حبارات يكتب: تحذير في غاية الأهمية حول آلية المراقبة الدولية لعوائد النفط الليبي

197

كتب: الخبير الاقتصادي نورالدين حبارات مقالاً

مسودة الوثيقة الدولية المتعلقة بالرقابة على عائدات النفط الليبي بشأن ضمان إستمرار تدفق إيراداته إلى حسابات المؤسسة الوطنية لدى المصرف المصرف الخارجي ومن ثم إحالتها إلى حسابات وزارة المالية لدى المركزي وذلك بحجة ضمان توزيع تلك العائدات وبالتساوي بين الليبيين وتحييد النفط عن الصراع السياسي .

هذه الآلية في حقيقتها ما هي إلا إنتهاك فاضح لسيادة ليبيا وتدخل سافر في شؤونها الداخلية حيث ستقيد هذه الآلية حريتها أي حرية دولة ليبيا في إستخدام وتخصيص مواردها النفطية وفق الخطط والبرامج المعتمدة ، كما ستقيدها في مراقبتها لتلك العائدات لضمان إستخدامها في الأوجه والأغراض المخصصة لها وذلك من قبل أجهزتها الرقابية المختصة .

كما إن هذه الآلية وسيلة ممنهجة لإطالة أمد الأزمة وتكريس الإنقسام وإبقاء الأجسام السياسية وكافة متصدري المشهد إلى أطول مدة ممكنة وذلك في مصادرة واضحة لإرادة الشعب الليبي في إقرار دستوره وإختيار من يحكمه عبر صناديق الانتخابات .

حيث تنص الوثيقة على إنتهاء أجل هذه االآلية في 31/12/2022 م وإلى حين إجراء الإنتخابات وتكليف حكومة منتخبة وهذا يعني ضمنياً إستمرار هذه الآلية إلى سنوات طويلة شأنها شأن إتفاق الصخيرات الذي يدخل بعد أشهر عامه الثامن وكذلك إتفاق جنيف الذي يدخل بعد أشهر عامه الثالث .

وهذان الإتفاقان إشترطا نهايتهما بإجراء الإنتخابات والتي لم ولن تجرى حيث أصبحت وللأسف من المستحيلات .

وطالما إن هذه الآلية تقف ورائها تحديداً الولايات المتحدة من خلال سفيرها تحت غطاء أممي وعربي فإن الهدف واضح وهو الإستيلاً على أموال الشعب الليبي بطرق ممنهجة والتحكم في موارده تحث ذرائع واهية ومبطنة ، وتذكرنا ببرنامج النفط مقابل الغذاء الذي هندسته الولايات المتحدة بعد غزو العراق للكويت في العام 1990 م حيث أدى هذا البرنامج في نهاية المطاف إلى إفقار الشعب العراقي وحرمانه من موارده النفطية لأكثر من ثلاثة عشر عام ، فاليوم هذا الشعب يعيش حياة بائسة لا تتناسب أبداً مع ثرواته ، كما إن هذا البرنامج  فتح أبواب الفساد على مصرعيه أمام الطبقة السياسية العراقية ومسؤولي الأمم المتحدة من خلال إبن أمينها الراحل كوفي عنان المتورط في قضايا فساد .

وعليه وبناء على ما تقدم .
يجب على الشعب الليبي رفض هذه الوثيقة السيئة جملةً وتفصيلا لإنها تمثل إلتفاف على إرادته ومصادرة لثرواته وتدخل في شؤونه الداخلية وإرتهان قراره ومقدراته للأجنبي .

وإذا كان المجتمع الدولي أو الولايات المتحدة جادين فعلاً في إنهاء الأزمة السياسية لفعلوا ذلك منذ سنوات و خلال أيام وجيزة لا سنوات والدليل فأنه وعلى مدى تماني سنوات لم يقروا أي عقوبات ضد المعرقلين رغم معرفتهم بهم و تهديدهم بذلك لعشرات المرات ما يعني لنا بمثابة ضوء أخضر لإستمرار الصراع وإذكاء الإنقسام و تفتيت وحدة البلاد بل هذه الدول تقف اليوم وبقوة ضد أي حل ليبي ليبي ينهي الصراع وذلك بعد أن أيقنت إن الليبيين قادرين على حل مشاكلهم بأنفسهم ولوحدهم .