحصلت صحيفة صدى الاقتصادية على تقرير لجنة متابعة أعمال لجنتي إعادة إستقرار مدينتي بنغازي ودرنة والمشكلة بموجب قرار مجلس النواب بمباشرة اللجنة لأعمالها المنوطة بها ومن خلال فحص جميع القرارات الصادرة بالخصوص ومنها القرار رقم ( 25 ) لسنة 2020م بشأن إعادة تشكيل لجنة وتحديد مهامها والقرار رقم (74) لسنة 2017م بشأن تشكيل لجنة أعمال بنغازي, وبعد اطلاع اللجنة على أغلب المستندات المتعلقة بعمل اللجنة المشكلة لإعادة إستقرار مدينتي بنغازي – درنة، إداريا وماليا وآليات العمل الذي تم بمعرفتهم وبإجراء التحقيق الإداري مع رئيس اللجنة بالقرار والذي شمل جميع الوقائع التي تشكل أغلبها جرائم جنائية ومخالفات إدارية.

وتمثلت هذه الجرائم الجنائية والمخالفات الإدارية بعد مناقشة محافظ مصرف ليبيا المركزي المكلف ورئيس لجنة إعادة الاستقرار “علي الحبري” ، أفاد بأنه لم يقم بالتوقيع على أي تكليفات أو عقود مع شركات خاصة بصدد الأعمال التي تم تنفيذها أو التي ينوي تنفيذها بالرغم من صرف مقابل لهذه الأعمال دون وجود أية تكليفات أو عقود، وفقا للائحة العقود الإدارية ووفقا للمعمول به عند التعاقد مع الشركات الخاصة من طرح المناقصات والمقايسات والحصول على أفضل الأسعار المصلحة الدولة حفاظا على المال العام بالرغم من وجود توقيعات على بعض العقود خلافا لما أفاد به بالخصوص.

كما تبين من خلال المراجعة وفحص المستندات قيام “علي سالم الحبري” بالتوقيع على تسهيل مالي بقيمة مائة وأربعون مليون دينار بضمان معدات وآليات تملكها شركة برقة القابضة وذلك بالمخالفة للقانون والإجراءات التي تكفل ضمان استعادة هذه الأموال الأمر الذي يعد اهدارا للمال العام بشكل واضح وصريح ، و تبين قيامه مستغلا لوظيفته بصرف قيم مالية كبيرة كمقابل لمشاريع لم يتم تنفيذها وغير موجودة على أرض الواقع ، وكذلك التوقيع على استلام مشاريع وصرف القيم المالية كمقابل لها، بالرغم من انتهاء مدة تنفيذها ودون البدء في تنفيذها أصلا، وتعثر الشركات المتفق معها على التنفيذ.

وأضح التقرير قيام لجنة إعادة استقرار مدينتي بنغازي ودرنة ، بفتح حسابات مصرفية لمصلحة اللجنة لإيداع المبالغ المالية بها دون علم أو موافقة وزارة المالية، خلافا للقانون المالي للدولة ولائحة الميزانية والحسابات والصرف منها دون وجود مراقب مالي في الوقت الذي يجب أن لا يخفى عليه هذا الأمر باعتباره يترأس أهم المؤسسات المالية في الدولة وهو مصرف ليبيا المركزي، الأمر الذي يعد انفرادا منه بالأعمال الادارية والمالية للجنة، ودون وجود مكتب للمراجعة الداخلية اخلالا بنظام المراقبة المالية ، ومن الحسابات التي قام بفتحها على سبيل المثال، الحساب رقم ( 24040 ) بمصرف الجمهورية بنغازي، باسم لجنة الأزمة لتوفير الأدوية والمعدات الطبية، وأودع به مبلغ وقدره 70.000.000 د.ل سبعون مليون دينار ليبي بتاريخ 2018/08/29م دون موافاة ديوان المحاسبة بمصدر التمويل وحركة الحساب والعمليات المصرفية التي تمت عليه، رغم مطالبته من قبل ديوان المحاسبة بذلك أكثر من مرة.

وتضمنت أعمال لجنة المتابعة المعدة لهذا التقرير وتنفيذا للمادة الثانية من القرار رقم ( 8 ) لسنة 2022م، التحقيق مع محافظ مصرف ليبيا المركزي المكلف فيما يتعلق بالعراقيل التي تواجه مصرف ليبيا المركزي في تمويل الحكومة ممنوحة الثقة من مجلس النواب، حيث أفادنا برفضه لتمويل الحكومة خلافا لقانون الميزانية الصادر عن مجلس النواب بتاريخ 2022/06/29م مؤسسا رفضه على عدم قبوله بالصرف على المنطقة الغربية والجنوبية مناأقليم ليبيا ومعززا بذلك بذور الانقسام ومؤججا للرأي العام في تلك المناطق بعدم التعامل مع كل المناطق بأنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الليبية في الوقت الذي قام بصرف مبالغ كبيرة اقتربت من ملياري دولار عبر لجنة إعادة استقرار بنغازي – درنة دون صدور قانون يخوله بذلك كونها ميزانية استثنائية لم تتضمنها الميزانية العامة للدولة وتحتاج لقانون لتشريع صرفها وبالرغم من عدم اتباعه للأسس المحاسبية في استلام المشاريع التي قام بتنفيذها عبر شركات خاصة دون بيان نسب الانجازبها والصرف على ضوء هذه النسب.

