حول قرار تخفيض سعر الصرف.. حبارات يكتُب

1٬159

كتب نور الدين حبارات المهتم بالشأن الاقتصادي مقالاً:

توضيح في غاية الأهمية حول قرار تخفيض سعر صرف الدولار عند 4.26 .

يجب أن يدرك مجلس إدارة المركزي إنه عندما تم تخفيض سعر الدينار في ديسمبر 2020 م عند سعر 4.48 في إطار ما يسمى بتوحيد سعر الصرف، إن الظروف آنذاك ليست كما هي اليوم، فخلال العام 2020م توقف تصدير النفط بشكل شبه كامل فضلاً عن هبوط أسعاره في الأسواق العالمية إلى ما دون 30 دولار للبرميل بسبب تفشي و انتشار وباء كورونا، فإجمالي الإيرادات النفطية خلال ذلك العام لم تتجاوز 3.000 مليار دينار أي ما يعادل 2.145 مليار دولار على سعر 1.40، و العجز في ميزان المدفوعات قارب من 9.500 مليار دولار .
في حين العجز في الميزانية العامة أو الترتيبات المالية في ذلك العام قارب من 26.000 مليار دينار و بما نسبته ‎%‎67 من إجمالي قيمة الترتيبات المالية التي لم تتجاوز 38.5 مليار دينار.
لكن هذا العام الظروف تغيرت و هي أفضل.
فأسعار النفط تزايدت بشكل ملحوظ قياساً بما كانت عليه خلال العام 2020 م فهي اليوم فوق عتبة 90 دولار للبرميل و يتوقع أن تتجاوز حاجز 100 دولار للبرميل مع سريان نفاذ قرار مجموعة أوبك + في الأول من نوفمبر القادم بشأن تخفيض كمية الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يومياً ما سيؤدي إلى انخفاض حجم المعروض وزيادة معدل الطلب خاصةً وأننا على أبواب شتاء يتوقع أن يكون قارس.
و الاحتياطي الأجنبي اليوم في وضع أفضل نسبياً فميزان المدفوعات يتوقع أن يظهر فائض أو أن يتوازن على أقل تقدير.
و على الجانب الآخر الحكومة تحصلت على فوائض مالية تقدر بـ 20 مليار دينار خلال العام 2021م ويتوقع حصولها على القيمة ذاتها مع نهاية العام الحالي 2022م فضلاً عن بواقي إيرادات الرسم أو الضريبة على مبيعات النقد الاجنبي فهي لم تعد تعاني من عجز مالي رغم عدم إفصاحها عن حقيقة ذلك.
ومن ثم تخفيض سعر الدولار بقيمة 220 درهم كما قرر مجلس إدارة المركزي بموجب قراره الصادر مؤخراً لن يكون له أثر سلبي على الأوضاع المالية للحكومة .
فلو افترضنا جدلاً إن إجمالي الإيرادات النفطية لهذا العام تقدر ب 27 مليار دولار ، فإن حصيلة مبيعاتها لكافة الأغراض على سعر 4.26 تقدر ب 115 مليار دينار وهذه بالتأكيد حصيلة جيدة ومريحة .
اقتصادياً كان يفترض مراجعة و تقييم قرار تخفيض سعر الصرف دورياً و ذلك بعد قرابة عامين من نفاده للوقوف على أثاره و تداعياته على الاقتصاد وعلى الأوضاع المعيشية للمواطنين.
فالقرار كان سبب مباشر في ارتفاع معدلات التضخم، سيما في السلع والخدمات الأساسية، كما كان سبب مباشر في تأكل القدرة الشرائية للمرتبات ودخول المواطنين ومدخراتهم ما أدى إلى تزايد المطالب برفع المرتبات، والأسوء من ذلك إن القرار سيل لعاب الحكومة وفتح شهيتها للإنفاق و بمعدلات تقارب من ‎%‎100 عن حجمه في سنوات 2018 و 2019 م ، فالحكومة لم تعير أي أهمية لانخفاض سعر الدينار طالما ذلك يخدم مصالحها في تمويل ميزانيتها بأريحية دون أي عناء .
و في الختام يجب أن يدرك السيد المحافظ إن تخفيض سعر الدولار رسمياً بمقدار 220 درهم انخفاض طفيف جداً لا يذكر، و إن هناك فرصة حقيقة لاستعادة الدينار لقوته تدريجي قد لا تتكرر، كما يجب عليه الإيفاء و الالتزام بتعهداته بشأن إعادة النظر في سعر الصرف والتي أطلقها قبل عامين، لكن الأهم من كل ذلك هو إن عدم اتخاذ أي قرار في هذا الشأن يفهم بمثابة ضوء أخضر للحكومة وتشجيعاً لها على مزيد من التوسع و الإسراف في الإنفاق على حساب المواطنين البسطاء و هم الأغلبية الساحقة ما يعني استمرار و تفاقم أكثر لمعاناتهم.

نورالدين رمضان حبارات
متابع و مهتم بالشأن
الإقتصادي و السياسي