حبارات يكتب توضيح “مهم جداً” حول قرار حكومة الوحدة الوطنية باعتماد مبلغ لباب التنمية

249

كتب الخبير بالشأن الاقتصادي “نور الدين حبارات” تدوينةً عبر صفحته على الفيس بوك عنونَها بأنّها توضيح مهم جداً حول قرار مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية بشأن اعتماد مبلغ 5.569,400 مليار دينار لباب التنمية.

حيث قال:” أصدر مجلس الوزراء لحكومة الوحدة الوطنية في الحادي و العشرين من نوفمبر المنصرم القرار رقم ( 655) لسنة 2021 م بشأن إعتماد مبلغ 5.569،400 مليار دينار لباب التنمية (مرفق صورة ) حيث تم تعميم هذا القرار أول أمس بتاريخ 7/12/2021 وفق ما تناقلته بعض وسائل الإعلام.

و الحقيقة إن القرار المذكور تشوبه العديد من المخالفات الجوهرية و الجسيمة التي من شأنها أن يعرض تلك المبالغ للهدر و العبث في ظل غياب قانون للميزانية و في ظل الظروف الراهنة و المعقدة التي تعيشها البلد بسبب ضبابية المشهد السياسي و حالة عدم اليقين حول خارطة الطريقة المعتمدة من قبل الأمم المتحدة و الجدل القائم بشأن الانتخابات.
و لعل أبرز هذه المخالفات:
1- السنة المالية وفق لقانون النظام المالي للدولة تبدأ من أول يناير و تنتهي في الحادي و الثلاثين من ديسمبر من كل عام أي لم يتبقى على نهايتها إلا بضعة أسابيع فقط .

في حين إن التفويضات المالية الخاصة بميزانية التنمية قانوناً يفترض إصدارها كل ربع سنوي طبقاً للخطة و الميزانية المعتمدة و وفقاً لتقارير متابعة مالية فنية تبين مراحل تنفيذها و نسب الإنجاز و قيمة الإلتزامات المالية القائمة عليها.
و من ثمة لا توجد أي إمكانية لصرف مبالغ كبيرة بهذا الحجم مقابل مستخلصات أعمال على تلك المشاريع في ظل ما تبقى من وقت .
2- إعتماد مجلس الوزراء لتلك المبالغ مع قرب نهاية السنة المالية قانوناً يعني إن تلك المشروعات لم يشرع في تنفيذها و لم يتم التعاقد بشأنها.
فالمادة (13) من القانون رقم (13) لسنة 1430 م ( 2000) بشأن التخطيط تنص صراحةً على الأتي ( يكون التعاقد على تنفيذ المشروعات أو الأعمال المدرجة في خطة التحول في حدود الإعتمادات المخصصة لها في تلك الخطة ، ولا يخل ذلك بإلتزام الجهة المتعاقدة بأن يكون الصرف في حدود الإلتزامات التي تدرج لتلك المشروعات أو الأعمال سنو
ياً في ميزانية التحول.
ولا يجوز الإرتباط بأي التزام أو تقديم أية أموال من ميزانية التحول من أجل تنفيذ أي مشروع أو عمل غير مدرج في خطة التحول ) ومن ثمّ التعاقد على تلك المشروعات قبل إعتماد المبالغ المخصصة لها إن حدث يعد مخالفة صريحة للقانون.
3- القانون المذكور أعلاه ( قانون التخطيط ) أشترط أيضاً ضرورة صدور تقارير متابعة مالية وفنية ربع سنوية للمشروعات المعتمدة والمتعاقد عليها وكذلك المشروعات الجاري تنفيذها تحدد الموقف التنفيذي لها على الأرض ومراحلها ونسبة الإنجاز فيها وأعتبر هذه التقارير شرط أساسي لصدور التفويضات المالية ، و لا يجوز إصدار أي تفويضات في ظل عدم وجود تلك التقارير و هذا يتعذر في ظل عدم إعتماد الميزانية العامة للعام الحالي.
وجميعنا تقريباً يعلم بإن الحكومة خلال أشهر ابريل و مايو و يونيو الماضية رفضت بالمطلق مطالب مجلس النواب بشأن تقديمها لتفاصيل و توضيحات حول ماهية المشروعاتً و البرامج التنموية التي أدرجتها بالباب الثالث ( التنمية ) و التي أقترحت لها مخصصات تقدر ب 20 مليار دينار ما أدى في نهاية المطاف إلى تعمق الخلاف بينهما و بقى مشروع قانون الميزانية حبيس الأدراج إلى يومنا هذا ..
وهذا ما يعزز فرضية إن الحكومة لم يكن لديها أصلاً أي خطط أو برنامجا لميزانية التحول.
4- إصدار وزارة التخطيط لأوامر صرف عوضاً عن تفويضات مالية وفق للقرار المذكور إجراء مخالف للقانون الذي يتطلب صدور تفويضات مالية إستناداً على تقارير متابعة مالية و فنية ربع سنوية و هذا لا يتأتى أيضاً في ظل عدم إعتماد قانون الميزانية.

وحيث إنه وفق لأحكام المادة (7) من قانون النظام المالي الدولة تلغى الإعتمتدات المالية المدرجة بالميزانية أو الإعتمادات الإضافية التي لم تصرف حتى أخر السنة المالية أي يعني تصفير أرصدتها و إعادة بواقيها الدفترية إلى حساب الإيراد العام بما فيها مخصصات باب التنمية سيما فيما يتعلق بالمشروعات التي لم يتم الشروع في تنفيذها، فإن المبالغ الواردة بالقرار المذكور لن يتم إعادتها.

طالما تم إعتمادها و تسييلها في هذا التوقيت أي مع قرب نهاية السنة المالية مما ستلجأ معه الحكومة إلى خصم أو تحميل تلك المبالغ على السنة المالية الحالية و إحالتها إلى حساب الأمانات و الودائع بحجة هناك إلتزامات مالية مستحقة مقابل أعمال على تلك المشروعات من واقع مستندات و ذلك تفادياً لإعادتها إلى حساب الايراد العام ، حيث يتيح لهذ الإجراء التصرف فيها بأريحية لاحقاً أي بعد نهاية السنة المالية دون الحاجة إلى إنتظار ميزانية العام القادم وصدور تفويضات مالية بشأنها و يجنبها أيضاً رقابة وزارة التخطيط.

وأخيراً فالسؤال هو: كيف لحكومة لم يتبقى من عمرها سوى أسبوعان فقط وفق لإتفاق جنيف الذي أتت بموجبه، كيف لها القدرة على تنفيذ و متابعة برامج و مشروعات تنموية بقيمة 5.659،400 مليار دينار؟

يبدو إن الصرف بدون إعتماد قانون للميزانية يلزم الحكومة بجباية الإيرادات المقررة و إنفاقها في الأوجه و الأغراض المخصصة وفق قيود و ضوابط محددة يتيح للسلطة التشريعية و أجهزتها الرقابية مراقبتها و متابعتها ، يبدو إنه بالفعل ضريبة مجحفة يدفع ثمنها المواطنين البسطاء في شكل إنعدام للتنمية و تدهور للخدمات، فغياب هذا القانون من شأنه أن يعرض أموالهم للهدر و العبث و سوء الإدارة لإنها سوف تُصرف دون حسيب أو رقيب.