هذا وقامت لجنة المتابعة والفحص وفي سبيل الوصول لأفضل النتائج لأعمالها بالاستعانة بديوان المحاسبة ممثلا في رئيسها “عمر عبدربه صالح”، وبمناقشته فيما تم الوصول إليه سواء من خلال فحص الدفعات المالية المقدمة لديوان المحاسبة عن المشاريع التي قامت بها لجنة إعادة الاستقرار في بنغازي أو درنة ، أو من خلال اجراءته بالفحص ، حيث تم رفض التصديق على عدد كبير من هذه الدفعات لوجود نقص في بيانات أذونات الصرف وعدم تقديم كافة المستندات المطلوبة للفحص وكذلك وجود أخطاء بشهادات الدفع، وللقصور وعدم الدقة في أعمال الاشراف على بعض الأعمال المنفذة من قبل مكتب المشروعات بالبلدية وعدم توخي الدقة عن اعداد التقارير الفنية عن الأعمال المنفذة من قبل جهة الاشراف … الخ من الأسباب التي تعذر معها التصديق من ديوان المحاسبة على شهادات الدفع.

وأفاد رئيس ديوان المحاسبة بالمنطقة الشرقية اللجنة بعديد من المخاطبات الموجهة للجنة استقرار مدينة بنغازي ولجنة استقرار مدينة درنة، واستقرار المنطقة الجنوبية، والتي قام من خلالها بتنبيه هذه اللجان بضرورة التقيد بالتشريعات النافذة والتي تلزمهم باخضاع عقود الأعمال والتوريدات التي تكون الحكومة طرفا بها، التي تزيد قيمتها عن خمسة ملايين دينار، باخضاعها لرقابة ديوان المحاسبة، والتحقق من صحة الوثائق والمستندات المتعلقة بصرف أي مبلغ ناتج عن أي عقد عقب الصرف مباشرة متى كانت قيمته تتجاوز خمسة ملايين دينار، وشدد على ضرورة اخضاع هذه العقود الرقابة الديوان، وهو ما لم يتم طيلة عمل لجنة استقرار بنغازي – درنة خلافا لنص المادة الأولى من القانون رقم ( 24 ) لسنة 2013 بتعديل القانون رقم ( 19 ) لسنة 2013 بشأن اختصاص ديوان المحاسبة بالاجمال تضمنت البلاغات الصادرة عن رئيس ديوان المحاسبة والموجهة لمجلس النواب ورئاسة الحكومة المؤقتة، تضمنت البلاغ الواضح والصريح عن جميع المخالفات المرتكبة من علي الحبري ، بصفته محافظا لمصرف ليبيا المركزي، ورئيس لجنة إستقرار بنغازي – درنة ، تضمنت إيضاح هذه المخالفات والتي ترتقي لجرائم جنائية مجرمة بقانون العقوبات وقانون الجرائم الاقتصادية رقم ( 2 ) لسنة 1979 وللتشريعات المالية ، ومنها على سبيل المثال لا للحصر، قيامه بفتح حسابات دون أخذ الموافقة من وزارة المالية أو دون علمها أصلا والصرف منها دون وجود مراقب مالي لمراقبة الايداع والصرف من هذه الحسابات وانعدام الشفافية وغياب المعلومات الدقيقة وبمعزل تام من وزارة التخطيط والمالية.

كما أفاد رئيس ديوان المحاسبة بالمنطقة الشرقية اللجنة أيضا بصورة ضوئية من الكتاب الصادر من مدير مكتب ضبط المخالفات المالية والموجه لرئيس هيئة الرقابة الإدارية والمتضمن التقرير المالي المعد عن المخالفات المرتكبة من قبل لجنة إعادة الاستقرار لمدينة درنة وأسماء المخالفين والتابعين في عملهم لعلي الحبري رئيس اللجنة والمحال نسخة منها للنائب العام للتحقيق فيما تضمنته الوقائع المبينة بالتقرير والتي تشكل جرائم تزوير والاهمال والتقصير في حفظ وصيانة المال العام وغيرها من الجرائم.

ولما كانت الوقائع المنسوب “لعلي الحبري” بصفاته ترتقي لمصاف الجنايات المجرمة بقانون العقوبات والقانون رقم ( 2 ) لسنة ص. 1979 بشأن الجرائم الاقتصادية، والتشريعات الأخرى والتي نذكر منها جريمة تزوير المستندات والوثائق الرسمية والاشتراك مع غيره في ارتكاب هذه الوقائع وجريمة الاهمال والتقصير في حفظ وصيانة المال العام وجريمة الكسب غير المشروع من أعمال وظيفته وجريمة اساءة استعمال سلطات وظيفته للحصول على نفع غير مشروع لنفسه ولغيره وأضرارا بالدولة و جريمة النصب والاحتيال المنصوص عليها بالمادة 461 فقرة 2 من قانون العقوبات بالحصول على نفع غير مشروع باستعمال طرق احتيالية واضرارا بالدولة ومن خلال المتابعة لأعمال الأجهزة الرقابية في ملفات لجان الاستقرار تبين وجود خلل وتقصير في أداء هيئة الرقابة الإدارية في متابعة أعمال لجان الاستقرار بما يحافظ على صحة وسلامة صرف الأموال العامة التي يتم صرفها لتنفيذ المشاريع المتعاقد عليها من هذه اللجان

.وفي ختام التقرير خلصت اللجنة إلى إقالة “علي الحبري” من منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي المكلف وانهاء عضويته ورئاسته للجنة إعادة استقرار بنغازي – درنة، وتكليف ديوان المحاسبة بمراجعة وفحص جميع المعاملات المالية والإدارية للجنة منذ تاريخ انشاءها وحتى الآن ومخاطبة النائب العام لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية حيال الجرائم المرتكبة ومباشرة إجراءات التحقيق الابتدائي في تلكم الجرائم.